الفصل السابع عشر (النهاية)

10 6 0
                                    

في الأرض الجرداء القريبة من منزلها الأول، استلقت الطفلة أستريد على ظهرها، تراقب الرجل يسير مبتعدًا حاملًا الطّفل العدوانيّ معه، كفّه على رأسه يثبّته نحو الأمام ويمنعه من الالتفات إليها، ولكنّه عجزَ عن حجز ساقيه الصغيرتين النحيلتين اللتين استمرتا بالاهتزاز بعنف في محاولة بائسة للتحرر من قبضة الرّجل، اختفى الاثنان بداخل المنزل وبقيت الطّفلة وحيدة لبعض الوقت حتى خرجت امرأة شقراء، جسدها المكتنز كان يقطر عرقًا، أخذت بالاقتراب من الطفلة ومعها اقتربت رائحة الشّواء التي كانت تعمل عليه قبل لحظات من استدعائها، أغمضت أستريد عينيها على أمل أن تتمكن من تجاهل تأنيب والدتها لها، ولكنّ عبارات اللّوم اللّاذعة اخترقت خلاياها مع ذلك وترسّخت في رأسها الصّغير، وستتذكر اللوم دائمًا ولكنها لن تستطيع تذكر المواقف التي تسببت به...

«هل قتلتَ أحدًا؟». تساءلت أستريد بعدما عادت وحيدةً مجددًا.

«لا. سأعيد السّؤال عليكِ مرةً أخرى، كيف تشعرين بي؟ أنتِ طفلة! ألا يكفيني أنّك مجرد فتاة لا فائدة منها؟».

أغمضت أستريد عينيها تتلقى الكلمات بالصّوت الرجولي القاسي الذي لم تعتد عليه بعد، ردّت بصوت مسموع: «خالتي مونيكا تقول إنّ الفتيات لا ينقصنَ عن الفتيان بشيء!».

حينما فتحت الطّفلة عينيها فوجئت بالطّفل المعتدي من الوقت السّابق يقف قريبًا منها، ويتساءل ما إن كانت تحدث أحدًا لا يراه، ثم ثرثرَ بشيء عن أحد ما اخترقَ جسده رغمًا عنه وتحدث بلسانه وضربها مستخدمًا أطرافه!.

ضحكت أستريد ساخرةً، وما كان من الولد سوى أن تعهٍد لها بفضح جنونها الذي شهده أمام الجميع، ثمّ ركضَ هاربًا ولوَت الطفلة شفتيها مكملةً سخريتها، فهو ليس أول شاهد على جنونها، ولا حتى العاشر؛ آخر رقم تعلّمت رسمه مؤخرًا.

تسارع الزّمن وتوالَت المشاهد على الفتاة من حياتها الخاصة في الخزانة الحالية، انتهى بها الأمر في غرفة المشفى حيثُ ماتت، وحيث أنهى آرين آخر فرصه.

على السّرير المغطى بالزهور استقرت أستريد، سنوات طويلة قد مضت منذ المشهد في منزل طفولتها.

في حيواته السّابقة، تغير الكثير من البشر وبقيَ آرين على حاله تقريبًا، ولكنه صُدم مما جرى عليه من تغييرات مهولة خلال هذه المدة القصيرة نسبةً لما عاشه.

من صور الوحوش المعلقة على الجدران حول السّرير، انبثق البعض من رجاله، مَن تحمّلوا مَهمة تحفيز قائدهم وحمله على الاقتتال في سبيل وصالهم.

كان واحد منهم هو أول ملاحظ لما أحدثه الوعي الأخير في روح القائد، وحينما نبهه إلى ذلك شهدَ تأكيدًا على ملاحظته، فقد استجاب قائده دونما تحفظ أو مكابرة، بل اعترف بما يستشعره من راحة واكتمال بسبب التغيير الحاصل!.

متاهة الڤالهالاTempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang