١٧

8 1 0
                                    

ودق..

الحماسُ يدبُ في جسدي، مرتضى قد جاء ليطلب يدي وأنا متوترة ومتحمسة للغاية ولا أعلم كيف لي أن أهدأ نفسي.

كم أتمنى لو كانت لي صديقة أشاركها حماسي وفرحتي هذهِ ، لكن ليس عندي سوى نفسي وأختي التي ستنهار فقط لأنني الأصغر وستتم خطبتي بينما هي لم يتقدم لها أحد.

كانت تذهب وتجيء في الغرفة وكل ما تُتمتم به هو كيف أنا المُعقدة، الساذجة، البشعة سأتزوج قبلها هي الجميلة، الإجتماعية، الساحرة.

وأنا فقط أحاول تهدأة نفسي وأن لا أرتكب بها جريمة قتل، لأن اليوم هو يومٌ مميز.

سمعتُ أصواتهم وهم يقولون إن شاء الله خير وأن يتم الزواج وتقبل العروس، أتمزح معي يا والدي؟ أنا موافقة حد النخاع.

بعدها طُرقت باب غرفتنا ودخل والدي وأخبر أختي بأن تخرج فرمقتني بنظرة غضب وتقزز قبل أن تُنفذ أوامر والدي.

ثم جلس والدي أمامي وأصبح يُدلي بنصائح أجداده ويخبرني ما هو الزواج وكيف أنهُ مسؤولية وعليه تحمل عاتقها، وأمورٌ كثيرة كدتُ أنام من كثرتها ومللها.

أنا لا أعلم حتى كيف تحملتُ كُل تلك الكلمات المقذوفة في وجهي ومسامعي.

وأخيراً وليس آخراً، بدأ يتكلم عن مرتضى وكيف أنهُ شابٌ لطيف ويعمل ولديه بيتٌ وحده وهو مُحترم بين أفراد عائلته وأصدقائه، وحينما ذكر إحترام أصدقائه له تذكرتُ كيف رمت وتين قنينة الماء عليه ليتبلل وضحكت ساخرة عليه، أو كيف جابر الذي ضربهُ مرةً أمامنا على رأسه وأخبره بأنه غبي.

ضحكت بكتم على تذكري لذلك..ونعم الإحترام يا أبتاه ونعم الأصدقاء.

وحينما إنتهى والدي أخيراً من ذلك سألني إن كنتُ موافقة أم لا فأردت الإجابة سريعاً وأقول بلى، لكن تذكرتُ كلام وتين حينما قالت أمهلي الأمر يومين حتى لا يفهم بأنكِ مُتيمة.

لكني حينما أخبرتُ والدي بأن يُمهلني يومين، لم يكن لأنني أردتُ أن لا يفهم مرتضى الأمر كما قالت، بل أن لا تفهم عائلتي بأنني لا أرغب بهم وأريد الزواج سريعاً.

خرج والدي لأرمي بجسدي على سريري وأحدقُ بالسقف، أود بشدة إخبار أي فتاة أعرفها بهذا الأمر، أريد حقاً أن تتم فرحتي وأشاركها مع صديقاتٍ لي حتى وإن لم يكنّ مقربات.

حملتُ هاتفي وإتصلتُ بوتين أجابتني بصوتٍ مُتعَب قليلاً "مرحباً ودق، كيف حالك؟" أخبرتها بأنني بخير وسألتها عن حالها إن كانت بخير فصوتها بائس قليلاً، أجابت بأنها فقط تمر بفترة سيئة وأنها تعبة قليلاً.

كنتُ أعلم بأن نقاء قلبها وبرائتها هما السبب فيما يحصلُ لها، وأيضاً هما من سيجعلناها تنسى ما تمرُ به فور إخبارها ما أمر به أنا. 

وبالفعل، لقد ذهب سمعي بسبب صُراخها الذي على بالهاتف وأصبحت تُبارك لي وتشتم مرتضى لأنهُ لم يخبرها بذلك قبلي، ثم عادت لتبارك لي وتتمنى لي الحياة السعيدة الهانئة وبأننا أنا ومرتضى نليقُ ببعضنا كثيراً وكيف أننا سنُشكل هيئة القهوة بالحليب.

