الفصل الثاني عشر

43 10 0
                                    


مصيبة !

رحل الليل ساحبا معه السواد والعواصف الهوجاء ،وحلق صبح جميل في الافق ، كان يوما دافئا بعض الشيء على غرار الايام الماضية التى اتسمت بالبرودة ، في السجن كانت السجينات في الساحة وقد ﺇنقسمن الى مجموعات ، كل مجموعة كانت تقوم ب نشاط ما ،ﺃما شمس الاصيل فقد كانت جالسة بمفردها ولم ترفع مقلتيها من تلك الرواية ، التى اعجبتها كثيرا وسلبت عقلها ولكن كما يقولون لكل شيء نهاية ،فهي قرأت منذ قليل آخر حرف من سطور تلك القصة ،لتغلق الكتاب وتردد بينها وبين نفسها

_ذوق محمود جيد في الروايات ،ولكنها للأسف قد انتهت اممم ،لأجرب قراءة الرواية الثانية ربما تكون بنفس المستوى من التشويق والإثارة !

وقفت شمس من مكانها ،عائدة الى الزنزانة لجلب رواية ﺃخرى ،تشغل بها نفسها حتى يصل موعد الزيارة والذي سيكون بعد ساعة ونص من اﻵن ، كانت تتوق لرؤية محمود وسماع ﺃخبار جديدة عن قضيتها ، تلك القضية التى اغلقت وتم رميها في طي النسيان ، والتى بسببها هي محبوسة هنا بين هذه الجدران الحقيرة ،وبين فكرة وأخرى كانت قد وصلت الى الزنزانة ، هناك سمعت اصوات همس وضحك آتية من الداخل ،

تقدمت شمس بضع خطوات ،ودفعت الباب ثم دلفت ﺇلى الداخل ، لتجد بعض السجينات مجتمعات بجانب سريرها وكان كلثوم واحدة منهن ، ﺇحساس غريب ساورها في ذلك الوقت بأن شيئا سيئا سيحدث ،عادت للتقدم ﺃكثر كي تعرف سبب تجمعهم هناك .

عندما وصلت بجانب السرير اتضحت لها الصورة ﺃكثر ، حيث كان فراشها مقلوبا ومرميا على الارض ،وكلثوم بوجهها الذي يشبه وجه المهرج من كثرة مساحيق التجميل ، كانت واقفة وتحمل بين يديها دفترا وتقلب اوراقه ،وفي نفس الوقت تمضغ اللبان ،وبمجرد ﺃن لمحت شمس تقترب صارت تقرءا بعض السطور

_ بصيص امل قد (زهر) .. ظهر وسط غطاء الليل الاسود الكثيف ، عجبا ﺃيها الليل يقول يقولون عنك مرتع الهدوء والصفا الصفاء النفسي وفيك (تسرخ ).. تصرخ القلوب !

ليت كلثوم كانت انتبهت ﺃكثر في حصة الادب العربي ، ربما كانت اﻵن قد استطاعت تهجئة تلك الحروف والكلمات ،بطريقة صحيحة ، عوضا عن التعثلم مرارا وتكرارا وكأنها طفل في الخامسة من عمره ،وربما كان هذا قد انقضها من هذا الموقف السخيف الذي وضعت نفسها به !

رجوعا ﺇلى شمس ،التى تعرفت مباشرة على الدفتر الذي كان بين يدي كلثوم ، والذي كان ملكا لها ،اندفعت من اتجاهها وحاولت خطف الدفتر من بين يديها القذرتين ،ولكن فتيحة وقفت بينهما مثل جدار منيع ، ثم قامت بدفع شمس الى الوراء وهذا ما جعل هذه الاخيرة تصرخ بقوة

_ما الذي تبحثن عنه بين ﺃغراضي ولماذا تحملين دفتري بين يديك ايتها السيدة !

في ذلك الوقت رفعت كلثوم الدفتر ،ولوحت به ﺇلى شمس ،التى حاولت استرجاعه من بين مخالبها ،ولكن ليس بهذه السهولة ،فهي كانت تريد العبث قليلا ،حيث قذفته مثل طابة الى سجينة ﺃخرى وتلك السجينة مررته الى الاخرى ،بينما شمس كانت تحاول امساكه ولكن بدون فائدة لتقول بنبرة حادة بعدما نال منها التعب !

قربان على مائدة الزواج المبكر / الكاتبة بن الدين منالWhere stories live. Discover now