الفصل 22

848 103 32
                                    

أمطار هادئة ... و نفوس حزينة ... سحابات سوداء ... و أجساد تتحرك في ذلك المكان بقرب تلك الحفرة التي تحمل ثابوت الرجل الصالح ...
يتقدمون الواحد تلو الآخر و يرمون التراب على قبره مع نظرات أخيرة يلقونها عليه ...

إلا رافايال الذي ظل واقفا يمسك التراب بقبضة يده دون ان يرميه ...
يشده بقوة لدرجة ابيضاض يده ...

من الصعب عليه ان يودع ذلك الشخص العزيز و كأن قطعة منه سيتم دفنها تحت التراب ... أخذها منه الموت دون ان يعيده ...

غادر الجميع إلا هو على تلك الوضعية ... و زينون الذي ظل يراقبه من مكانه دون ان يشعر الأخير بوجوده رغم انه ليس ببعيد ...

رآه يتقدم من القبر بخطوات مرهقة متعبة ... جثى على ركبتيه امامه ربت بالتراب في يده على القبر رفع رأسه و عيناه تحمل نظرات غاضبة متعطشة للقتل ...
تلك النظرة يعرفها زينون جيدا ...
تلك النظرة المقيتة ...
كانت آخر شيء توقع أن يراه على وجه رافايال ...
رافايال ليس كباقي البشر
لا يجب ان يمتلك تلك النظرة
رافايال البريء
الآن تحول و صار شخصا مختلفا
و هذا طبعا لن يعجب زينون

_" لا يجب ان يحمل رافايال تلك النظرة فهي فقط تخص المتوحشين من أمثالي أنا ... انها تخص الملعونين و المدنسين مثلي و ليس أشخاصا من شبيهتك يا رافايال "
هذا ما قاله في نفسه و هو يراقبه ...

ما يشده في رافايال هو شجاعته و تمسكه برأيه رغم انه يكون متهورا جدا في معظم الأحيان ... يخاطر بحياته من أجل الحق و لا يتخلى عن أصدقائه أبدا ...

الآن زينون قد تغير لمجرد تعرفه على رافايال
كان يعيش في سواد دامس الى ان أنار له رافايال _ حتى دون قصده_ ذلك السواد و حوله الى شيء مختلف ... شيء صار من السهل على زينون العيش معه ...
ربما يكون رماديا و لكنه يظل بعيدا عن الأسود
رافايال يمثل الشمعة الصغيرة التي انارت دربه و ابعدته شيئا فشيئا عن احلامه التعيسة المتمثلة في القتل و الدم
الآن يريد فقط أن يحيى بطبيعية
هذا هو
هذا هو اقصى طموحات زينون الآن
حياة هادئة و طبيعية
كباقي البشر
أوليس نصفه بشري هذا يعني انه يستطيع أن يعيش مثلهم أوليس كذلك ؟
و شيئا فشيئا بدأ ينسى ذلك الجانب المظلم منه و يهمشه
حتى انه لم يعد يعطيه لعنة من تفكيره
فالآن لا يرى شيئا غير شمعته الصغيرة التي توشك على الخمود
راقبه بعيناه الداكنتان اللتان غسلتا بماء المطر فهو لم يحمل مظلة معه و لم يكن يعلم ان السماء ستشاركه حزنه على شمعته العزيزة

شعر بشيء دافء يتدفق على وجهه ... و حرارة في عينيه ... رفع يده بشيء من الاستغراب ليلتمس قطرات الماء التي شكلت خطا رفيعا على وجهه ، دافء بشكل جميل ... أجل أحب دفءه بشكل ما رغم انه لم يفهم مصدره ...
صارت رؤيته ضبابية و صارت صورة رافايال امامه تتحرك بشكل غريب و تصبح غير واضحة .
فرك عينيه التي امتلئت بتلك المياه الدافئة
و لسبب ما شعر بشيء يحرقه في حلقه
و دقات قلبه تصبح أثقل
لم يفهم ما الذي أصابه ... ليحني رأسه الى بركة الماء التي تشكلت أسفل قدميه بسبب المطر و انعكس عليه وجهه ليلاحظ ان سبب عدم قدرته على الرؤية بوضوح تلك المياه التي تتسىرب من عينيه
و ذلك الألم في صدره كان يشبه بشكل ما ذلك الألم الذي أصابه عندما شعر بأنه سيخسر كل شيء امتلكه خلال تلك السنوات القليلة ...

ليفهم أخيرا ... تلك المياه في عينيه هي دموع و ذلك الألم الذي أصابه هو الحزن ...

...

سارت بخطوات حذرة متجهة الى ذلك البيت الصغير كادت تفتح الباب و لكنه فتح تلقائيا ... كانت مستغربة الى ان خرج ديو و على وجهه ابتسامته البريئة
_" صباح الخير آنسة كيارا كيف حالك ؟"

توترت كثيرا فهي لم تعرف ان هنالك من يشارك زينون السكن  لتسأله متجاهلة تحيته و سؤاله عن احوالها
_" ماذا تفعل هنا؟"

توسغت ابتسامته و هو يجيبها
_" طلب مني الاستاذ زينون ان ابقى في بيته خلال هذه الفترة حتى تخدأ الأوضاع و يعثرون على القاتل "

همهمت كإجابة ليسألها بصوته الطفولي
_" هل أنا تبحثين عن الاستاذ زينون ؟ لقد خرج منذ الصباح الباكر و لم يعد الى الآن "

_" أممم حسنا "
قالتها ثم واصلت في نفسه
_" اعلم فهو الآن في المقيتة لهذا اغتنمت الفرصةو أتيت و لكنه هذا الطفل ... "
فتذكرت فجأة لتسأله
_" أهناك مكان ستذهب إليه ؟"

_" أوه أجل في الحقيقة لدي كتب تركتها في بيتي سأذهب لأحظرها و أدرسها بما أنه لا توجد مدرسة في الوقت الحالي "

_" حسنا اعتني بنفسك "

تظاهرت بانها غادرت بينما تنتظره حتى يبتعد مع المسافة ثم عادت ركضا الى البيت لتدخله ...
ثم أخذت تبحث عن اي شيء يثير الشبهات
دخلت غرفته الخاصة و أخذت تبحث بين اغراضه و في خزانته لتعثر على كيس ... أخرجته سريعا و فتحته لتجد فيه ثياب زينون عندما أنظم اليهم في المرة الأولى ... كانت ستعيدها و لكنه وقع منها شيء أحدث ضجة خفيفة كأنه معدن ما يتدحرج ...

أخذت تبحث ببصرها عن ذلك الشيء لتراه يلمع من مكان قرب السرير ...
أسرعت إليه و التقطته ... ثوان تحدق فيه الى ان استوعبت ما كانت تحمل بين يديها لتتسع مقلتاها من الصدمة ...

...

غادر زينون الى بيته و قبل ان يفتح الباب جاء ديو ركضا ليقف امامه و طوله لا يتعدى صدر زينون
_" مرحبا استاذ "

_" اين كنت ؟"

_" في الحقيقة كنت في بيتي احظرت بعض الكتب "
قالهاا و هو يظهر الكتب لزينون
ليومأ الآخر بتفهم ثم فتح الباب و قال
_" هل تناولت طعامك؟"

هز ديو رأسه ايجابا ثم قال
_" اممم استاذ كيف حال رافايال فأنا لم أره منذ مدة؟"

_" انه بخير "
قالها ثم اتجه الى غرفته و دخل.

شعر بشيء غريب في غرفته و بشكل تلقائي ركض باتجاه خزانته و بحث في الكيس عن الغرض المهم و لكنه لم يجده ...

اسود العالم من حوله و اختفى بريق عنينه لتصبح داكنة مخيفة ...
برزت عروق يده و أطلق صرخة دوت في المكان لتبث الذعر في قلوب كل من سمعها .
ديو الذي كان في الخارج شعر بالخوف الشديد ليلتصق يجده بالجدار و هو يرى زينون يخرج من غرفته و تحيطه هالة مخيفة ...
تراقصت عينيه في محجريهما ثم سقط على الأرض يحيط يديه برأسهو يصرخ
_" أرجوك لا تؤذيني "

.
.
To be continued
.
.

لماذا غضب زينون ؟

ماذا سيفعل لديو ؟

و هل ستكون هذه خطوة نحو تغير الاحداث ؟

شكرا على المتابعة 😍😘

bloody nights 2Where stories live. Discover now