الفصل السابع والعشرون

34K 1.4K 53
                                    


الفصل السابع والعشرون

تشبثت بمقعدها تفكر بذهنٍ صافٍ لتبعد عن عقلها مؤقتًا أي ضغوطات تزيد من توترها الحرج في ذلك الوقت العصيب، أغمضت "فرح" جفنيها لكن ظلت شفتيها مضغوطتين بتشنج طفيف، التفت "يزيد" إليها يرمقها بنظراته الفضولية، بدا مزعوجًا من حالتها تلك، نهض من مكانه ليبحث لها عن حل سريع، اتجه إلى المرحاض ليتفقده، كان كل شيء به نظيفًا، فقط تلك الحشرات المزعوجة التي تتجول بأريحية فيه وكأنها قد ملكته، تمتم مع نفسه قائلاً:

-ما الحمام زي الفل أهوو، كانت تمشيها زي ما يكون وخلاص

فرك طرف ذقنه بحيرة محدثًا نفسه:

-طب إيه العمل دلوقتي؟

ظل ماكثًا به لبعض الوقت ليدعس ما به من حشرات، ركلها نحو البالوعة الصغيرة، ثم عاد إليها ليتباهى بإنجازه العبقري في ذلك الموقف البسيط، فإن كان الأمر يخصه فقط لم يكن ليكترث أبدًا وتجاهل وجودهم، عقد ما بين حاجبيه متعجبًا حينما وقعت أنظاره على الموظف الذي كان واقفًا إلى جوار مقعدهما، أسرع في خطاه يسأله:

-في حاجة؟

وجد "فرح" ترمقه بنظرات حادة لا تبشر بأي خير وهو يدنو منها:

-الأستاذ حل المشكلة خلاص

ضاقت أعينها عندما تابعت بنبرة ذات مغزى:

-فمافيش داعي تتعب نفسك

تجهمت ملامحه عقب جملتها تلك ولم يعلق عليها، أضاف الموظف موضحًا:

-يا مدام الحمامات نضيفة، وفي عمال بينضفوها أول بأول

ردت عليه بجدية مستخدمة يدها في الإشارة:

-أنا مش بأتكلم على النضافة، بالعكس كل حاجة كويسة، أنا اعتراضي كله على الحشرات والصراصير الموجودة فيه

جذب الموظف طرفي ياقتي قميصه معًا للأمام قائلاً بنبرة رسمية:

-صعب نسيطر على الموضوع ده، احنا بنقف في محطات وسط الغيطان والأراضي الزراعية، طبيعي تلاقي حشرات وحاجات تانية، المهم إن الخدمة موجودة

ابتسمت له مجاملة وهي ترد:

-عمومًا شكرًا على اهتمامك بالموضوع

أومأ برأسه مرددًا:

-تحت أمرك

عادت لتجلس على مقعدها واضعة حقيبة يدها على حجرها، نظرت بوجه عابس إلى وجهه توبخه بلطفٍ:

-شايف الناس؟

رمقها بطرف عينه بنظرة مزعوجة، زفر قائلاً بضيقٍ:

هي والربان ©️ (فراشة أعلى الفرقاطة 2)  كاملة ✅Where stories live. Discover now