الفصل السادس عشر

51 10 0
                                    


حب من طرف واحد !

موجع ،مؤلم ولاذع وقاس هو الحب من طرف واحد ، ونورا تحب محمود ،بالرغم من معرفتها بأنه حب من طرف واحد فقط ، تعرفا في الجامعة وأحبته بكل عيوبه وتقبلته كما تتقبل البطة صغيرها الهجين ،وفي اليوم الذي اتصلت فيه بلقيس لتخبرها بأنهم قادمون لزيارتهم ،وذلك لطلب يدها ،لم تنم تلك الليلة من شدة الفرح ،وعن حزنها في ذلك اليوم الذي اعترف محمود لها بأنه لا يراها إلا صديقة عزيزة ،عكس ما تراه هي حبيبا وزوجا رحيما ، و تحطمت نورا كما تتحطم المرآة الى الف قطعة ما ﺇن قذفها صغير طائش بحجر !

ومر الكثير من الوقت منذ ﺃن انفصل محمود عن نورا ،ولكنها لم تستطع قط ترميم تلك الكسور والجراح ،التى كانت في قلبها العليل ، تخيل ﺃن تحب شخصا تجمعكما سماء واحدة ،ولكن لا يحق لك حتى الاقتراب منه ﺃو الالتقاء به كل اشتهت نفسك ، تخيل ﺃن تحب شخصا ، ولا تتمنى من هذه الحياة ﺇلا ﺃن يكون بخير ، فتجد نفسك تساعده وتقف ﺇلى جانبه في كل الظروف ،ولكن عندما تنقلب الكفة وتقع ﺃنت في ضائقة مهما كان نوعها ،تجد نفسك وحيدا سجين افكارك السوداء .

تخيل بأنه يمكنك الحصول على ﺃي شيء ،إلا قلب ذلك الشخص الذي تحبه والذي ستفعل ﺃي شي كي تكون معه .

اكثر ما ﺃعجب نورا في محمود ،هو عفويته ونضوجه الفكري ، فهو كان ذلك الرجل الذي كان يناقشها في ساعة متأخرة من الليل ، بخصوص مسلسل لم تعجبه نهايته ،ولم يستغل قط خلوتهما ﺃو ضعفها ليسألها عن لون ملابسها الداخلية ، ﺃكثر ما جعلها تعشقه ،هو ﺃنه لم يحكم عليها قط من ملابسها العصرية وتسريحة شعرها التى تغيرها كل فترة بسبب الملل ، فمحمود كان مهتما بجوهرها ،اكثر من منحيات جسدها المثيرة ،ولن تنسى ﺃبدا تلك المرة التى تسببت له فيها بكسور في ذراعه والعديد من الكدمات التى شوهت ملامح وجهه القسيم ،عندما دافع عنها ،بعدما حاول بعض الشباب مغازلتها .

ولكن ذلك الحب من طرف واحد ،كان شعورا قاتلا بالنسبة لنورا ، يقتلها كل ليلة وعلى ﺃقل من مهله ، فهو كان جلادها الذي كان يتلذذ بتعذيبها ،وكان ينموا كل يوم متغذيا على ضعفها وبكائها على الاطلال ،ولكنها لم تتذمر قط ،بالعكس كانت كل يوم تقع في حب محمود ﺃكثر من اليوم السابق ،ولهذا رضيت بأن تكون صديقته المقربة ،فهذا كان يخولها مرافقته ﺃينما يذهب مثل ظله .

وبالرغم من ﺃنها تعلم جيدا كيف يراها باقي زملائهم :مجرد بعوضة ،ستفعل ﺃي شيء مقابل ابتسامة صغيرة منه ،ولكن الامر لم يكن بيدها ، فلقد حاولت كثيرا من المرات ،ﺃن تقتلعه من قلبها ،وﺇلقائه بعيدا عنها ولكن حبه لا يكف عن النمو مجددا والإزهار في ذلك الفؤاد المتعب !

كان الليل قد ﺃسدل ردائه الانيق ، من المدينة وضجيجها الذي لا ينتهي حتى عندما ينطفئ نور الشمس ، ذهابا الى المستشفى بالتحديد في قاعة الانتظار ﺃن كانت عائلة محمود جالسة ،في انتظار ﺃي خبر عن المغدور ،ومن بينهم نورا التى كانت لا تزال بتلك الملابس المضجعة بالدماء ، حيث كانت واضعة رأسها في حضن بلقيس وتنتظر ﺃي خبر عنه ، بفارغ الصبر ولكن يبدو بأن الوقت كان يستمتع بتعذيبهم ﺃكثر من ﺃي شيء آخر ،وهناك وقف طارق من مكانه وزفر بحنق

قربان على مائدة الزواج المبكر / الكاتبة بن الدين منالDonde viven las historias. Descúbrelo ahora