الفصل الأول

470 13 0
                                    

" هذا و قد أعلنت إدارة المطار عن تعليق جميع رحلاتها لهذا اليوم بسبب حادثة اختطاف الطائرة الفرنسية ... و لا زالت شرطة التدخل السريع بالتعاون مع الشرطة الدولية "الانتربول " تتفاوض مع الخاطفيين لاطلاق سراح الرهائن البالغ عددهم 200 مسافر و بينهم السفير الفرنسي " كلاريس كلاود" ، ما زلنا نجهل حقيقة الهدف من هكذا عمل ... كانت معكم ماجدة الخطيب من المطار الدولي ...حفظ الله بلدنا أمناً "
_ أوقف التصوير ... أحسنت ماجدة كان هذا عملاً رائعاً
_ أشكرك ... لكن عملنا لم ينتهي بعد ... لن ينتهي إلا بانتهاء هذه الأزمة و اطلاق سراح الرهائن
_ ما الذي يريدونه يا ترى ؟؟؟
_ لا بد أن الأمر مرتبط بوجود السفير الفرنسي على متن هذه الرحلة 
تعالت صرخات الصحفيين و المراسليين بأن الفريق الأول "محسن توفيق " سيقوم بإصدار تصريح حول قضية الأختطاف 
" ... يأسفنا وقوع هكذا حدث على أراضنا الغالية ... لكن و كما عهدتمونا سنكون على قدر الحمل بإذن الله ... و حرصناً منا على شفافيتنا و على اشراك المواطن بكل كبيرة وصغيرة ..كان لابد من نقل مطالب المختطفين اليكم ...أنهم يطالبون بإطلاق سراح المجرم الخطير " ادوارد نكيلاس" من سجن سانتيه الفرنسي ... و نحن الأن على اتصال مباشر مع رئيس الوزراء و وزير الخارجية الفرنسي ... حفظ الله بلدنا أمناً من كل شر "
صرخات الصحفين و المراسلين تعالت بأسئلة من كل أتجاه ..لكن الفريق الأول اعتذر و عاد الى داخل المطار المغلق 
قالت ماجدة :
_ اطلاع المواطن على كل كبيرة و صغيرة ... أيظن بأننا أغبياء لنصدق هذا ؟؟
_ ما الذي تقصيدنه ؟؟
_ أنه يريد التخلص من أي مسؤولية في حال حدوث أي مكروه للرهائن و السفير الفرنسي بشكل خاص أمام المجتمع الدولي ...لقد القى بكل الثقل على الدولة الفرنسية 
_ يبدو ان الأمر لن يحل بسهولة
أشارت ماجدة نحو رجل طويل القامة ..عريض الكتفين ... أسمر البشرة ... عيون زرقاء او خضراء لا يمكن أن تعلم ... برموش كثيفة ... وسيم لحد كبير 
_ أنظر ...أليس ذلك العقيد زياد صادق ؟؟
_ أظن هذا ... رئيس شعبة شرطة الأنتربول في بلدنا 
_ كل شخص ذو رتبة مرموقة من الناحية الأمنية و السياسية متواجد على ارض المطار الأن 
_ طبعاً إن مطلبهم ليس بهين .... ادوارد نكيلاس مجرم العصر ...إنه مسؤول عن أغتيال أبرز النخب السياسة في العالم ... لقد قتل الرئيس الأمريكي منذ عشر سنوات ... و من قبله اغتال رئيس الخارجية البريطانية بالاضافة الى ابرز رجال الأعمال ... لم يلقى القبض عليه خلال كل هذه العمليات و لكنه أخطئ كثيراً بمحاولته اغتيال وزير دولتنا ... المقدم زياد صادق و الذي كان وقتها المسؤول عن تأمين حمايته ... وقف له بالمرصاد و أوقعه بمصيدة محكمة ... أدت الى سجنه منذ خمس سنوات ...
_ لكن لا تنسى انه سلم المشعل لقاتل دموي أشد فتكاً منه ... لقد جعل العالم كله يسعى خلفه دون أن ينكشف أو يعرف اسمه أو شخصيته الحقيقية
_ تقصدين الشبح ؟؟
_ نعم ...لم ينسى العالم جريمته السنة الماضية لقد مات بسببه أكثر من مئة شخص ... ليقوم بالقضاء على رئيس المافيا بايطاليا
_ معك حق يا ماجدة ... إنه قاتل دموي بكل المقاييس لا يهمه عدد الضحايا الذين يسقطون في سبيل انجازه مهمته
_ كم أتمنى أن تقع يدي على تفاصيل المنظمة التي يعمل بها ... اكبر منظمات القتل في العالم منظمة " x "
_ و اكثرها ثراءً انهم لا يقومون بذلك لدافع شخصي او سياسي او ديني ...انهم ينجزون الاعمال القذرة لاشخاص يمتلكون هذه الاهداف
_ أعلم ...أعلم يا سعد ... و لكن لدي أمل بالعقيد زياد صادق ...قد يكون الشخص الذي سيلقي القبض على الشبح و انهاء وجود هذه المنظمة 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان قصي يجلس بسيارته الفاخرة ضجراً من أزمة السير الخانقة التي علق بها ... كان الغضب يتصاعد داخله ... بسبب الأحداث التي وقعت في المطار تم الغاء رحلته المتوجه الى روما .... و الأن علق بهذه الازمة القاتلة ... أخذ ينظر الى البحر المظلم و هو يزفر غضباً ... لكن ما رأه على الجسر الخشبي الممتد لداخل البحر ... و تحت الاضاءة الخفيفة جعلت حواسه تتجمد ... كانت هناك بثوب الزفاف الابيض ..تصعد على الحافة العالية لنهاية الجسر لتقف عليه أخيراً ... فكر 
_ ما الذي تفعله عروس في وقت متأخر و البرد يعصف بالاجواء فوق حاجز الجسر .. هل يمكن أنها ....
عند هذه النقطة خرج مسرعاً من السيارة متجاهلاً ابواق السيارات المعترضة ... أسرع و هو يردد 
_ هذه المجنونة ستقتل نفسها 
كانت سلام تقف على الحاجز البحري ... بوجه جامد ..خالي من التعبير ... الهواء يعبث بشعرها الاشقر ...صورة واحدة علقت بذهنها ... حبيبها و زوجها ...في ليلة الزفاف يحتضن أختها الصغرى ... يقبلان بعضهما بطريقة شهوانية مقرفة ... فكرة واحده تلح عليها لو أنهما سافرا الليلة و لم تلغى رحلتهما لما رأت هذا المنظر ...لما نزلا بالفندق ...لما تركها بعد مكالمة هاتفية ليختفي ...لما لحقت به لتجده في الممر مع اختها و هي ترتدي ثوب زفافها ... لو بقيت بالظلام بعيداً عن الحقيقة ..لما كان قلبها منكسر بهذه الطريقة ... دمعه وحيدة فرت من عينها الزرقاء زرقة البحر ..لتلقي بنفسها بالمياة الباردة ... 
شعرت بيد قوية تحيط بخصرها ... تسحبها لتسقط أرضاً معه ...أخذت تصرخ به 
_ اتركني ..أبعد يديك عني .. ما الذي تريده مني 
حاولت الأفلات من بين يدي قصي و لكنه أطبق عليها خشيت أن ترمي بنفسها ثانية 
_ تردين قتل نفسك ... لاشئ يستحق ...
_ أصمت ... أنت لا تعرف شيئاً ..لا تعرف ما ... ما فعل ... ما نورا ..لا 
عندها انهارت سلام بنوبة من البكاء الهستري ..بدأت بضرب نفسها ... لكنه أمسك بيديها لتنقل ضربتها على صدره ... تركها تفرغ شحنات الغضب و هو يتطلع الى وجهها الفاتن ... كيف يمكن لفتاة واحده أن تحضى بهذا القدر من الجمال ... استمر بتجاهل صوت نفير المركبات الغاضبة 
استكانت ضربات سلام على صدر هذا الغريب ..عاد الى وعيها ... ما أوشكت على القيام به ... كادت أن تقوم بقتل نفسها ... و تركت نفسها تنهار أمام رجل غريب ..أحمرت وجنتها خجلاً و هي تبتعد عنه ...تركها ... شعر بأنها أصبحت واعيه من جديد
_ أنا أسفه سيدي حقاً ...أسفة
_ لا ...لا تأسفي ... لن أتمكن كل يوم من منع فتاة من الأنتحار 
قالت و التوتر يلفها :
_ أنا ... أنا لم أكن أريد الأنتحار ... أنا كنت أريد السباحة 
_ السباحة ؟؟ 
قالت و هي تبتعد غاضبة منه و من نفسها :
_ أنت مجنون ... أبتعد عن طريقي 
_ قال وهو يلحق بها 
_ مجنون ؟؟أنا ؟؟ أتريدين أن أصدق بأنك أردت السباحة بالمياة الباردة ليلاً ... قافزة من الحاجز البحري
_ لا تقلق أجيد السباحة جيداً .. أنا ابنة البحر
_ ابنة البحر ؟؟؟ هل أنت الحورية الصغيرة... هل هربت من عالم دزني و جئت لتبحثي عن حبيبك في أرض الواقع بثوب زفاف 
توقفت عن السير لتنهار أقدامها ...سارع بامساكها قبل سقوطها أرضاً ...قال بقلق بالغ :
_ هل أنت بخير ؟؟
_ أجل ...لكن أشعر بدوار شديد ...
_ سأخذك الى المشفى 
_ لا.. لا داعي ..شكراً لك 
_ الى أين تودين الذهاب ؟؟
_ الى منزل أخي ...هل يمكنك ايقاف سيارة اجرة لي 
_سأقوم بإيصالك 
_ لا ...شكراً لك
_ تردين الركوب بسيارة اجرة بهكذا مظهر
_ هل ابدو بهذا السوء
_ لا ... طبعاً لا ...انت ...تبدين فاتنة
أحمرت وجنتها ثانية ... قالت لتغير الموضوع و قد أدركت خطورت الموقف الذي تورطت به 
_ أخي يسكن في الجهة الغربية للمدينة
_ اذا نحن متجهان لنفس المكان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
عادت ياسمين الى منزلها مسرعة ...كانت تشكر الله على سفر زوجها حازم اليوم ... لقد تأخرت بزفاف صديقتها سلام بصورة لم تتخيلها ... كان سيضربها كما يفعل دائماً ... لازلت الاثار تملئ جسدها منذ المرة الاخيرة ...جعلها هذا الامر ترتدي ثوباً طويلا ... يغطي ذراعيها بشكل كامل ... 
فتحت الباب و هي تنادي على اختها سعاد و التي كانت ترعى ابنها الرضيع يزن ... 
_سعاد آسفه على تأخري لقد ...
قطعت عبارتها مع انحباس انفاسها ... حازم كان يقف على باب غرفة النوم عاقداً ساعديه ...
_ إذا تعلمين بأنك تأخرتي 
_ حازم ... ما الذي تفعله هنا ؟
قال وهو يتقدم ناحيتها ... ينظر اليها بعيون يتطاير منها الشرر
_ ما الأمر ؟؟هل تكرهين رؤيتي أيتها الجميلة
_ لا ..طبعاً لا و لكن ...
