30

341 58 170
                                    

'The facts lie at the deepest point'

' الحقائق تقع في أعمق نقطة '



خلفَ أسوَار تلك الغرفَة الباردَة حُبسَت كاترينا هناك بالداخل عن طريق ذلك الرجل الشّرير، فتاة بِعمر الزهور قَد باتت تُعنّف بسبب عجوزٍ حقير ، لم يعرف معنى الأبوة يوما ، بل حتى إبنته لم يشفع عنها و عاملها كفتاة غريبة عليه...أشبعها بصفات مزيفة فقط من أجل إرضاء نفسه الدّنيئة. المراهقة أخذت تبكِي بِصَمت تحاول عدم إظهار ضعفها للعلن بالرغم من عدم وجود أي أحد غيرَ نفسها و لكنها تريدُ أن تكون قوية،تريدُ الهرب من هذه المصيبة التي عاشت بداخلها منذ نعومة أظافرها.

قَرٌرت بعد تفكير قصير أن تجازفَ بتصرفاتها و حينما جاء ذلكَ الرجل من أجل أن يُعطِها  بقايا طعامِِ قديمِِ ،  هي أمسكت يَده تمنعه عن الرحيل ، تترجاه بملامح وجهها الحزينة -" أرجوكَ يَا   هارفرد ساعدني ..قدّم لي هذا المعروف من فضلك إنني أترجاك ، فَلم أعد أستطيعُ التحمل .."
بِنبرَة مضطربة باكية هي تحدثَت ليُجبيها ذلك العشريني ، يتصنعُ البرود أمامها -" تدركين جيدا بأنه لا يمكنني مساعدتك يا كاترينا ، فحياتي ستصبحُ في خَطر .. !"
سحبت الفتاة كفّه بقوة ناحيتها لتُردف بصوتها البائس-" لن تفعلَ شيء ً سوى أن تَقُم بإيصالِ رسالة إلى فرانسوا دينور، أخبره بأنني أريدُ المساعدة و بالطبع سيأتي من أجلِي، أرجوك؟"

إنهارت باكية حينما تركها الشاب هناك وحيدة ، ليهم راحلا محاولًا عدم الإستسلام لها و لضعفها، يهرب من أجل إنقاذ حياته و عدم وضع نفسه في الخطر الذي أمامه ، أما كاترينا فلم تستطع الصبر أكثر من هذا و أمست تتمنى الموت على بقائها في هذه الحالة الشنيعة..

حينما يصلُ البشر إلى مرحلة معينة كل ما سيتمَنونَه هو الموت، الموت على أن يعيشوا حياةّ قد مرت عليهم بعبارات من الحزن و التعاسة، حياة ممتلئة بمشاكل تَقهرُ قلبَ الإنسان لدرجة أن ما يعيشونه قد باتَ مكروها ، البشر يقفونَ بكل قوتهم إلى أن  يضعفَ جميعهَم بِتشاؤمِِ كَبير، يريدون إلقاء حتفهم على أن يعيشوا أياما كهذه، أيامٌ كان النوم هو الشيء الوحيد الرائع فيها ، لكنه حتى هو باتَ عكسَ ذلك مع مرور الوقت ،  لم يَعد أحدٌ منهم بإمكانه إغماض جفْنيه و الذهاب إلى عالم الأحلام، فحتى أحلامه قد باتت كوابيسًا كحياتِه في الواقع.

من الجهة الأخرى فرانسوا كان مع إليوت في المستشفى من أجل نزع جبيرته بعد عناء قد دام لأسبوعين ، فها هو ذا قريبا سيعود إلى حياته العادية ، بحيث يجب عليه أن يتحضر لجلسة المحكمة الخاصة بقضية إيناس و التي ستكون بعد أيام قليلة فقط، طوال الوقت كان يفكرُ في حل يليق على هذه المشكلة و أخيرا أتته الفرصة لذلك ، فالحلول قد باتت أمامه بعد صبرٍ جميل.

صَبْوَة 1962 / [ مُكتملة ]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن