الفصل الثاني

62.1K 1.7K 123
                                    


الفصل الثاني:

مسح بنعومة على بشرتها قبل أن يتراجع بظهره للخلف لينتصب أكثر في جلسته الغير مريحة، أغمض "يزيد" عينيه مستعيدًا في ذاكرته ما حدث قبل وقت سابق عندما انتهت مراسم العُرِس واعتقد أن الأمور كلها قد مضت على خير، وَدَّع آدم وزوجته بعد أن استقلا السيارة ليذهبا في طريقهما لتبدأ حياتهما الزوجية معًا، تشكل على ثغر "فرح" ابتسامة خجلة، وظلت تعبث بباقة الورد المسنودة على حجرها بارتباك ملحوظ، بينما لم تختفِ ابتسامته السعيدة عن محياه، وزع نظراته بينها وبين الطريق، بدا باله مشغولاً بسبب كيفية إبلاغها بما حدث لوالدتها، أتعبه إنكار عقلها لتلك الحقيقة المفجعة، ظل يفكر في طريقة تمكنه من ذلك تكون متضمنة أقل الخسائر.

بين جنبات نفسه أراد ألا يفسد روعة اليوم، ولكن لا مفر من الحقيقة، أخرجه من شروده الحائر صوتها الهامس وهي تقول بتنهيدة:

-كان نفسي ماما تكون حاضرة، أنا مش عارفة هي ليه مجاتش!

تحاشى النظر نحوها وهو يبتلع ريقه بصعوبة، حافظ على ثبات ملامحه الهادئة أمامها متسائلاً بحذر:

-هو إنتي مش فاكرة هي راحت فين؟

أجابته برقة وهي تداعب الباقة المسنودة في حجرها:

-بصراحة لأ، حاسة إن في حاجة غلط، غيابها المفاجئ ده قلقني!

حدق فيها بنظرات متفرسة دون أن يعقب على كلماتها التي شكلت خنجرًا حادًا أوخز صدره بشدة، فإن أراد إخبارها برحيلها عن عالمهم الحسي عليه أن ينتقي الوقت المناسب، والآن ليس بالجيد على الإطلاق، رغب أولاً في توطيد علاقته بها، خاصة أنها أصبحت زوجته وبعد برهة ستتلاحم روحيهما سويًا، أكملت فرح حديثها قائلة بنعومة:

-أنا معرفش حاجة عنها من ساعة ما كنا في اسكندرية!

حركت فرح رأسها في اتجاهه لتضيف بعتاب:

-وقت الخناقة بينا! فاكر؟

تنهد يزيد بعمق وظل مسلطًا أنظاره على الطريق وهو يفكر بجدية في كيفية التصرف معها، حالة الهروب من الواقع التي تعيشها تؤرقه كثيرًا، بل وشغلت كامل تفكيره، لاحظت هي شروده الدائم وصمته الذي طال، فسألته مستفهمة:

-مالك؟ ساكت ليه؟

رد عليها بخشونة قليلة:

-مافيش يا فرح

انتبه هو لصوت رنين هاتفه المحمول معلنًا عن قدوم رسالة نصية، فمد يده ليلتقطه، ثم قرأ فحواها بنظرات سريعة، تضمنت الرسالة كلمات مقتضبة من رفيقه آدم توصيه بها، عاود قرأتها محدثًا نفسه:

هي والربان ©️ (فراشة أعلى الفرقاطة 2)  كاملة ✅Where stories live. Discover now