الفصل الثاني

79 7 2
                                    

امرأة المصائب !
فتاة المصائب ..
جالبة المصائب .. آفاق ..
ذات الآفاق المهجورة !

أنت بتقول إيه يا حيوان !
صرخت بجملتها وهي تهوى بكفها على وجهه فجز الرجل على أسنانه بغضب قبل أن يدفعها في الحائط بعنف :
زودي في عقابك أكتر يا آفاق شاطرة .
حاولت التحرر من يده بصعوبة واشمئزاز من لمسه لها فأمسكت بمشرط كان على الطاولة ووضعته على رقبته بتهديد :
أبعد وإلا هقتلك ..
ابتسم بسخرية واقترب منها أكثر فضغطت على المشرط حتى خدشته فابتعد عنها واضعاً يده مكان الجرح متمتماً بتحذير :
تمام أنت المسؤولة عن اختيارك .
صمت لوهلة وهو يضع قطنة على جرحه ثم أكمل بخبث متلذذاً برؤية الخوف يتشكل عليها :
صورك وعنوانك حالاً هيكونوا عندهم بما أنك رفضاني .
كاد أن يخرج ثم توقف وأكمل بتهديد :
حتى لو فكرتي تسيبي الشغل وتغيري عنوان بيتك هجيبك لأنك عجباني وأنا يستحيل أسيب حاجة عجباني !
انهارت على المقعد بخوف شديد حتى بكت بقوة وصوت همسها يعلو :
يا رب ساعدني يا رب ..

ثم ماذا ؟
سأله ماضي من بين ضحكاته بصعوبة فأجاب بحنق :
لم تكن معجبة بي وأرسلها أبيها لأنه لاحظ إعجابي بها فرفضت ومن وقتها لم ألتفت لامرأة أخرى.
صدعت ضحكات ماضي بقوة بعدما نسى شجار ماسال معه وحُشر في ذكريات آدم ، رددّ آدم من بين ضحكاته :
لا تضحك على أحزاني يا رجل !
تمتم الآخر وهو يعتدل لينام :
حسناً ليلة سعيدة .
ردّ آدم وهو يغمض عينه والبسمة لم تترك فمه :
ولك أيضاً .
قبل أن يغوص في سبات عميق شعر بماضي يحتضنه فتصلب جسد الثاني ونظر له بتردد فاستمع لهمس ماضي وهو مغمض العينين :
عناق أخوي يا صغيري أحتاجه منذ زمن .
وعلى غير المتوقع استدار آدم وبادله العناق حتى غفى كلاهما براحة وعمق .

في الصباح :
خرج آدم من القصر واستقل سيارة أجرة وذهب لمعرض سيارات واشترى سيارة ضخمة كالسابقة ثم قرر الذهاب للمشفى ليرى ذات الجدائل .
ترجل أمام المشفى ووقف يخبر الفتاة بالإنجليزية بأمل أن تفهمه :
أريد أن أفحص جرح في معدتي .
لم تفهمه الفتاة فأخرج هاتفه وترجم كلماته فأخبرته بأن ينتظر دوره ، جلس على المكان التي أشارت عليه وظل يحرك قدمه بملل ثم لاحظ انشغالها فتحرك نحو غرفة الكشف ، فتح الباب ووقع نظره على طبيب يفحص طفلة فهتف باعتذار :
عفواً أبحث عن الطبيبة ذات الجدائل هل تعلم مكتبها ؟
سأله الطبيب بتعجب وبالإنجليزية :
ماذا ؟
صحح عبارته ببسمة صغيرة :
أقصد الآنسة آف .. آفاق .
نطق اسمها لأول مرة بصعوبة فخرجت ببحة كترنيمة عذبة فأخبره مكان مكتبها ، تحرك للطابق العلوي وهو يردد اسمها حتى ينطقه بطريقة صحيحة :
آفا .. آفاك .. آفاق ، أفتح فمك وامنع نفسك في آخر اسمها آدم .
رمقته ممرضة بتعجب من حديثه مع نفسه بلغة غريبة تجاهلها وصعد للطابق ثم توجه لمكتب آفاق ودق الباب ودخل ، لم يجدها بالداخل فجلس أمام مكتبها ينتظر قدومها .
دخلت آفاق مكتبها راكضة ثم أغلقت الباب خلفها وصوت أنفاسها يعلو كدقات الباب فبكت بحرقة :
أبعد عني يا نائل سيبني في حالي ..
أتاها صوته من الخارج :
افتحي الباب يا آفاق بلاش الناس تتفرج علينا .
ماذا يحدث ؟
استمعت لصوت آدم من خلفها فالتفتت ترمقه بصدمة :
ماذا تفعل هنا ؟
تجاهل سؤالها وهتف بغضب :
من ذلك ولما خائفة منه ؟
نظرت له بعجز ثم استعمت لصوت المدعو نائل بغضب :
افتحي الباب وإلا أقسم بالله لأفضحك في المستشفى كلها .
جذب آدم ذراعها لتعود بتركيزها لها فارتجفت بفزع ثم رددّ بجدية ويداه تتسلل خلف جاكيته :
لا تخافي أنا جوارك أخبريني ماذا يريد منكِ ؟
نظرت له بخوف وتوتر قبل أن تتفوه بكلماتها بسرعة وعقلها يخبرها أنه سيساعدها كما أنقذها من قبل :
ذلك الرجل لديه صور تخصني قام بالقرصنة على هاتفي وأخذ منه الصور وتلاعب فيهم ويهددني بهم .. أرجوك ساعدني .
نفر عِرق في جبينه بغضب شديد كعروق رقبته قبل أن يتحرك يفتح الباب :
لا تقولي عنه رجل ..
بمجرد فتحه للباب كان يجذب " نائل " بقوة وباليد الأخرى كان يلكمه عدة مرات فصرخ الأخر بتألم وهو يسبه فجذبه آدم من ياقته يرفعه ليصل لطوله وباليد الأخرى كان يرفع سبابته ووضعها أمام فمه بتحذير :
إن سمعت صوتك سننتقل لمرحلة لن تنال إعجابك !
التف برأسه لآفاق وأشار لها ببسمة هادئة لا تناسب الوضع :
أغلقي الباب يا ذات الجدائل وإن كنت تخافين الدماء انتظري في الخارج .
أغلقت الباب ووقفت خلفه تشاهد رعب نائل بين يد ذلك الوحش الذي تمتم ببسمة مختلة أظهرت أسنانه البيضاء :
والآن ستعطيني صور الآنسة آفاق أم ننتقل للمرحلة الثانية ؟
صاح نائل بصوت مرتجف في محاولة للتماسك :
لن أعطيك صورها بتلك السهولة ومن الأ..
ابتلع باقي كلماته بصدمة وهو يراه يضع مسدس على جبينه ويسأله بنبرة هادئة :
والآن ؟!
ردّ بهلع :
في هاتفي .
دس آدم يده في جيبه وأخرج هاتفه ثم رماه لآفاق وسأله بصرامة :
الرمز ؟
أملاها إياه ففتحت الهاتف وبعد دقيقة كانت تردد بصدمة :
كل دي صور بنات معاك !
سألها آدم بعدم فهم :
ماذا حدث ؟
ردتّ بضيق :
ذلك الوقح يمتلك العديد من الصور لفتيات غيري .
أزالت كل الصور ثم تقدمت تعطيه الهاتف فمنعها آدم :
سيبقى معنا .
ثم أدار يد نائل للخلف وجعله يتحرك أمامه والمسدس يضعه على ظهره في الخفاء :
سنذهب لمكتبك حتى أرى حاسوبك إن أصدرت صوت ستخترق الرصاصة ظهرك ثم تمر في جسدك وصولاً لمعدتك .
ارتعب نائل وتحرك بصمت ، همست آفاق بفضول وهي تسير جوار آدم :
لما تمتلك مسدس هل أنت ضابط ؟
كاد أن يجب آدم فقاطعته ببديهية :
بالتأكيد ضابط لقد أنقذتني من قبل أنت ..
ردّ ببساطة كادت تصيبها توقف قلبها من هول الصدمة :
لا أعمل مع المافيا في المساء ورجل أعمال في الصباح ولكنني لم أمارس مهنتي منذ مدة وذلك الوغد صاحب الحظ السعيد .
حاولت تخطي صدمتها وظنت أنه يمزح فضحكت وهم يدخلوا المكتب وأغلقت الباب خلفها :
وفي المغرب ما مهنتك !
أجاب وهو يتحرك صوب الحاسوب بعدما أجبر نائل على الجلوس ليفتحه :
عادةً أذهب للصراع مع بعض المصارعين الأوغاد ..
ابتلعت باقي أسئلتها وجلست على الأريكة تشاهد دفعه لنائل أرضاً وجلوسه يعبث في الحاسوب بتركيز وهو يردد بتأنيب :
