٣ | يوم نَحسّي

2.8K 217 40
                                    

«بسم اللّٰه الرحمن الرحيم»
______________________


الشغف.

تبًا لشغفي المَيت هذا، لقد خططتُ مُنذ ثلاثة أشهر أنني سوف اجتهد، سوف ابذل مجهودٌ أكثر، لن اتذمر وأبكي لأمي كُل ليلة أنني في دولة بعيدة عنهم، وأنني مُشتاقة لها، وأنني مَا زالتُ صغيرة ومَا زالتُ أحبُ الكعك الفرنسي الطازج.

لِمَ لا استطيع فعل شيء لمدى طويل؟

"لِمَاذا يا أمي؟ لِمَاذا؟" تذمرتُ لأمي عبر الهاتف، وتقهقه هي بنعومة ودفءٌ تجعلني أعبس أكثر راغبة في ترك كُل شيء خلفي والذهاب ركضًا إلى احضانها، وتأتيني مواساتها عبر الهاتف:
_لا بأس يا ابنتي، أنا واثقة أنكِ ستتخطينهُ بسهولة. صدقيني الرجال لا يجب البُكاء عليهم، لديكِ والدك مِثل الكهل يستيقظ صباحًا يسقى الأزهار ويعاود ليتناول الطعام أمام التلفاز بلا عمل وبلا فائدة وفقط يتذمر على كُل شيء، هكذا هم الرجال لا منفعة مِنهم.

اومأتُ على كلامها، فيبدو منطقي بحق، "لكن يا أمي، أبي قد عمل بكد طوال حياتهُ هذه فرصتهُ ليرتاح قليلًا." جادلتُ كذلك انخرط في أحاديثها وعن تذمرها مِن أبي مُتناسية أمر آدم وچيمس كُليًا.

قهقهت أمي بعدم تصديق:
_عندما تأتين تكادين الهرب في اليوم التالي بسببهُ، لقد أصبح لسانهُ لاذع بحق يا هيڨين، يسخر مِن كُل شيء ويهدم عزيمتي.

تجهشت ملامحي اتذكر كلمات آدم، وزفرتُ بضيق، رغم مرور أكثر مِن ثلاثة أشهر على انفصال آدم عني، إلا أنني لم اتخطاهُ بعد، وهذا يجعل الغصة تلتف حول عنقي.

كُل شيء يذكرني بهِ، والذكريات خانقة بحق، تشعرني بالحنين والحرار لهُ، تشعرني بالاشتياق والحُب، تشعرني أنه يوجد شيء ناقص في حياتي، لستُ بخير مِثلما أخبر مارك، ولستُ بمتذمرة بمثل هذه الأشياء البسيطة التي أخبرها لأمي.

وقبل أن تتساءل أمي عن سبب تنهيدتي، أنزلقت دموعي انبس بنفسٍ مُرتعش. "مَا زالتُ أحبهُ يا أمي، مَا زالتُ اغار عليهِ كُلما رأيت فتاةٌ تَقربهُ، مَا زالتُ اتخذ طريقًا أطول في العودة لكي أمرُ مِن أمامِ مطعمهِ، لا استطيع تخطيهُ بسهولة، ولا استطيع العفو عن كلماتهِ الأخيرة. لقد جرحني يا أمي جرحٌ بعُمق روحي."

هذا يجرح كبريائي، رغم أنني أخبر أمي مستودع أسراري، لكنهُ يجرح صفوة مشاعري أمام ذاتي، أنني مَا زالتُ غارقة في حُب شخصٌ قد جرحني بكلماتهِ ورافضة اي مُساعدة بانتشالي مِن هذا الغَرق.

الأمواجُ تعصف بي،
تُكسر عِظامي وتُمزق جلدي،
لا يوجد مركبٌ يعدو مِن أمامي،
ولا يوجد بشخصٍ يُنجيني،
فقد سَقطُ رهينة حبٍ مُرّهمي،
فأضحي الليلُ لا يضمد جراحي،
ولا النهار يُنسيني آلامي،
ومَا زالتُ واقعة في مُنتصف دَربي،

ست خطوات للنعيمWhere stories live. Discover now