كانت ترمي إلى أن مرتضى يشبه القهوة بسماره وبتعديل المزاج، وأنني أنا بيضاء كالحليب وأُلطف الأجواء، كانت لطيفة حقاً معي.

بعدها سألتني إن كنتُ أقبل أن تُخبر سمراء وبيان وبعضٍ من صديقاتها بالأمر حتى يأتون جميعاً لمنزلي ويكونن معي ويفرحن لفرحي.

كانت كأنما تقرأ أفكاري بذلك القول، وكنتُ سعيدة جداً لسماعها فوافقتُ بالتأكيد ثم أخبرتني بأن ستقوم بخلق مجموعة تُضيف بها الفتيات وتُضيفني لنتناقش بالأمر طوال الليل .

وقد أعجبتني الفكرة كثيراً، أغلقنا الهاتف لتذهب وتقوم بخلق المجموعة فيصِلُني إشعارٌ بذلك وأدخل لأرى وتين بالفعل قد أرسلت رسالة تقول فيها بأنني قد خُطبت.

وتين: ياالهي ياالهي، فتيات! لن تُصدقن، ودق ومرتضى سيتزوجان!
سمراء: ماذا! هَـي ودق أيتها الخائنة، أأكون أنا آخر من يعلم؟
ودق: أسفة لكنني لم أخبر أحد، أنتن أول من يعلم عزيزتي.
بيان: فلنبارك جميعاً لودق السخيفة الخائنة ونتمنى لها حياة زوجية تعيسة..أقصد سعيدة.
ودق بغضب: هَـي! لقد قلتُ بأنني لم أُخبر أحد سواكُنّ!
جُمانة: لا بأس ودق، تجاهلي هاتين المجنونتين، مُباركٌ لكِ عزيزتي.
زُمرد: بالرفاه والبنين، لا لحظة..لما بنين؟ لنجعلها بنات! وأتمنى لكِ حياةً مليئة بالحُب والسعادة.

ضحكنا جميعاً على زُمرد التي قد كتبت كثيراً وباركت لي كثيراً، وسهرنا للفجر ونحنُ نناقش كيف أنني لابد لي أن أكون هادئة ولا أُعطي لهُ مجالاً يسرح ويمرح بمزاجه.

ثم إنتقلنا إلى كيف سيكون شكل فستان زفافي ومتى ستتم الخطبة ومن سأدعو وماذا سيرتدين في الحفلة.

لقد إنفجر رأسي من كثرة الأسئلة والمناقشة وكُل هذا، صحيحٌ بأن هذا كان مُزعجاً قليلاً، لكن إزعاجهن لي أفضل وأحب إلى قلبي من البقاء وحيدة والتحديق بسقف غرفتي.كم هي جميلة الصداقة، حتى وإن كانت ليست قوية أو تمتد عبر سنينٍ كثيرة.

لقد تعلمتُ من الفتيات بأن الزمن ليس وحدهُ من يُقرر قرب صديقٍ إلى القلب عن الآخر، فهنالك أصدقاء تراهم يعرفونك منذُ الطفولة لكن لا يفهمون جيداً ما تمر به ولا يهتمون بذلك حتى.

وهنالك أصدقاء، تجمعك بهم صدفةٌ غريبة، ويكونون أقرب من الوريد لك، ويفهمون ما تمر به.

لكن هنالك فئة أُخرى أيضاً، تلك الصداقة التي قد بُنيت منذُ سنينٍ كثيرة ولا تزال، ويكون الصديق هذا قريبٌ من قلبك أيضاً.

لم أمر أنا بحياتي سوى بأصدقاءٍ تعرفتُ عليهم صدفة، ربما حتى لا أتذكرُ كيف..وأصبحن هُنّ رفيقاتُ دربي.

البوصلـهWhere stories live. Discover now