_ لقد تم إلغاء جميع رحلات الطيران عزيزتي ... بسبب حادث ما وقع في المطار
_ يزن أين هو؟؟
_ لا تقلقي إنه نائم بالداخل
_سأدخل اليه 
أسرعت بالدخول الى غرفة النوم ...لكنه أمسك بذراعها ... ليفترس من شفتها قبلة دموية ... هكذا يبدأ جنونه دائماً ... هذه طريقته بالعقاب .... شعرت بأنفاسها تختنق داخلها ... أفلت شفتاها ...شعرت بالدماء تتنزيف منهما ...حدقت بصدره ...لم تجرأ على رفع نظرها اليه ... سوف يبدأ بضربها ... هذا ما فكرت به ... قال وهو يمد يده الى جيبه مخرجاً صورة ...ليضعها أمام عينيها :
_ أتتعرفين على هذه الصورة زوجتي المخلصة 
نظرت اليها ليتملكها الرعب ...هي في أحضان رجل لم تره في حياتها ... قالت بصوت مختنق ...
_ لا ..لا ...هذه الصورة مزورة ... صدقني يا حازم
صفعها على وجهها لتسقط أرضاً ...و عاد ليرفعها ليقوم بصفعها ثانية و ثالثة ... كانت تكبت صرختها خوفاً من إفزاعها لصغيرها.. لكنه أخذ يصرخ :
_ أيتها الحقيرة الفاجرة ... كنت أعلم ... كنت أعلم بأنك خائنة
_ أرجوك ... انا لم أفعل شيئاً ...صدقني
رماها أرضاً و أخذ يركل جسدها دون وعي ....تكومت على نفسها تحمي وجهها ... و هي تردد بنفسها سوف يتوقف ...سوف يتوقف 
بالنهاية انهار على المقعد بانفاس متسارعة و هو ينظر الى جسدها المنهك على الأرض ... 
_ لم أعد أحتملك يا ياسمين... أنت مجرد قذرة لا يمكن أن أسمح لك بتدنيس منزلي و بيتي و ابني ...
حاولت رفع نفسها عن الأرض لكن الألم خذلها قالت بصوت متقطع
_ أنا ..أ..أنا لم أفعل ... لم أفعل 
_ اخرسي ...اخرسي ....لا أطيق النظر لوجهك هذا
نهض و اتجه لغرفة النوم ... حمل يزن بين يديه و حمل الحقيبة التي سبق و جهزها و قف أمام ياسمين و هو يقول 
_ أنت طالق يا ياسمين طالق و انسي أن لك ابنا ... انسيه 
نهضت متهالكه تجر قدميه ... متناسية الألم الذي يدق عظامها 
_ لا أرجوك حازم ..أنا أرجوك ...أترك يزن أتركه 
_ لا يمكن أن أسمح لقذرة مثلك أن تربي ابني
خرج من المنزل ... حاولت اللحاق به ... دفعها لتقع أرضاً ... لم تستطيع النهوض ... أخذت تصرخ باكية 
_ حازم ...حااااااااااااااااازم ... أعد ابني إلي ..أنا بريئه ...أخ أعد ابني ...أريد يزن ....اه ... لم أرتكب أي خطأ أرجوك... يييييييييييييييييييييييييزن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
_ لا يمكن تلبية طلبهم ... لا يمكن اطلاق سراح شخص دموي ...قاتل ...مثل ادوارد نكلاس ... صدقني سيدي الفريق أول ... سينتقم شر انتقام من كل شخص في هذه الدولة
_ ايها العقيد زياد ... لا تتجوز حدودك 
_ أعتذر سيدي الفريق أول و لكن ...
_ أعلم بأن الوضع خطير للغاية ...السفير الفرنسي و جماعته متواجدون على هذه الطائرة
_ و 200 مسافر بروح كالسفير تماماً متواجدون أيضاً على هذه الطائرة 
_ و مالذي تريده الآن ... تريد اقتحام الطائرة بطريقه همجية لتثير أزمة دولية 
_ طبعاً لا سيدي ... ولكن يجب أن نتحمل مسؤوليتنا و لا نلقي بمسؤولية أتخاذ القرار على الدولة الفرنسية ...
