الفصل السادس و الأربعون_الجزء الثاني (تتعرفون عليها؟!)

67.6K 3.3K 2.2K
                                    

"الفصل السادس و الأربعون"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_________________________

أبصرتُ فيكَ الأمان....فلاحقني منك الخذلان.
_________________________

أسيرُ في قلقٍ منذ أمدٍ كاملٍ، أشبه في ضعفي ورقة خريفية أسقطتها من جذورها الرِياح، أجوب الطرقات أملًا في طيْب خاطري أبحثُ عن المُستراحِ، يا ليت هذا لم يكن زماني، يا ليت دنياي تُكرمني بالسماح، كنت أخطو طوال الدهر طامعًا في الآمان و لكن ما ذاقه قلبي فقط كان الحِرمان، يا ليتني وافقت  قلبي حينما قال:
"كَيْفَ تَبحثُ عَنْ الأَمّـانِ
فِي مَضّاجِعِ قَسّوَةِ الحِرمّانِ؟
كَيْفَ تُبصِر أملًا في الحَنان؟
وَ أنّتَ مَكْتّوبّ عَلّيْكَ الخَذَلان؟
انّتَبِه فأنّتَ لَازِلتَ فِي الدُنيا
و رَاحَتَكَ فَقطْ فِي الجِنْانِ

في بعض الأحيان تكن الأمور أكثر خطورةً مما هو متوقع، و لكن هل لخيبة الأمل صوت؟ في الأصل "لا"، و لكن ماذا عن صوت تكسير القلب، أجزم الآن بأن قلبه تفتت إلى أشلاءٍ لم تعد تنفع بشيءٍ، خذلانه في كل ما يملكه بات واقعًا مريرًا أمام عينيه، و كأنه ضُرب من العدو في قلبه بسهام الغدر، هكذا وقف «ياسر» بينهم جميعًا و ما جعل الأمر يزداد سوءًا هو تعرف والده على «خالد»، وقفوا البقية منقسمين إلى نصفين، نصف يشعر بالتعجب الممتزج بالحيرة و الجزء الأخر يشعر بالخوف، حتى تحدث «سمير» مُرحبًا بباقي الشباب بقوله:
"أنا غالبًا كدا عارفكم كلكم....هو حضراتكم تعرفوا بعض ؟!"

ضغط «ياسر» على جفنيه بوجعٍ مزق نياط قلبه و كأنه نسيجًا التهمته النيران، طالعه «سمير» بتعجبٍ من حالته بل من حالة الصمت المخيم عليهم، و مع طيلة الصمت سأله بتعجبٍ:
"مين حضرتك ؟! مظنش اتقابلنا قبل كدا، و حضرتك كمان مين؟! الأساتذة شوفته"

وجه سؤاله لكلًا من «ياسر» و «وليد» فهذه مرته الأولى التي يراهما بها، حتى استطاع «ياسر» إيجاد صوته أخيرًا وهو يقول بتهكمٍ لأخوته:
"قولوله أنا مين، عرفوه و لا أعرفه أنا ؟! خلاص هعرفه أنا"

ظهر الخوف على ملامح الثلاثة و هم ينظرون لبعضهم حتى اقترب «ياسر» منه خطوة يمد يده له وهو يقول بنبرةٍ جامدة:
"معاك الدكتور ياسر....ياسر سمير أبو اليسر.....تحب أكمل ؟!"

جحظت عينيه خارجًا وهو يطالع ابنه أمام عينيه، بينما هو انزل يده ثم رمق الجميع بنظرة قهرٍ ثم تحرك من أمامهم يخطو نحو الخارج، التفت ثلاثتهم و معهم «وليد» الذي التقط ما يحدث حوله فورًا حتى يلحقون به، بينما بقية الشباب وقفوا يطالعون بعضهم بتعجبٍ و حيرةٍ خاصةً بعد اهتزاز جسد «سمير» حتى استند على الطاولة الموجودة أمامه، و في تلك اللحظة اقتربت منه «جيسي» تسمك يده مُسرعةً قبل أن يسقط ثم قالت معتذرة منهم:
"معلش أنا متأسفة هو بس تعبان شوية و ماخدش الدوا، عن اذنكم"
حركوا رأسهم بموافقةٍ و هي تتحرك به من أمامهم و لازالت الحيرة تُخيم على قمسات وجههم جميعًا.

تَعَافَيْتُ بِكَحيث تعيش القصص. اكتشف الآن