البوصلـه

٩

نظرتُ لساعتي أتفقدُ الوقت، فرأيت بأن الليل قد حل وغُرفتي لم تأتي بعد.

كنتُ قد أعطيتُ رقم هاتفي لهم ليتصلوا بي إن لم يصلوا للمكان وضاعو، لكنهم للآن لم يتصلوا.

خرجتُ من الحفلة لتلحقني بيان مُمسكة بيدي، لقد سحبتُها أنا معي لأكون صريحة.

وبينما حملتُ هاتفي لأتصل بهم سمعتُ صوت سيارة تتجه ناحيتنا فأخرجتُ رأسي لأنظر إن كانوا هم أم لا، وحمداً لله كانوا هم فخرجتُ وبيان لا تزالُ معي.

فتحتُ لهم باب المنزل ليضعوا الأثاث في منتصف البيت فرأيتُ المدعو مُعتز يساعدهم ، علمتُ حينها بأنهُ يريد أن يلفت نظري فما كان مني سوى أن أشكرهُ .

بعدها أغلقتُ باب منزلي ودلفتُ لمنزل الخالة كي أودعهن فأنا ينتظرني عملٌ كثير.

أخبرتني ودق بأنها يُمكنها مساعدتي لو أحببت لكنني لم أكن لأريد أن أكون عبئاً عليها فرفضت لكنها أصرت، أخبرتني بأنها ستُحب مساعدتي هنا بدلاً من العودة لقوقعتها الصغيرة.

هي تريد أن تشعر بالحرية ولو قليلاً، لكنها أعلمت والدتها بأنها ستتأخر على أية حال.

أما سمراء وبيان فأردن أن نغدو أصدقاء لا فقط جيران، وبما أنني وبيان في نفس العُمر وسمراء وودق نفسُ العمر، كنا سنكون مجموعةً لطيفة.

فما كان من السمراوتين إلا ان عادو ليخبروا والدتهن بأنهن سيساعدنني أيضاً في الطلاء وترتيب الغرفة ثم يعودن لي بملابس مريحة كي نبدأ العمل.

كُنا نضحكُ كثيراً ونحن نحمل القنفات ونُغير من شكل المنزل تماماً، لقد أردت تغيير الغرفة فقط لكن بيان أقنعتني بأنها ستُصبح مغامرة لو غيرتُ المنزل كله.

ضربت ودق بإصبع قدمها الصغير القنفة بينما كانت تسحبها، فسقطت في الأرض تضحك بشكلٍ هستيري من ألمها، وبينما بيان وسمراء يضحكن معها ذهبتُ لجلب صندوق الإسعاف الصغير لأضع مرهماً ولاصق علي، ربما الأمر لا يستحق لكنني سأفعلها .

وبينما أنا مُمسكة بقدمها لأضع المرهم غصتُ بتفكيري..

نحنُ نضحك بشكلٍ قوي وهستيري في حالتين، أما لأننا سنطيرُ من شدة سعادتنا فلا نستطيع السيطرة على مشاعرنا الجياشة فنخرجها بالضحك والبكاء في آنٍ واحد.

أو..

حينما نكونُ بائسين وقلبنا يضجُ حُزناً ووجعاً فاق الخيال، فبدلاً من أن نبكي ونُخرج طاقتنا السلبية، نضحك بشكلٍ جنوني لتفريغ طاقتنا ولكي لا نُزيد الوضع سوءاً أو نقلب الموقف لعزاء.

عميقاً، كنتُ أبكي بصمت علىٰ حالة ودق وحال جميع من يُعاني ومن ليس بيده حيلة لتغيير وضعه، رُبما أكون أنا محظوظة لما أنا عليه، لكنني أحزن لأن مثل هؤلاء الناس لا أستطيع فعل شيءٍ يُكفف حزنهم.