_ هل لديك خطة يمكنك طرحهاعلي بدلاً من الصراخ دون جدوى
كانت ابتسامته الماكرة جواباً كافياً ... وقف الفريق اول مذهولاً من عقل هذا الشاب الذي خرج بخطة لا يمكن أن يتصورها عقل ... ان ما يريد القيام به ضرب من الجنون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
عادت أماني متعبة تسحب نفسها ..تتخيل السرير ... تتمنى أن تحتضنه لتغرق بنوم عميق ... فكرت بأنها سعيدة بسفر اخيها و ابن عمها حمزة الذي يلح على طلبه الزواج منها ... لكنها ببساطة تكرهه و تمقته تشعر بنفور غير مبرر من ناحيته قد يكون مؤيد هو السبب انها تحبه و لا تريد رجلاً غيره ...كان يبدو شديد الوسامة في حفل اليوم ...
فتحت الباب لتصدم نظرتها بابن عمها الجالس وسط صالة الجلوس
_ ما الذي تفعله هنا ؟؟
_ لقد تأخرتي
_ هذا ليس من شأنك 
_ من اليوم سوف يصبح شأني ... زوجتي الغالية 
_ أنت مجنون
وقف ليقترب منها بنظرات جعلت قلبها يخفق بجنون ...قال وهو يحيط خصرها النحيل بين يديه مانعاً إياها من الهرب 
_ ابتعد عني كيف تجرأ على لمسي بهذه الطريقة
_ كما تجرأ ذلك الشاب على احتضان يدك في ذلك الزفاف الملعون
استكانت على وقع كلامته ...
_ ما... ماذا؟؟
_ لقد جئت و اخاك الى حفل زفاف صديقتك و لولا سيطرتي عليه لكان تسبب بفضيحة لك بين اصدقائك ...لقد ذهب لإحضار المأذون الشرعي و أخيرا ستصبحين زوجتي كما تمنيت دائماً 
حاولت الافلات من بين ذراعيه ثانية .. لكنه أطبق عليها كما المصيده و هي تصرخ :
_ لا ... لن يحدث أنا أكرهك ...أكرهك ...مؤيد يحبني و سوف يتقدم لخطبتي
أسكتها بقبلة طبعها على شفتيها لتنتفض بين يديه كالطائر المذبوح 
أقترب من أذنها و هو يهمس 
_ لن تكوني لرجل أخر يا أماني هذا الجسد الرشيق المثير الذي يأسرني سيكون ملكي أنا فقط 
_ لا ... لا .. لا يمكن ... أصمت
أفلتها أخيراً و أبتعد عنها ليجلس و يضع قدماً على قدم 
_سنرى بعد قليل سيصل سامر و معه المأذون الشرعي و شاهدين اثنين و بعدها سيتم الزواج ... بشكل... كامل 
ارتجفت كل خلايا أماني رعباً ... شعرت باضطرابها يتصاعد مع الخطوات الكثيرة التي تقترب من الباب إنه أخوها و هو ليس وحيداً 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت دلال تتمشى في الطابق العلوي من منزلها تشعر بالملل ... كان عليها أن تتوقع منذ موافقتها على الزواج من السيد العقيد زياد ...بأنها سوف تقضي الوقت بانتظاره ... و ان عاد الى المنزل لا يتوقف هاتفه عن الرنين ... وضعت يدها على بطنها المنتفخ بحنان بالغ و هي تقول :
_ عندما تأتي انت لدنياي بعد خمس شهور طويلة لن تترك لي لحظة واحده مملة ... اتفقنا 
اجفلها صوت رجل غريب ... صوت اقرب الى حفيف الافعى ... رأته يقف في بقعة مظلمة
_ لم اكن اعلم ان زوجة العقيد المحترم زياد حامل 
قالت بصوت مرتجف 
_ من ...من أنننت ..كيف ددد دخلت الى هنا ؟؟
تقدم قليلاً ليصبح تحت الضوء ...يرتدي قناعاً فضي .... و يرتدي بدله سوداء بقميص أبيض 
_ أنا ... الشبح .. ألم يخبرك زوجك عني ... هو عدوي اللدود نتمنى أن نقتل بعضنا البعض ... لكن لا أدري من سيسبق الأخر 
_ مالذي تريده ..ارحل ... أرحل الأن ...سوف أتصل بالشرطة 
حاولت الأسراع الى الهاتف القريب منها ... لكنها لا تعلم كيف وصل اليها ... أمسك بيديها ...شعرت بجسدها كالدمية أمامه... أرتجفت كل خلايا جسدها ..شعرت بقلبها يتوقف عن الخفقان ... ... قال و هو يهمس بأذنها : 
_ سوف أرحل ...لكن
_ لللكن ... ماااذا ؟؟
_ جئت لهدف و لم أحققه بعد هناك رسالة يجب أن تصله 
نظرت الى قناعه تحاول الوصول الى مقصده ...
_ أجل رسالة .. أخبريه أن يبتعد عن طريقي ..أنا لا أشعر بالخوف منه و لكن لا أريد أن أسبب له ضرراً أكثر مما سيحدث 
شعرت بأن الخطر يقترب أكثر و أكثر .... حاولت الصراخ ...لكنها لا تستطيع ... فقدت صوتها و القدرة على الكلام 
قرب جسدها ناحيته أكثر ... حاولت التحرك لكنها شعرت بالشلل يغزو اطرافها ...الرعب ينهش قلبها .. . و فجأة دفعها على درجات السلم المتواجد خلفها ... عندها صرخت رعبا و ألماً و صلت لأخر درجة ..اصطدم رأسها بالتمثال الحجري اسفل الدرج ... أقترب منها و ابتسامة خبيثة رسمها من تحت القناع ... 
_ للأسف لا أعلم إن كنت سوف تتمكنين من إيصال الرسالة له ... قد تكونين ميتة للاسف
أخرج من جيبه كرت يشبه ورق اللعب في وسطها صورة قناع فضي ألقى به على جسدها النازف .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
_ لا ...لا يمكن أن أوافق على هذه الخطة إنها ضرب من الجنون قد تتسبب بمقتل الجميع و من ضمنهم انت نفسك
_ سيدي الفريق مع احترامي ...
قطع صوت اطلاق النار نقاشهما المحتد ... لتنصرف الأنظار الى الطائرة التي فتحت بوابتها ... و ليصعق الجميع بمظر الجسد الذي القى منها و هو مضرج بالدماء
حبس الجميع أنفاسه ... نظر الفريق أول لزياد و هو يقول 
_ حسناً يا زياد سننفذ خطتك ...ابدأ حالاً 
في داخل الطائرة كان جميع الركاب مخفظي الرؤس ...يبتهلون بالصلاة و الدعاء كلاً حسب دينه و ملته .. حتى من كان يظن نفسده ملحداً بدأ يتوسل الله لانقاذه من هذا الموقف ليتوب و يعود اليه 
ريتاج بجسدها المرتجف و عيونها الدامعه كانت تقرأ كل آيات القران التي تحفظها تدعو الله بأن ينجيها من هذا الموقف الصعب ... لم تتصور يوماً أن يوجه اليها سلاحاً من قبل خاطفين ...لقد قتلوا رجلاً أمامها بدم بارد ... رغم صعوبة الموقف و رعبه كانت أفكارها متجه الى زوجها فراس ... لو أنها لم تخرج من المنزل غاضبة منه قائله بأنها تكرهه... لو أنها قالت له بأنها تحبه حقاً ... لو قالت له أن الثلاث سنوات الأخيرة التي قضتها معه كزوجة كانت من أجمل أيام حياتها رغم شجارهما المستمر ...حتى هي نفسها لم تكن تعلم انها تعشقه و تهواه لهذا الحد ...ظنت أن الشعلة التي كانت بينهما قد خبت مع معترك الحياة ... و لكنها الأن تعلم أن الشعلة لازلت متقده بقلبها كالنار 
فراس الواقف مع أهالي المختطفين يذرع الأرض ذهاباً و إياباً في القاعة التي خصصت لهم في المطار ... كان يدعو الله بتضرع بالغ ...دعاه كما لم يفعل يوماً ... كم يشعر بالندم لإغضاب ريتاج بهذه الطريقة قبل سفرها ...ما كان يجدر به إزعاجها بهذه الطريقة الفظة ... لقد كان يعلم أنه تزوج من شابة تسافر كثيراً ..عملها يتطلب هكذا أمر ... و هذا ما جذبه اليها ... روحها القاتلية من أجل قضايا إنسانية ... و بالأخص القضية الفلسطينة ... إنها تسافر حول العالم لتخبرهم بحقيقة ما يجري هناك ... لماذا أصبح يغضب في كل مره تسافر فيها ... لما أصبح غيابها أمراً لا يمكن تقبله ...لقد رحلت و هي تصرخ مردده أكرهك فراس ..أكرهك كما لم أفعل يوماً ... هل يعقل هذا ؟؟ هل تكرهني ريتاج بسبب غضبي الأعمى 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
_ أين كنت ؟؟
_ كان هناك أمر يجب أن أهتم به 
_ كنت أنتظرك حتى تأتي و بسببك سوف أتأخر كثيراً و قد يلفت هذا الأمر الانتباه
_ و ما الذي تريده ؟؟
_ أنسيت بأن رحلتك قد ألغيت و يجب إعادة ترتيب الأمور
_ كان يجب لرؤساء المنظمة إبلاغنا بهكذا أمر ... يخطتفون طائرة بنفس يوم مغادرتي .. أنهم يعلمون بتحركاتي جميعها
_ تعلم أن المعلومات التي تصلك تكون على قدر الحاجة 
_ لماذا يريدون إخراج إدوارد ؟؟
_ و لما لا تريده خارجاً ؟؟
_ لم يعد هناك ضرورة لتواجده ... 
_ احذر الغرور ايها الشبح فهذا ما أدى الى سقوط ادوارد 
_ لا تقلق علي ..لست مثله و هو ليس مثلي 
_ بالطبع أنت أكثر شباباً ..حصلت على تدريب من الدرجة الأولى ..تملك من الوسائل التي لا يمكن أن يتصورها عقل و لكنك مغرور للغاية ... هذا آخر تحذير 
_ لا يهم ... ألم تقل أن لديك موعداً مهماً
_ لم تخبرني أين كنت فالبداية ؟؟
_ فقط ..أرسلت رسالة 
_ رسالة ؟؟ ما الذي فعلته الآن ؟؟
_ لا شيء ... فقط قمت بزيارة الى زوجة العقيد زياد 
_ أنت مجنون كيف تقدم على عمل كهذا ؟؟ تريد أن تسلم نفسك الى حبل المشنقة 
_ اهدأ لن يكتشف أي شيء 
_ من المؤكد أنك تركت بطاقتك التعرفية ... هل قتلت زوجته ؟؟
_ لا أعلم قد تكون ميته و قد تكون على قيد الحياة 
_ أنت مجنون ..حقاً مجنون ..ادع الله أن لا يصل الأمر الى الرؤساء ..سوف يقوم بتصفيتك وقتها
_ لا ... لن يفعلوا ...لا يستطيعون العيش دون خدماتي 
_ مغرور و أحمق سوف تقوم باسقاطنا معاً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
كانت سلام تبكي بين ذراعي زوجة أخيها جمانة بحرقة ... أما معتصم فكان يحترق غيظاً و قهراً على أخته المنهاره بسبب خيانة زوجها لها بلية زفافها 
دخلت أمها مذعورة لتسرع لابنتها لتحيطها بعطفها و حنانها أما الأب فأخذ ينظر لجسد ابنته المنهار و هو يهتز ...نظر الى معتصم الذي كان يتفجر غضباً ...و من بعدهم دخلت نورا بخطوات مرتجفة ..لقد رأت الصدمة و التقزز على وجه أختها و هي بين أحضان امها ... كيف ستواجهها الأن ... هل أخبرت الجميع بما حدث ... رفعت سلام راسها باتجاه نورا لترمقها بنظره نارية ... حان وقت ..سوف يقتلها معتصم لا محاله ... 
