الفصل السادس و الستون_الجزء الثاني (الكرة في ملعبه)

65.1K 3.5K 840
                                    

"الفصل السادس و الستون"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_________________________

"وقعتُ أسيرٌ في لمعة عينيك، شدتُ رحالي لأخطو إليكِ"
_________________________

مثل ورقةٌ بيضاء وقع عليها حِبرٌ فأصبحت مُلطخةً و غير قابلة للاستخدام قط، حتى أتى "هو" فكان مثل السِحر أمام الحِبر حتى أُزيل أثره تمامًا و عادت الصفحة بيضاء من جديد، ها قد عدنا و عادت صفحاتنا لنَخُط بها مرةً أخرىٰ و ندون بها حياتنا حلوةً أو مُرة.

"خليك....يا ياسين....متمشيش"
تفوه بها «يوسف» في نومه يهزي دون أن يشعر هو بذلك، لمعت العبرات في عينيه اللاتي ثبتهما عليه و الأخر يرتجف بشدةٍ و جسده يرتعش كمن مسه ماس كهربائي، رفع كفه يسمد على خصلات شعره مثل الأب الذي يجلس بجوار ابنه أثناء مرضه، في تلك اللحظة دلف الرجل "محسن" و هو يقول بلهفةٍ بعدما جلب ما طلبه منه «ياسين»:

"اتفضل يا بشمهندس ياسين، جيبتلك مياة بتلج و معاهم ازازة خل، اتفضل ربنا يجعله بالشفا"

أخذ منه «ياسين» الأشياء ثم وضعها على الطاولة الصغيرة المجاورة للفراش، فيما وقف الرجل يتابعه بقلقٍ بلغ أشده و ارتسم على ملامحه و هو يتضرع لله سبحانه و تعالى أن يُعيد لذلك الشاب عافيته، شرع «ياسين» في عمل الكمادات الطبية له بالماء المثلج الذي أخذ حرارته الباردة من مُكعبات الثلج المُضافة إليه.

تمم «ياسين» عمل الكمادات الطبية مُمررًا القماشة القطنية في مختلف انحاء جسده، ثم قام بسكب الخلِ على كفيه و قام بمسح جسده به و بعدها رفع الغطاء عليه يدثره به جيدًا و هو يربت عليه بأسى بحنانه المعتاد الذي يغدق به الجميع.

تنهد هو بعمقٍ بعدما لاحظ انخفاض الحرارةِ بدرجةٍ ملحوظة، جلس على المقعد مرةً أخرى فسأله "محسن" بنفس القلق البادي على قسمات وجهه:
"ها يا بشمهندس ياسين؟! الحرارة نزلت شوية؟! طمني؟"

حرك رأسه موافقًا حركةٍ خافتة بالكاد تُرى بالعين و تدل على تحرك رأسه، فخرج الرجل من الغرفة بصمتٍ و عاد مرةً أخرى تحت تعجب «ياسين» حينما قلب فمه للأسفل بحيرةٍ، حيث وجده يدلف له من جديد و في يده صندوق للاسعافات الأولية، قطب «ياسين» جبينه بتعجبٍ فتحدث الرجل و هو يلهث بقوةٍ من فرط حركته:
"تعالى يا بشمهندس علشان اداوي جرحك قبل ما يورم، تعالى يلا"

رد عليه «ياسين» برفضٍ قاطعٍ:
"لأ يا عم محسن متتعبش نفسك، أنا هغسل وشي و هشوف مرهم كدا و لا حاجة"

اقترب منه الرجل يجلس أمامه و هو يقول بنبرةٍ مُصرة على قراره:
"لأ مينفعش، جرحك كدا هيلتهب و كدا غلط، أنا هطهره ليك و هحطلك مرهم، تعالى بس"

حرك رأسه موافقًا مُستسلمًا لحديث الرجل و هو يعلم تمام العلم أنه محقًا تمامًا، أمسك الرجل وجهه براحةٍ ثم أمسك القطنة الصغيرة بعدما قام بوضع المُطهر عليها يقوم بتطهير جبينه ثم أعاد الكُرة من جديد و هو يطهر الجرح الذي وقع على جبينه يفصل بينه و بين عينه اليُسرى مسافة قليلة، شرد «ياسين» في وجه الرجل و هو يبتسم بحنينٍ جارف حينما تذكر موقفًا مشابهًا لذلك مع "رياض"، لمعت العبرات في عينيه و راح عقله يصور له ذلك المشهد كما لو أنه واقعًا ملموسًا يُجسد أمام ناظريه.

تَعَافَيْتُ بِكَحيث تعيش القصص. اكتشف الآن