١ || أَوَّلُ هُجُومٍ .

2.5K 117 313
                                    


.
.
ديسمبر / كانون الاول .. ٢٠١٣ ../ اول دخول لداعش .
.
.

بِكَمد كُسِف وَجُهها المُحاذي للتلفاز .. ، هاجس مُريع بتوجس بُني عليها كحائط حال بينها و بين التفكير ؛ ما عرفت حتى هز راسها معبرة او تطرف بجوى ..، أمرت ابنها برفع الصوت لـيدرأ على مسامعها الخبر .. فأمتثل .

أَنبأتْ المُذيعة بِصَوتها الاليّ تقريبًا بالآتي :".. و في الموصل شنت غاراتٌ لتنظيم داعش هجومًا استهدفَ مدنيين وسقط بين المئة والمئة وخمسون شخص في اول ساعة من الهجوم ، في ما أكدت جهاتٌ أمنية إن التنظيم الإرهابي -".

لم يتراءى المزيد لأم منصور ، فقد كانت مشدوهة بما طرق مسامعها ، .. استطاعت أن ترمش ، بدأ قلبها يختلج .. عينيها دموعًا سالت ، و هي ترى ابناء وطنها جثثًا مُلقى ممددة ، بفيديو منقول مجرد ..؛ من كان يظن أن مجرد صور مرتبة بأصطفافٍ ، تكون سببا لتلك المرارة بالحلق ، و فوران الدم غيضاً .

على صوتُ شهقة مع الكريستال المالح السائل مِن عينيها .. أما ابنها فلم تكن المواصفات لديه باكثر إلا بيديه المرتعشة و نبضات قلبه المتسارعة .. مُضافا لها ما اعتصر فؤاده من القهر ! .

قبيحًا منظر الجثث كان ، بتناثر الدماء ، و الداعشيون ينتكلون فوق الموتى وكأنهم الارض نفسها ؛ دروعا بشرية يصلحون .. بحياتهم و بعد مماتهم دون إنسانية يُستَخدمون .

: " العياذ بالله " تمتمت بها ، و هي حاملةً بين طياتها المًا جلل .. يديها اعتلت جبينها الذي تدلكه علّها تستشعر راحة ما ! .. غير هين الأمر . « ماذا بعد ؟! » هذا السؤال المتردد باذهان الجميع .. و لم تختلف ام منصور بشيء ، حكومة فاسدة .. ، بطالة .. ، جوع ،.. انفجارات ، والان تنظيم ارهابي ؟!

احستْ ام منصور " فاطمة " بحواسها تعود ، استردت سمعها في حين بعد سماعها لمواصلة المذيعة بدرأ الخبر ، تمنت موتًا او صممًا ، على ان تردّ تلك الحاسة ، وقد كان : " بينما هُجّر المئات و حصلَ و أُخذ عدد كبير من الازيديات من ناحية جبل سنجار و للاسف تم الاعتداء عليهن من قِبل التنظيم الإرهابي .. نهاية الحصاد و نوافيكم بكل جديد ، شكرًا للمتابعة و الى اللقاء " .

فغرت منصور فمه بصدمة ، غير مصدق بقائه يعتلي كرسي الأريكة و بنات وطنه يعلن عنهن الاغتصاب و هو جالس هكذا فقط ، هز رأسه بغية استيعاب كمية المأساة بما تقول المذيعة الجميلة .

تنهد منصور بحسرة ، مغمضًا عينيه ، موجهًا الكلام للتي جانبه ، مقلدًا حركة تدليك الجبين ؛ .. قائلا " ما بيدنا لنفعل ؟! " .

-" اجل يا بني ، ما بيدنا ؟ لا شيء ! " .. تمتمت بحسرة وغضب .

_________________

سار في ارجاء الجامعة ؛ و بيده عدد لا بأس به من كتب و قرطاسيّة ،.. عينيه استفلها سواد متخذاً موقعه كهالة ، موعد الخروج كان ، .. جال بعينيه المكان بغية رؤية مدرس الكيمياء ، ليسأله عن ورقة امتحانه .. قاطع ذلك يد حطتْ على رقبته من الخلف بقوة ، تأوه اثرها بصوتٍ عالي ، كشّر ملامح وجهه والتفت مُغضبًا ، رأى صديقه احمد ، فتنهد بأحباط ؛ ماذا توقع بأي حال ؟ .

