الفصل التاسع عشر (راغناروك)

13 6 0
                                    

في عالم بعيد حلّ الشتاء العظيم، ابتلع الذئبان سكول وهاتي الشمس والقمر، اختفت نجوم السماء فدخل العالم في ظلام دائم.

أصدر جارم؛ كلب الجحيم عواء ونباحًا رهيبًا وكسر سلسلته، مستعدًا لخوض المعركة مع ملكته هيل.

بدأت هيل ابنة لوكي المعركة ومعها الكلب جارم وجميع سكان مملكتها من الأموات، ثم أمرَت التنين نيدهوك بالتهام جذور الشجرة إغدراسيل فاهتزت جميع العوالم المرتبطة بها، جراء الاهتزازات العنيفة تحرر لوكي وابنه فنرير من أسرهما.

عزفَ العملاق إيكثر على قيثارته يحثّ العمالقة للذهاب إلى ساحة المعركة.

من الشرق اتجهت العمالقة بقيادة هيرم إلى ساحة القتال.

ومن الشمال جاءت السفينة ناكلفار المصنوعة من أظافر الموتى محمولة بواسطة طوفان أحدثه الثعبان جورمنغاند لهذا السبب، وفيها كل من لوكي وسورت مع جيوشهما.

ومن الجنوب هجمت حشود عمالقة النار بقيادة سورت.

وفي هذه الأثناء قام هيمدال إلى بوقه كيلار فنفخ فيه مقطوعة محددة محذّرًا الآلهة، وسُمع الصوت في العوالم التسعة جميعها، وأخيرًا توجه أودين إلى ميمير طالبا منه النصيحة والاستشارة قبل الاستعداد والذهاب للمعركة.

في اليوم التالي بعد النصيحة، ظهر أودين، ملك الآلهة، في فولكفانغ، ومعه جيوشه من ڤالهالا.

كان وجهه عابسًا، وعينه السليمة التي لم تبدو كواحدة... كانت تظهر ثقل ما عرفَه وثقل المصير.

نادى أودين على المحاربين وتحدث إليهم بصوت جهوري: «أيها الأبطال الشجعان، لقد حانت ساعة المعركة النهائية. سيهاجم عمالقة النار والثلج أسغارد، وسوف تقاتل جحافل الموتى إلى جانبهم. ستكون راغناروك معركة رهيبة، وسوف يسقط الكثيرون، آلهة ومحاربين على حد سواء. ولكن حتى في الموت، سوف نحقق النصر، لأننا سوف نعيد خلق العالم من جديد، عالم أفضل وأكثر عدلًا».

استمع المحاربون إلى كلمات أودين بقلوب ملؤها الشجاعة والتصميم. كانوا يعلمون أنهم سيواجهون الموت الأخير، لكنهم كانوا مستعدين للتضحية بأنفسهم في سبيل ما سيحققونه من نصر مشرّف سيخُلّد للأبد.

تحت سماءٍ ملبدة بالغيوم الداكنة، وهواءٍ ثقيل يُنذِر بالنهاية، اجتمعت قوى الخير مع قوى الشر في سهل فيغريد، ساحة المعركة النهائية.

قاتل آرين إلى جانب أودين وبقية المحاربين، بسيفه حصدَ الأرواح الشريرة كأشواك يقتلعها من جوف الأرض، فيضمن بذلك عمرًا جديدًا للزهور والثمار الطيبة لتنمو وتزدهر.

كانت رياح الشمال الباردة تعصف بالأرض الجرداء، حاملةً معها رائحة الموت والدمار.

على جانب واحد، وقف جيش الآلهة بقيادة أودين، ملك أسغارد، بجواره وقف ثور، إله الرعد، وقادت فريا جيش الڤالكيري، بينما قاد آرين جيوش المحاربين.

على الجانب الآخر، تجمع جيش العمالقة بقيادة عملاق النار، مع سيفه المشتعل القادر وحده على إحراق العالم النوردي بأسره.

إلى جانبه وقف لوكي، إله الخداع، وعيناه تلمعان بالمكر والشر، ومعه ابنَيه، الذئب العملاق فنرير، والثعبان غورمنغاند ذو الجسد الضخم، حتى إنّه التفّ به حول العالم!.

انطلقت صرخة الحرب من كلا الجانبين، واندفع الجيشان نحو بعضهما البعض في صدامٍ هائل اهتزت له الأرض والسماء.

تصادمت السيوف والرماح والفؤوس في معركةٍ هي واحدة فقط فريدة من نوعها وليس لها مثيل، لكل عالم جديد.

التحمَ أودين مع فنرير، الذئب الضخم الذي مد فكه السفلي إلى الأرض فلامس الجزء العلوي من فمه السماء وفيه ابتلع أودين، فثار فيدار بن أودين وهاجم الذئب انتقامًا لأبيه فمزّق فكّه وقتله.

ومات فري بعد قتال مرير مع سورت، أما تير وجارم فقد ترك كل منهما جراحًا بليغة في الآخر مما تسبب بموت كلاهما.

تصادم لوكي مع هايمدال في معركة متكافئة انتهت بموت الاثنين.

وفي معركة مهولة بين ثور وعدوه الأزلي جورمنغاند، أحكمت الأفعى العملاقة القبض على ثور ونفثت فيه سمها القاتل، ذلك قبل أن يضربها بمطرقته ميولنير ولكنه لم يبتعد أكثر من تسع خطوات وسقطَ ميتًا بفعل السم.

واختار البقية من الآلهة مقاتلة أعدائهم من العمالقة.


كان الحظ من نصيب الدمار وقواه، وبطبيعة الحال، لم يملك آرين وسائر المحاربين أثمن من شجاعتهم التي هدروها بنبل وكرم على مذبح عالم عرفوه وأحبوه، ويتمنون بصدق أن ينجو منه ما يستحق النجاة. 


في نهاية المعركة استلّ سورت سيفه الناري سيف الانتقام وأشعل النار في العوالم النوردية التسعة قاتلًا الجميع بما فيهم نفسه. تهدمت العوالم واحترقت الشجرة ولاحقًا ستغرق الأرض في المحيط.

بالنتيجة، انهارت السماء وكذلك الأرض، سقطت النجوم واحدة تلو الأخرى من السماء، وغرق العالم في الظلام.

من بين الرماد المدمر، انبثق عالم جديد. عالم أخضر وجميل، يسوده السلام والوئام.

وعادت الحياة من جديد.

في هذا العالم الجديد، نهضت أرض خضراء خصبة من بين رماد راغناروك، نمت الأشجار وتشاهقت نحو الأعالي، تدفقت الأنهار العذبة، وتفتحت الزهور الملونة في كل مكان، ثم عادت الحيوانات إلى الحياة، أطربت العالم بأصواتها وانعشته بحركاتها.

من بين الناجين القلائل من الآلهة، برز بالدر، إله الضوء والجمال، الذي عاد إلى الحياة من عالم الموتى.

أخذ بالدر على عاتقه مهمة إعادة بناء أسغارد، وتحويلها إلى مدينة من نور وسلام.

متاهة الڤالهالاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن