- 5 -

10.1K 574 27
                                    

كانت لا تزال تقف وسط حشد المحتفلين المشغولين بالرقص، عيناها إلى السماء، تتأمل النجوم المتلألئة، و هي تتمايل ببطئ شديد و كأنها ورقة تحركها رياح لطيفة. أطبقت جفنيها لمدة، إستنشقت نفسا ثم زفرته زفرة هادئة و هي تبتسم لنفسها. شعرت بيد تهز كتفها برفق، فالتفتت إليها لتلتقي عيناها الثملتان بعينين خضراوتين بدى لونهما الفاتح الجميل واضحا جدا بفضل أضواء الإحتفال. إقترب صاحب العينين الجذابتين من ريما ببتسامة صغيرة، ثم ناولها السترة.
- أظن أن السترة لك. كانت على الأرض.

لم تتحرك ريما و لم تبدي أي ردة فعل. كانت شاردة في ملامح الشاب الواقف أمامها. تتقدم نحوه و هي تتأمل عينيه، أنفه المستقيم، شفتيه النحيلتين الورديتين، ثم شعره الأسود القصير المبعثر، شكل وجهه البيضاوي، و عظام فكه و خديه البارزة. إبتسمت له فبادلها بألطف من إبتسامتها ثم وضع السترة بين يديها. أمسكت بالسترة، تفحصتها، ثم رفعت بصرها إلى الشاب لحظة سألها:
- أ ترغبين.. في تناول مشروب؟ عصير؟ أو ربما نبيذ؟

أطالت النظر إليه مجددا دون أن تجيب، فأضاف قائلا:
- إنها دعوة، و أتمنى أن لا ترفضيها.

هزّت ريما رأسها فأشار لها إلى المائدة.
- من هنا آنستي.

تبسمت له ثم تقدمته و هي تسير متعثرة في كل خطوة.
- أنت ثملة؟

هزّت رأسها نفيا بحركة ثقيلة.
- لا! لا. أنا لا أشرب. أبدا!

ثم أكملت سيرها، بينما كان الشاب خلفها يتبعها منتبها لخطواتها.
سأل في قلق:
- أ متأكدة أنك بخير؟
- أنا بخير! بخي..

إختفت الكلمات من بين شفتيها عندما تعثرت. هبّ الشاب لمساعدتها فأمسك بكتفيها من الخلف قبل أن تسقط أرضا.
- أنتِ بخير؟

ما إن إستعادت توازنها حتى دفعته بعيدا عنها، ثم صرخت في وجهه قائلة:
- لا تلمسني.. لا تلمسني أبدا.

إقترب منها محاولا تهدئتها.
- أنا.. لم.. لم أقصد سوءً يا آنسة.

تراجعت بضع خطوات و بؤبؤتاها ترتعشان، و كأنها خائفة من شيء ما.
- لا تقترب.

تصنم الشاب في مكانه.
- أنا آسف. هل أنتِ.. بخير؟

إستدار إليهما الناس من حولهما، و كان ماكس من بينهم.
إمتلأت جفنا ريما بالدموع فجأة فحاول الشاب تهدأتها، لكنها رفضت إقترابه منها، و دفعته بعيدا ثم جلست على الرمال تنتحب. وضع ماكس الكأس الذي كان بين يديه، ثم أسرع إليها و جلس أمامها.
- ريما، أنت بخير؟

رفعت بصرها إليه و هي تبكي و تئن، فأمسك بيدها ثم حاول مساعدتها على الوقوف لكنها دفعته بعيدا عنها.
- لا تلمسني قلت!

حب الصيفWhere stories live. Discover now