الفصل الخامس عشر

62 6 6
                                    

سأمحيه وكأنه لم يكن ..
توتر الحارس من غضب قائده الذي لم يزول بعد مرور كل تلك السنوات بل ازداد وتحول من مجرد غضب لهوس بالانتقام بتريث !
رفع الكوب لفمه يرتشف من المشروب النبيذي الخاص به ثم وأردف بقوة وتوعد وعيناه على المارة في الشارع يشاهدهم عبر النافذة الزجاجية الكبيرة في مكتبه بروما :
أعلم أنه هنا ستكون روما متاهته كلما يحاول الخروج يجد نفسه عالق في مشكلة أخرى حتى ينتهي به الأمر ساقط من ناطحة سحاب وعند وصوله للأرض لا يستطع أحد التعرف عليه فسيكون مشوه .. مثلي !
ارتعب الحارس من الغضب الظاهر على وجه قائده بالرغم من نصف وجهه المشوه الذي من الصعب رؤية تعابيره إلا أن الغضب استطاع أن يتشكل عليه :
أمرك سيدي .

قبل إحدى عشر سنوات :
لستُ سريع بما يكفي أيّ مصيرك الموت .
تجعد وجه آدم بضيق من حديث سُفيان فتلك المرة الثالثة والعشرين يدفعه سُفيان داخل حوض عميق مليء بالماء مكبلاً قدمه بسلاسل حديدية مُحكمة حول قطعة حديد كبيرة ويتركه ليحرر قيود نفسه ويخرج من الحوض حتى يخبره أنه قد استغرق وقت طويل ويعاود دفعه في الحوض ليُعيد ما فعله .
ردّ آدم بحنق وثقة:
لن أسمح لأحد بتقييدي ودفعي في الماء بالتأكيد سأقتله قبل أن يفعلها !
هز سُفيان رأسه بنعم واستدار ليخرج فزفر آدم بضيق وكاد أن يستدير ليرتدي ملابسه ولكنه صرخ متألماً وعيناه على الدماء التي لطخت ذراعه الأيسر بسبب سكين ألقاها عليه سُفيان فجرحته .
جذبه سُفيان ضاغطاً على جرحه وتحدث بقوة متجاهلاً تألم آدم :
يجب أن تكون حواسك حاضرة في المعركة عند قتلك لشخص تكون أذنك مع كل الخطوات حولك حتى لا يطعنك أحد من ظهرك وإن أرحتّ أحد حواسك ستُدهس .
همس آدم بتألم :
يؤلمني بشدة ..
ضغط سُفيان على الجرح فصرخ من شدة الألم وصوت الآخر يصدع بقوة :
يجب أن تعتاد على الألم فسيرافقك الشعور أغلب الوقت .
تركه أخيراً فكتم آدم ألمه حتى لا ينال عقاب لا يستطع تنفيذه ثم جلس على الأرض بتعب عند خروج سُفيان ودخول ماركوس الذي منعه الحرس من التدخل ، جلس ماركوس جواره يداويّ جرحه حتى لا يتلوث مستمعاً لحديث آدم :
لا أعلم لما يعاملني وكأنني إنسان آلي !
رددّ ماركوس بهدوء :
لأنه يرى فيك شيء لا تراه .. يرى خليفته .