هل أنت مراهق يا وغد حتى تقوم بتلك الفعلة .. أليس لديك شقيقات أو أم .. ألا تخاف الله يا وقح!
مصمصت آفاق شفتيها بتأثر :
خد الحكمة من أفواه المجرمين بصحيح !
نهض آدم حاملاً للحاسوب ثم انحنى لنائل رافعاً المسدس في وجهه بتهديد :
أسمع يا حقير إن رأيتك تتجول حولها من بعد الآن سأقتلع قلبك بيدي ، أترك المشفى وغادر حفاظاً على حياتك .
أشار لآفاق بأن تخرج أمامه :
هيا لنرحل يا ذات الجدائل .
فتح باب سيارته وأشار لها بأن تصعد فهزت رأسها بلا :
أشكرك سأطلب سيارة أجرة .
أردف بتعجب من رفضها :
لا أطلب منك الصعود أخبرك بأن تصعدي هيا لدي ما أحدثك عنه .
صعدت وهي تهمس بحنق :
لسه قليل الذوق !
انطلق بالسيارة وهتف بجدية :
سنتناول الطعام ثم أريد تفسير لأشياء كثيرة .
لم تجيبه ثم سألته بخوف :
أتظن أنه سيرحل فهو رئيس الأطباء ومن الممكن أن يطردني ؟
أردف بغموض :
لا يهمك ذلك الأمر عندي .
صمت لوهلة ثم سألها :
لما أنت هنا ولستِ في واشنطن ؟
توترت لوهلة ثم صاحت في محاولة لتغيير الموضوع :
هل أنت حقاً قاتل أم كنت تمزح معي ؟!
تمتم باستفزاز فقد لاحظ تهربها من سؤاله :
ومن أنتِ حتى أمزح معك يا ذات الجدائل العسلية ؟
هتفت بحنق :
توقف عن مناداتي بذلك الاسم الأحمق ..
أردف ببسمة هادئة :
حسناً أهدئي يا ذات الجدائل العسلية !
رمقته بغيظ وتجاهلته بقية الطريق حتى وصلوا للمطعم ، سعلت بحرج فهو ينظر لقائمة الطعام منذ خمس دقائق وكأنه تحول لتمثال شمعي :
للدرجة دي الاختيار صعب !
أشار للنادل وأخبره بطلبه :
أريد اثنين من الدجاج المشوي مع الأرز .. هل لديكم طعمية ؟
انفلتت ضحكة عالية منها ووضعت يدها على فمها فهز رأسه بماذا وردتّ بجدية مصطنعة :
لا شيء .
ثم نظرت للنادل الواقف لا يفقه ما يقولوه :
عايز اتنين فراخ مشوية ورز لأنه قليل الذوق وقرر مكاني .
ابتسم النادل بخفوت ورحل ثم سألته بفضول :
من أين تعرف الطعمية ؟
أجاب الآخر :
من أخي أتناولها في الصباح .
صمت لوهلة ثم أكمل بجدية :
والآن ماذا يريد منك ذلك الأحمق ؟
أشارت على النادل وهو يضح الطعام أمامهم :
الأكل وصل عيب نتكلم وأحنا بناكل .
ردّ بحنق :
تحدثي بلغة أفهمها يا قصيرة ..
انفعلت بغيظ :
الآن أصبحت قصيرة كنت أعلم ستتواقح كأول مرة لا تنعتني بالقصيرة أيها الضخم .
ضحك بشدة على هيئتها وهي تصرخ في وجهه فرمقته بحنق والتقطت حقيبتها لترحل فأوقفها يهدئها :
حسناً كنت أمزح ألا تجيدي المزاح !
جلست مرة أخرى ورفعت سبابتها بتحذير :
لا تلقبني بالقصيرة أو ذات الجدائل اسمي آفاق فهمت !
سألها بجدية عكس مزاحه قبل لحظات :
لما لم تتحدثي هكذا مع ذلك الوغد ؟
ردتّ بتوتر :
حتى لا يؤذيني كنت خائفة ..
صمتت لوهلة ثم ردتّ بهدوء :
شكراً لمساعدتك وإنقاذك ليّ مرتين أنت رجل جيد ولكن ..
قاطعها آدم بنبرة هادئة :
دعك من شكري الآن وأخبريني ماذا كان يريد ذلك الأحمق ؟
ردتّ بضيق فور تذكرها :
يريد أن أتزوجه عنوة .
أردف يطمئنها :
لن يقترب منكِ بعد الآن بإمكانك الاطمئنان ولكن هذا يعني أنني سأضعك تحت مراقبتي .
سألته بتردد :
ولما تريد حمايتي ؟
أجاب بلامبالاة وهو يأكل قطعة الدجاج بتلذذ :
لدي وقت فراغ تلك المدة .
سألته باهتمام فهي مازالت تظن أنه يمزح معها في شأن عمله :
هل يعطونك إجازات كثيرة ؟
تمتم بتعجب :
من هم !
ردتّ ببديهية :
قائدك أولست ضابط ؟
كاد أن يجيب فقاطعته وهي ترفع سبابتها تضعها على رأسها بغرور وكأنها توصلت لسر " مخطوطة فوينيتش " :
أنت ضابط مخابرات أو عميل مزدوج ولا تقول حتى لا تتأذى أعلم .
ضيق عيناه بتعجب من تلك الغبية فقرر مجاراتها في الحديث وهتف وهو يشهق بصدمة :
كشفتني ! .. لا تخبري أحد فتلك القواعد يا ذات الجدائل .
مررت يدها على فمها وكأنها تغلقه وردتّ بجدية غريبة :
سرك في بئر عميق لا تقلق .
ابتسم بخفة ثم أشار لها بأن تتناول طعامها وصمت كلاهما حتى انتهوا وأشار لها بأن يرحلوا ثم سألها عند صعودهم للسيارة :
أين بيتك ؟
أملته العنوان فأوصلها وعند ترجلها أوقفها بتردد وهو يعك أنفه بتوتر :
لم أخذ رقمك .. حتى أطمئن عليك فقط ..
أملته رقمها ثم رددتّ ببسمة متسعة :
شكراً على مساعدتك سيد آدم .
أردف ببسمة عريضة هادئة :
أفضل آدم فقط بدون اضافات .
ردتّ وهي ترفع يدها تودعه :
الوداع آدم .

كل الآفاق تؤدي إليكWhere stories live. Discover now