الفصل التاسع والعشرون "ماذا يحدث في فرنسا؟"

36 3 0
                                    


استيقظت مريم على صوت المنبه المزعج ولكنها ولأول مرة لا تتذمر على صوته، فقامت من على السرير بابتسامة مشرقة تزين ثغرها، أقتربت من الخزانة وأختارت بنطال بني فاتح وسترة بنفس اللون تحتها قميص أبيض، بدلت ملابس النوم بالملابس التي أختارتها لتوها، وجعلت شعرها على شكل غديرة وتركته ليستقر على ظهرها ووضعت في مقدمت الغديرة مِشبك على شكل فراشة فضية الللون يتخلل جناحيها لون ذهبي، وتركت بعض الخصلات تدنو على وجنتيها، نظرت لانعكاس صزرتها في المرأة لتبتسم برضا وتنفست بعمق وهي تحدث نفسها بصوت هامس:
-سنبدأ حياة جديدة، ونغلق على القديمة بكل مأسِيها، وكما أعتدتُ سأعيش على ذكراهما، ولعلي أشتاق لشيء قد تركته في مصر ولكني سأحارب هذا الشعور، ههي أحلامنا تتحقق.. نعم وحيدة؛ ولكن هذا أختياري، ووحدتي لن تدوم، فسأعود لحياتي القديمة عما قريب ولكن كل ما أريده هو مُهلة لا أكثر لأتعافى، وهذه المُهلة سأكون فيها وحدي...

عادت بذاكرتها لأول يوم لها في منزلها في فرنسا
كانت الساعة العاشرة مساءً والقمر مُختفي عن الأنظار، تجلس في ركن بعيد في غرفتها تحتضن قدميها في محاولة لتدفأة قلبها ولكن الشتاء قد أستقر عنده، فلا ملابس تدفأه ولا نار تمحي أثار الجليد من عليه، حتى سمعت طرقًا على الباب..

كانت تشعر ببعض الوهن مع آلم في قلبها_موضع أستقرار الآلام كما تدعوه_ عيناها مُحمرتان من كثرة البكاء، فتحت الباب ليُحدث صرير بسيط يكاد لا يسمع لترى ألكس وماكس أمامها، تقترب منها ألكس وتحتضنها فتبادلها مريم العناق وتطوق خصرها بكلتا يديها وألكس تقول:
-لماذا لم تخبريني بقدومك؟
-جاء الأمر سريعًا.

تطلق كل منهما ليديها العَنان فيفترقا ويقول ماكس مقترحًا:
-ما رأيك في التسكع قليلًا؟

أدخلت يدها في خصلات شعرها بلا أرادية وقالت:
-لا أرغب بلقاء البشر، لقد تركت مصر لأن روحي كانت مُثقلة بطريقة لا أتحملها ولم أستطع التعافي في ظل وجود الجميع حولي، أردتُ بعض المساحة والوقت لأفهم نفسي وأفهم ما أريد، أنا أعلم أنكما قلقَين عليَّ وتحاولان مساعدتي ولكن الطريقة الأنسب لذلك أن تتركاني أتعافى بمفردي.
-ولكننا لن نترككِ وحدكِ!

لتمسك بيد ألكس بحنان وتقول:
-أنا أعدك أني من سيأتي لكِ عندما أصير أفضل، ولكني لن أتحسن في ظل وجود الناس حولي، فلو كان ذلك العلاج لكنت تعافيت في مصر، كل ما أريده أن أفهم نفسي وأفهم ما أريد.

عانقتها مجددًا وقالت ببعض الأمل:
-لكِ كل الوقت، ونحن هنا متى أحتاجتنا، إلى اللقاء.

قالت بصوت واهن:
-إلى اللقاء.

عادت من ذاكرتها وهي تستقل الحافلة لتتوجه لعملها وهي تنوي أنها اليوم ستذهب لألكس وماكس وتخرج معهما قليلًا.
______________________
كان يجلس وسط أصدقائه الجُدد يتحدثون في شتى المواضيع التي يطرق لها عقلهم، ولكن عقله سابح في ملقوته الخاص
"ومن قال أن المدرسة لأعادة التأهيل وبناء المجتمع، فليست سوى سجن يحبس مجموعة من المراهقين ذي الأفكار التنمُرية _والأنحر••افية_ المائلة للعنف السبب في زيادة توحد الكثير من الأطفال، ولكن رغم مساوئها فبدونها لن يكون للأنسان مستقبل، فمن سيُملي عليَّ متى أستيقظ وماذا سأدرس ومن سأصاحب وكيف يجب أن أفكر..."

حفنة النرجس Where stories live. Discover now