الفصل الثالث

83 11 0
                                    

الزيارة اﻷولى .

ﺃصبحنا وأصبح الملك لله ،يوم جديد حلق في اﻷفق بجناحيه الكبيرين فوق السماء التى اكتست حلة رمادية ، جاعلة الناس تترقب غيثا طيبا ، ومرت ساعات الفترة الصباحية في جو من الترقب والحذر لتدق الواحدة بعد الزوال ومع ذلك لم يحدث ﺃي شيء ، ومن المدينة وضجيجها وأصوات المحركات المزعجة والروائح الكريهة ذهابا ﺇلى السجن .

دخولا من البوابة الكبيرة والحديدية ، التى كان يقف ﺃمامها حارسين مسلحين ، مرورا بالساحة الخاوية على عروشها ،الخالية من ﺃي بهجة ﺃو سرور وأخيرا لى الاروقة القديمة والمتهرئة التى تؤدي الى الزنزانات ، و بالتحديد الى الزنزانة رقم 11 ، ﺃين كانت تجلس تلك الشاردة بجانب النافذة وتحدق بمقلتيها الزجاجتين ﺇلى الحرية التى كانت تلوح لها من وراء تلك القضبان الحديدية الصدئة .

بعد لحظات من السكون والشرود عادت لتخطط فوق تلك الصفحات البيضاء ، كل ما كان يثقل كاهلها ويؤرقها ،حيث كانت هناك الكثير من الامور تجعل مقلتيها تخاصمان الوسن ، مثل هذا المكان وهذه الجدران الخالية من البهجة وذلك الفراش الرث القديم .

كانت تبحر بسفينتها وسط ﺃفكارها كما تفعل كل يوم متجاهلة العواصف والتقلبات الجوية ، هاربة من الواقع ومن الحقيقة المرة كالعلقم ،ولكن ذلك لم يدم لوقت طويل ، فصوت مزعج صدح في الارجاء جعلها تستيقظ من حلم لذيذ كانت قد اجتهدت كثيرا في التحليق اليه

_شمس اﻷصيل اتركي ذلك الدفتر وتعال ﺇلى هنا لديك زيارة !

زيارة ! هل هذه نكتة ام اﺃن سكينة الحارسة قد فقدت عقلها وصارت تتخيل ﺃمورا لم تحدث ولن تحدث من الاساس ، التفت شمس الاصيل اليها وبقيت تحدق بها لثواني ،في محاولة منها فهم ما الذي يحصل هنا ،لتكتشف في الاخير ﺃن موضوع الزيارة ليس بنكتة بل حقيقي مائة بالمائة .

ﺇلى جانب ﺃن تراتيل وجه سكينة كانت جادة للغاية ، في ذلك الوقت وقفت شمس من مكانها و تمشت بضع خطوات حتى وصلت ﺇلى سريرها ، التفت يمينا وشمالا لكي تتأكد من ﺃن لا ﺃحد يراقبها بعد ذلك رفعت المرتبة قليلا وﺃخفت الدفتر ﺃسفلها .

وبعدما رتبت الفراش جيدا ، تمشت متوغلة وسط الاسرة والوجوه المتسائلة بخطوات متثاقلة ، وبقيت على ذلك الحال ،حتى صارت تقف ﺃمام الباب الحديدي ،وثواني فقط حتى فتحت الحارسة ذات الملامح المتجهمة باب الجحيم ﺃمامها ، عفوا ﺃقصد باب الزنزانة .

في ذلك الوقت خرجت شمس الاصيل من الزنزانة 11 الى الرواق الطويل ، وقبل ﺃن تنطلقا الفتاتين من اتجاه غرفة الزيارة عادت سكينة لإغلاق الباب بإحكام ،خشية من ﺃن تحاول ﺃحد السجينات الهروب من المكان ، وليس هذا السبب الوحيد فهي لم تكن ترغب بحدوث مشاكل مشابهة خلال مناوبتها .

قربان على مائدة الزواج المبكر / الكاتبة بن الدين منالWhere stories live. Discover now