_ يجب أن يطلقها اليوم 
_ ما الذي تقولينه يا أم معتصم اهدئي
_ لا يمكن أن تبقى على عصمته بعد هكذا عمل 
_ طبعاً لا و لكن قد يمتلك تفسيراً معقولاً لما حدث ...
عندها مشت سلام نحو أبيها بصعوبة بالغة... و هي تبكي بحرقة 
_ أرجوك أبي أنا لا أريده إنه شخص خائن و مقرف 
ضمها الأب بحنان بالغ ..فرت دمعة قهر وحيده من عينه 
_ كما تريدين يا ابنتي كما تريدين 
_ سوف أقوم بقتله 
_ معتصم ..لا تتهور ... دعنا ننهي الأمر بهدوء أتفهم بني 
سكت معتصم و هو يشد على اسنانه غيضاً .. أما نورا فقد كادت تموت بأرضها ..سلام لم تخبرهم حقيقة ما حدث لقد قامت بالتغطية عليها بعد فعلتها ... و لكنها تحبه ..عشقته منذ أن تعرفت عليه ..و هو قد أحبها أيضاً ... في هذه الليلة كانت تموت و هي تراه يزف لأختها .. عندما علمت بعودتهم من المطار ..لم تتحمل ... توجهت مسرعة الى الفندق بحجة أخذ بعض الأغراض لأختها ... اتصلت به و هي خارج الغرفة ... لم تتمالك نفسها ... القت بنفسها بين أحضانه .. كانت هذه قبلتها الأولى ... نسيت العالم و أختها و كل شئ و هي بين يديه ... كيف ارتكبت هكذا عمل ... كيف تجرأت ... ليست سيئة الأخلاق ... كيف حدث هذا ...كيف وقعت بحب زوج أختي ... كيف فقدت السيطره على نفسي ...التزمت الصمت طوال السنة الماضية ...لم أتبادل معه سوى النظرات و هو أيضاً فعل ...كذبت نفسها كثيراً و لكنها انهارت في يوم زفاف أختها ...كان يجب أن تبوح بمشاعرها و هو أيضاً فعل ... لماذا ذهبت الى الفندق ... لما لم يسافرا .. لكان بركان المشاعر في قلبها قد خمد ... لكانت سيطرت على نفسها 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
_ لقد مضى على الأمر ساعات و لم تصلنا أي أخبار جديدة ؟؟
_ لا بد أن المفاوضات مستمرة ؟؟
_ أي مفاوضات ...لقد قاموا بقتل رجل و رميه بدم بارد 
_ ماجدة يجب أن تهدئي ... هذا من أهم شروط الصحفي الناجح 
_ أنا آسفه و لكن المعلومات التي وصلتني عن الرجل القتيل أثارت اعصابي
_ أعلم ... إنه زوج و أب لثلاث أطفال 
_ الأوغاد
أصوات اطلاق رصاص هزت أركان المطار ... وقف الجميع لتتجمد الأنظار باتجاه أرض المطار ... القلوب توقفت عن الخفقان

الشبحWhere stories live. Discover now