" ماذا تريد بحق الإله ، احمد ؟! " .. بضجر قالها متذمرا ، أما الذي بجانبه ، نفى فعلته و كأن شيء لم يكن ! ، و الذي تيّمن المسير تناسى الأمر .. رغم ملامحه المنزعجة الباقية ؛ ابتسم بمرح ، الذي تيّسر موقع كتف زميله ، دون الإجابة .. طبعًا ، مشيا معًا بصمت لدقائق ، و منصور لا يزال يمسح بمقلتيه المكان .

حتى قاطع الصمت صراخ احمد و كأنه تذكر شيئًا " هل سمعت الاخبار ..؟!! " وضع الأخير يده على أذنيه ليمنع صوته المزعج من الولوج لداخل أذنيه ان لم يكن عقله .

ابعدهما عن مكانهما ، ازدرد ريقه ، مُجيبا بتمتمة-" داعش ؟"

-" تمامًا ! " .. صرخ بها مجددا .

تنهد منصور قائلا بألم ، شبه صارخ ردّ .. " يا رجل ، اسكت و لا تفتح الموضوع معي رجاءً ، يكفيني اني لا استطيع فعل شيء من الاساس ؛ و يكفيني منظر امي المتحسرة و معها دموعها تواسي ، و قد اكتفيت من كل شيء !! "

رد الاخر متعجبا من انفعاله المفاجئ ! " اهدا يا منصور ، ما بك ! " .. على صوته بغضب ، اكثر من كونه متسائلاً .

انتبه منصور لنفسه ؛ فأجابه ، و هو يطالع السماء خائبًا مهضومًا " الحسرة على حالي يا صديقي هي ما جعلتني انفعل هكذا ، اشعر بالغيض ينهشني على بنات وطني وذلك الشعور اكثر بكثير من أن أتحدث ببرود دون اهتمام ! عذرا منكَ " .

هز رأسه بيأس ، محدقًا بمنصور الذي يطأطأ رأسه ، فلخّص مواسيًا "لا بأس ، كلنا ليس بيدنا شيء " .. زم شفتيه عندما لم تتغير ملامح منصور حتى، لذا اكتفى بهز رأسه وقد كانت نهاية الحديث خاصتهما .. الى ان لمح المتالم المدرس المطلوب ، فعدى خلفه ساعيًا .

_______________

اب منصور " جاسم " ، ذو الشاربين الكثيفين ، ولحيته مشتعلة البياض ، وشعر رأسه الذي غزاه الشيب و معه آثار الشباب من لونه القديم ، يشرب الشاي الاسود العراقي ، تقليديًا بعد وجبة الغداء الشعبية ، من مرق السمك والارز .. من يد فاطمة .

قال من دون مقدمات مُكنيًّا إياها .." آهٌ يا ام منصور آهٌ ، ما هذه الحياة ؟! الدماء و القتل صار أمرا طبيعيا حتى امسيتُ استغرب عدم الخوف منه !" شكى بتذمرٍ العجائز المعروف .

واسته مجارية إياه، وقد وضعت كوب الشاي بالصحن الصغير المخصص له .. " .. بالمجتمعات المتقدمة ، في نطاق القوانين المحترمة ، لا دولة يحكمها نوري المالكي ! " .

رطّب شفتيه ، و قد رمش تكراراً ، قال " لقد تفشى الخبر كطاعون ! " .. اومئت فقط دون نقاش .

الخبر فقط لم يدثر .. قنواتٌ تكرر ، وناسٌ تثرثر .. حتى مرت اشهر ! إلى أن جاء ذلك اليوم ، التاريخ المشؤوم ، لم و لن أي عراقي ما بقي ؛ بتأريخ يوليو / حزيران .. ٢٠١٤ ، لقد سقطت الموصل .

____________

.
.
.
اهلا يا جماعة 🌚✋ ..

نزلت قصة عمري ما فكرت اني انزلها .. اولا : قصة اجتماعية - لا ازال مصدومة - .. ثانياً : قصة استخدمت فيها اسماء عربية - صدمة 2 -

ثالثا : اضطررت إلى استخدام ارقام عربية - صدمة ثلاثية الأبعاد بتقنية 4k ..

وبس ، مع السلامة 🌚 ..

مُرادِف المَوت"داعِشْ"Where stories live. Discover now