حفنة النرجس

العاشر

وقف أمام هيئة المُحلفين بحلته الرسمية، قدم المستندات، وهو يقول أخر كلماته:
-وهكذا ارتقبتا الجري.مة، واحدة بدافع الانتقام والاخرى بدافع إنهاء الابتزاز المستمر، ورغم دوافعهما القوية، فلم يكن المجني عليه من القسيسين ولا الرُهبان أنما كان مُتعدد العلاقات النسا.ئية، ذا سمعة سيئة، مُب.تز من الدرجة الاولى فقد هدد المتهمة آنا سيدريك بفضحها ببعض الصور الشخصية إذا لم تمتثل لأوامره وتتنازل عن نصيبها من ميراث والدها، وأما ماريا فقد قتل المجنى عليه والدها عند شبابه ليستولي على حصته في شركتهما المشتركة، وهكذا أجتمعت المصالح لقتله، ورغم ما ذكرتُ فهذا ليس دافع للقتل ولا مبرر له، فهناك عدالة ومحكمة لتأخذ الحقوق فنحن لا نعيش في غابة ليسري علينا قانونها، وأترك لعدالتكم الحكم الناصف.

ارتفعت الاصوات فترك إيدريان قاعة المحكمة تاركًا خلفه شخص تقصم ذاته، وأنخرط الحزن بقلبه، يتمتم ما قاله إيدريان بزهول ويتسأل كيف لهذة الرقيقة بأن تقتل، كيف تخدع وتظهر حب من تكره، كيف يستطيع الأنسان التلوين هكذا مثل الحرباء، مئة سؤال يبدأون بكيف وإجابتهم واحدة وهي أن البشر يتغيرون عبر الازمان وهكذا حتى وصلنا لأسوء مجموعة بشرية وُجِدت على هذا الكوكب الملعو.ن البائس والتعيس.....

استقل سيارته ولم ينطلق، ينظر بشرود للطريق، يشعر برغبة عارمة على تسلق افاق ذكرياته، فرغم بساطة الجريمة هذة المرة فقد ادى القدر مهمته بأكمل وجه، وكما لم يفعل من قبل فكان بداية حل الجري.مة من مجرد صدفة لتصب نهايتها إلى صدفة، فلم يكن شاكرًا للقدر مثل اليوم....

عبث في دفتر ذكرياته ليظهر أمامه غرفة باللون الازرق، على طول جدرانها مئات الكتب، كتب لم تُمس موجودة (كديكور) لا أكثر فصاحبها يرى في قرائتها مضيعة للوقت وهو ذا الوقت الثمين، وأشياء اخرى لا داعي من ذكرها، أشياء موجودة في كل المكاتب أشياء لا تجذب الانتباه، لكن ما يجذبه هذا الغطاء الابيض الشفاف الذي لا يتلائم مع نظافة الغرفة، غطاء مطبوع عليه حرف(....) ليدل على (مركته)، ارتدى كفازاته وانحنى ليلتقته، وقرر إرساله إلى الطبيب الشرعي لرفع البصمات من عليه، فكان هذا بداية الخيط، بداية خيط العنكبوات الذي بدأ يُحل بعد أن تعقد، وتداخل أكثر من تداخله عندما ظهر كذب ماريا في الصورة، ليبقى سبب كذبها حتى هذة الذكرى مجهول......
_______________________
أسندت يدها على وجنتها بحيرة، لا تعلم ماذا تطبخ، الخيارات متعددة....

ابتسمت بسعادة، أثناء توجهها الى أحد الرفوف، تأكدت من وجود الطحين الكافي، والمكرونة، ذهبت إلى الثلاجة، واخرجت الحليب، والبيض....

قطعت البصل الى شرائح، وغسلت شرائح (البانيه) جيدًا وأعدته ليبقى على التسخين، وادخلتها الثلاجة مُجددًا

بدأت بأشعال النار، اختارت أحد الاواني متوسطة الحجم، وبدات بوضع السمن والدقيق، لتُضيف له الحليب....