أقسم إن خرجت حي من هنا سأطلب الزواج من آشلي .
صرخ ماركوس وهو يركض ليختبئ خلف عامود يحتمي فيه من الطلقات النارية ، اختبئ آدم خلف العامود المجاور له وهو يردف بأنفاسه المرتفعة قبل أن يطلق النار على رجل كاد أن يُصيب ماركوس :
إن خرجنا من هنا أحياء سأحرص على إبعادك أنت والأحمق يامن عن شقيقاتي إن لم تخرس وتقاتل .
خرجوا من مخبأهم في نفس الوقت يطلقون النيران على الرجال الذين استطاعوا إصابة ماركوس في قدمه فسقط وقبل أن يطلق رجل طلقة على رأسه كان آدم أسرع منه وأطلق على يده الحاملة للمسدس ثم ركض جهة ماركوس وحمله مختبئاً به خلف إحدى الأرائك .
بحث عن الطلق فوجد أنها نفذت معه ومع ماركوس فصرخ بغضب وهو ينخفض أكثر حتى لا يصاب :
لوكا أيها الوغد أوقف رجالك ودعنا نتحدث كالبشر .
لم يأتيه ردّ غير صوت الطلقات النارية فمال برأسه قليلاً ليرى كم عدد الرجال المقتربين منهم بعدما لاحظوا أن ذخيرتهم انتهت ، وجد رجلين يقتربوا فأخرج سكيناً يضعه في جوربه وعند اقتراب رجل منه والآخر من ماركوس طعنه ماركوس في قدمه وقبل أن يطلق الرجل النيران عليه كان آدم يطعن الرجل الآخر في معدته وجذبه أمامه حتى لا يصاب بالطلقات وأدار يده الممسكة للسلاح بسرعة جهة الرجل الآخر وأطلق عليه النيران ثم جذب السلاح من الرجل الذي مات بسبب محاولة الآخرين في إصابة آدم .
عاد يختبئ خلف الأريكة حاملاً سلاح الرجل الذي مات وأمر ماركوس :
لا تخرج من هنا سأحميك وأخلي طريق لخروجنا .
خرج صارخاً بقوة رافعاً السلاح ليطلق النار عليهم فوجد السلاح فارغ من الذخيرة :
يا اللهي !
ركض بسرعة ليحتمي من الطلقات النارية وأثناء ركضه خدشت طلقة كتفه المحروق فكتم ألمه بصعوبة ، وفي تلك الأثناء صدع صوت تكسير زجاج من قِبل رجال مسلحين قفزوا من العدم من خلال النوافذ ثم تحرروا من الحبال التي قفزوا بها مُمطرين رجال لوكا بالرصاصات فركض آدم بسرعة يساعد ماركوس على النهوض ليهرب قبل أن يبدأ هؤلاء الرجال في قتلهم هم أيضاً .
لم انتظر منك الهروب بُني .
تجمد آدم مكانه عند سماعه لذلك الصوت الصارم ذو البحة الهادئة فترك ماركوس يسقط على الأرض متألماً بوجع :
أيها الحقير قدمي !
التفت آدم ينظر للرجل الذي يقترب منه وأزال القناع من على وجهه رافعاً يده لرجاله بألا يقتلوا لوكا ، هتف ماركوس بصدمة :
كيف .. كيف هذا سيد سُفيان أنت حي !
ابتسم آدم باشتياق وهو يرتمي عليه يضمه :
طالتّ مدة غيابك سيدي اشتقت لك .
بادله سُفيان العناق فصاح ماركوس بحنق من تجاهلهم له :
أنتم أنا أتحدث أولست ميت كيف تقفز من النافذة مثل سلاحف النينجا !
ضحك سُفيان وآدم الذي رددّ بمزاح :
لم تخبرني يا رجل كم عُمرك !
لكزه سُفيان وضحكاته تعلو ورددّ بسخرية :
ستة وخمسون عام لست مثلك في الثامنة والعشرين من عمري وأترك الحرب في منتصفها واهرب ..
تمتم ماركوس بخبث :
هذا قاسي .
اصمت أيها الأعرج ..
هتف سُفيان بسخرية وهو يلتفت متجهاً للوكا الذي قيده رجاله على المقعد وقيدوا رجاله ومنهم من قتلوهم ، جذب مقعد آخر وجلس عليه أمام لوكا الذي هتف بسخرية :
الشيب يملئ وجهك يا رجل أصبحت قبيح .
أردف سُفيان ببرود :
أن أكون قبيح أفضل من أن أكون مغفل أصدق فتاة خائنة واغدر بأصدقائي .
ماذا تقصد ؟
سأله لوكا بغضب فأجاب الآخر وابتسامته الساخرة تطل على ثغره :
حبيبتك الصغيرة الحمقاء تخونك مع حفيدك صاحب الخصلات الحمراء ولم تخبره أنها حبيبتك وتأخذ منه المال .. ذلك غير علاقاتها الكثيرة مثل علاقتها مع توماس وديفيد .
صمت لوهلة يرى الصدمة وعدم التصديق تتشكل على وجهه فأكمل سُفيان وهو يشير لأحد رجاله بإحضار حاسوبه :
معي أدلة إن كنت لا تصدق .
فتح حاسوبه يعرض أمامه صور لورا مع الكثير من الرجال فظهر الغضب على لوكا الذي أشاح بوجهه للجهة الأخرى :
يكفي .
أغلق سُفيان الحاسوب وأعطاه للرجل وأشار له بأن يقتله فصرخ آدم عليه يمنعه :
لا لن تقتله ..
رمقه سُفيان بتعجب :
كاد أن يقتلك يا فتى ما الذي تقوله !
جذب آدم المسدس من يد الرجل وأردف بإصرار :
لا مزيد من القتل سيدي أرجوك لا تقتله .
هز سُفيان رأسه بموافقة وفك آدم قيود لوكا وساعده على النهوض مردداً بجمود :
لورا أخبرتني أنك تريد عودة ثائر ليكمل طريق أبيه وأنك أرسلتها لتضغط عليه عن طريق الصغير زين ، ستفعل الآتي عزيزي لوكا ستنسى ثائر ولن تقترب منه وتبعد لورا عنه وإلا سأعود واتخلى عن مبادئي التي وضعتها منذ يوم واحد فقط واقتلك .

كل الآفاق تؤدي إليكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن