الفصل الثامن والعشرون - جزء أول

32.8K 1.3K 187
                                    


الفصل الثامن والعشرون (جزء أول)

تفرست فيها بنظرات لم تشعرها بالارتياح، ربما لذلك الوقار المهيب البادي عليها أو لتعبيراتها الصلبة التي توحي بالقوة، لكنها أبقت "فرح" في مكانها تطالعها بحذرٍ، تسرب إليها إحساسًا بالخوف من مجهول ما متربص بها، نظرات "مفيدة" الجامدة نحوها أكدت ذلك الشعور، رمشت "فرح" بعينيها بارتباك قلق انعكس في نظراتها إليها، أخرجها من تحديقها المطول فيها صوتها المردد بهدوءٍ يحمل النبرة الآمرة:

-سلمي عليا يا بتي!

ثم صمتت للحظة لتضيف بنبرة ذات مغزى:

-متخافيش مش هاكلك

احتقن وجهها بحمرة حرجة من تلميحها الصريح وكأنها تشير إلى كونها تأنف من الاقتراب منها، دافع "يزيد" عن فرح التي تحرجت منها بصورة بائنة قائلاً بودٍ محاولاً إذابة حاجز الجليد بينهما:

-معلش هي بتكسف شوية

دفعها من ظهرها برفق لتقترب منها، فتحت لها "مفيدة" ذراعيها متابعة بحماس مقلق:

-تعالي في حضني يا مرات الغالي

ضمتها "فرح" إلى صدرها كنوعٍ من الترحيب بها وهي تقول بنبرة مهتزة:

-ميرسي يا طنط

تعمدت "مفيدة" احتضانها بقوة لتشعرها بصحتها رغم كبر سنها، أبعدتها عنها وهي تعاتبها بجدية:

-إيه الكلام الماسخ ده، إنتي تجوليلي (قوليلي) يا أماه، يا حاجة، يا ستنا، لكن عوجة البوج (بؤ/ فم) دي ماتمشيش إهنه!

عبست "فرح" بوجهها مستنكرة ما تدعيه عليها، هي فقط غير معتادة على تلك النوعيات من الترحيب الزائد، التفتت برأسها إلى يزيد ترمقه بنظراتها الحائرة فتدخل في الحوار مبررًا طبيعة شخصيتها:

-مش واخدة لسه علينا يا مرات عمي

مصمصت شفتيها قائلة بتهكم واضح على حركة فمها وإيماءاتها:

-بكرة تتعود

تنحنح بصوتٍ خفيض محافظًا على تلك البسمة الباهتة المتشكلة على ثغره، أشار لـ "فرح" بعينيه بنظرات ضمنية آملاً أن تفهم ما يرمي إليه، لكنها لم تستطع تقبل تلك المعاملة الجافة التي تحمل نوعًا من الازدراء لها، حتى وإن لم يكن الأمر مصرح به علنًا، أضاف "يزيد" قائلاً ليغير مجرى الحوار:

-مبروك لبنت عمي، وإن شاء الله ربنا يتمم على خير

ردت عليه "مفيدة" بامتنان:

-الله يبارك فيك يا غالي

ثم سلطت أنظارها على وجه "فرح" لتضيف بنبرة موحية:

هي والربان ©️ (فراشة أعلى الفرقاطة 2)  كاملة ✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن