الفصل العشرون

34.5K 1.4K 86
                                    


الفصل العشرون

اعتقدت لوهلةٍ أنها نجت من الخطر المحدق بها، تكفلت بتعطيل من يلاحقها بإلقاء فرح في اتجاههما لتفر هاربة من المكان، لكن أعاقتها تلك الطلقة النارية التي استهدفت قدمها من الخلف، ثنيت ساقها وطرحت أرضًا متأوهة بألم شديد، جاهدت لتزحف على يديها في محاولة بائسة منها للهروب، لكن اعترض طريقها الضابط الذي أشهر سلاحه في وجهها ليصيح بها بنبرة آمرة:

-اثبتي مكانك!

استندت ديما بكفيها على الأرضية كاتمة آلامها داخلها، رفعت رأسها في اتجاهه تطالعه بنظراتها المغترة، فرغم سقوطها إلا أنها احتفظت بذلك الكبرياء الزائف وتلك الابتسامة المستفزة على ثغرها، تابع الضابط مضيفًا بلهجة شديدة مهددًا إياها:

-حركة زيادة وهاتكون الطلقة الجاية في دماغك

أشارت له بكفها قائلة بصوتٍ شبه مختنق:

-ما تقلق، راح أضل هون!

..............................................

على الجانب الأخر تمددت فرح على الأرضية الإسفلتية واضعة يدها على عنقها لتمنع الدماء النازفة من التدفق منه، وضع الضابط الأول يده على قبضتها ليزيد من ضغطه على القطع الشديد، ورغم خطورة الموقف إلا أنه طمأنها قائلاً:

-هتعدي على خير

أخرج من جيبه هاتفه المحمول ليستدعي سيارة الإسعاف، نظرت له فرح بأعين زائغة وهي تقاتل للبقاء حية، تحشرج صوتها أثناء محاولتها للحديث، حذرها الضابط بجدية:

-بلاش تكلمي!

ظل جسدها ينتفض بقوة، فتابع بقلقٍ كبير:

-مدام فرح مافيش داعي لأي مجهود، الإسعاف جاي في الطريق!

تجسد أمام عينيها طيفه متخيلة لهفته عليه، زاغت أبصارها وهي تهمس بنبرة متقطعة:

-يـ... يزيد!

لحظات وبدأت قواها تخبو تدريجيًا فتوجس الضابط خيفة أن تكون على وشك فقدان حياتها، استدار برأسه للخلف حينما سمع الصوت الشهير لسيارة الإسعاف يصدح في المكان، كانت أخر ما التقطته أعينها تلك الأطياف التي دنت من رأسها وامتزجت أصواتهم مع صوت نبضات عجيبة لم تستطع تفسيرها.

........................................................

انهار كليًا حينما بلغه خبر تعرضها للاغتيال رغم ما التأكيدات المتواصلة من توفير الحماية لها بكافة السبل، هرول يزيد إلى المشفى العسكري حيث تم نقل زوجته إليه، انتظر على أعصاب متلفة في الرواق المؤدي لغرفة العمليات وبدنه يرتجف بدنه من تخيل فقدانها خاصة بعد أن علم بتفاصيل قتلها، تجمدت أعينه التي اغرورقت بالعبرات على الباب المعدني، وشرد يفكر في لحظاته معها، اعتصر قلبه ألمًا وأنبه ضميره للزج بها في أمر مهلك كهذا باتت هي ضحيته في النهاية، لم يقاوم عبراته التي انهمرت من طرفيه على وجهه، فمن غيرها سيبكيها بكل تلك اللوعة والحزن؟ خاف يزيد أن يفجع فيها، أن يخرج إليه أحد الأطباء ويبلغه بوفاتها، تضاعف نحيبه الذي امتزج مع شهقاته، شعر بتلك اليد توضع على كتفه لتشد من أزره، التفت بعينيه الباكيتين للجانب ليجد آدم إلى جواره، هتف الأخير بصوتٍ خفيض:

هي والربان ©️ (فراشة أعلى الفرقاطة 2)  كاملة ✅Where stories live. Discover now