٩ || النُّعُوشُ .

165 31 114
                                    


.
.
فتحت فاطمة عينيها ببطء ، .. لم تكن تشعر بأنها بخير، الالم يتضاعف بقوة، ادخلت العديد من الأدوية لجوفها ولا تزال تشعر بالالم .. ضوضاء فظيعة بالخارج، أي صباح تفتح جفنيها وترى ذاك التزاحم بالشارع، انتظرت عدة دقائق فزادت الاصوات علوًا، و من الواضح استيقاظ منصور، لان صوت ارتطامه بالحائط واضح جداً .

و بقدرة قادر وصل للنافذة فتح عينيه بصعوبة، وضع رأسه على النافذة، وحدق بالخارج، ناسٌ متجمعة حول نعش ما ويرفعونه! لم يكن واحد فقط بل اربع! ، دقق النظر فوجد احمد من بينهم ! .

نزلت فاطمة بشعرها المبعثر وحدقت ايضاً ، حرارتها ارتفعت من الخوف، كانوا يمشون ويرفعون النعوش تلك ! امسكت راسها التي الذي ضربها مجددًا بألم، نظرت جانبًا فراته برح المكان، أعادت بصرها، هم يتقدمون ، دعت بسرها أن لا يقتربوا من المنزل .. وفعلا تخطوا منزلها ! .

هم وقفوا امام باب عمة منصور، ام سليم خديجة ، جفلت لثواني كانت قد نست أن التوأم الثلاثي قد ذهبوا ايضاً، انطلقت وتوشحت بخمار و عباءة وعلى عجل خرجت و كان منصور تابعا إياها ، رأت الناس يطرقون بابها بقوة .. خرجت هي على سرعة، واضح القلق بنظراتها، تقدم مجموعة من الرجال منهم زوجها فاضل و انزلوا ثلاث نعوش أمامها، ببطء تقدمت هي لترى ما الامر .

كان فتى عشريني ملثم هو من فتح النعش، ليظهر ابنها البكر سليم، هم الدنيا كله استقر على وجهها عندما رأته ، فتحت فمها للصراخ؛ والملثم لم يعطيها فرصة إذ أنه فتح الثاني لتطالع وجه ابنها الاصغر علي ! .. و ياليته توقف فالاخير كان اوسطهم حيدر! ثلاث ابناء لها ، مستقرين جثث أمامها ! .

" ام سليم، .. أي هول يتملككِ الان ؟!! " بكت فاطمة حين رأت الثلاث أجساد دون ارواح .. أمامها ، الكل ينظر بترقب لخديجة، غمضت عينيها ببطء ، قبضت على قلبها ، نبضاته جنونية؛ هوت على ركبتيها وصرخت بألم اخرجت هذا ، بيديها ضربت رأسها بقوة، وصدرها وقديمها ثم اتربت رأسها، حاول فاضل جعلها تهدأ دون جدوى .

انيران جهنم اجتمعت بقلبها فيقيها الله منها يوم القيامة ؟! .

اقترب منها الملثم و وقف وصاح :" لماذا تبكين ؟! .. إنظري اليهم كأنهم الملائك، هلهلي لابطالكِ! " جبل من الصبر وهبها الرب و وقفت دون مساعدة، قدميها ترتجف، .. وضعت يدها فوق شفتيها وهلهلت كمن هي بعرس .. وحين فعلتها رجف كل الحاضرين ، الملثم بكى بعلو صوته، بعضهم لم تحملهم قدميهم، فاطمة احنت راسها ومنعت شهقاتها بكفها الذي اعتلى فكها .

منصور اقترب من احمد الذي كان بملابس الجيش، الدموع توسلها لتقف إلا أنها تستمر بالذرف، ثلاثتهم سيدفنون تحت التراب ..رفيقه لم يتدخل بل هوت دموعه معزية، كان من المفترض انه أتى ليأخد استراحة لا أن يفجعه منظر بهذه الطريقة .

خطبت الصابرة بالواقفين :" ايها الرجال ، اخفضوا رؤوسكم خجل واحترامًا ، فان الله رفع مقامي، و كبر مكانتي، و إن لم يعرفني .. من الناس احد يكفيني أن الله يعرفني ! ، يكفيني .. ا ..انني انجبت اولاد كعواسل الحرب " .. بصعوبة قالتها و دموعها تقاطعها وتؤآزرها الشهقات .

مُرادِف المَوت"داعِشْ"Where stories live. Discover now