"أهرَب مِن قلبِـي أرُوح علىٰ فِين!" البارت الثامن.

14 4 0
                                    

غزل: جرب بِـشكل عشوائي تسأل بنُوتة صُغيرة عايزة تكُون إيه لما تكبر ..وارد جدًا متلاقيش عندها إجابة، لكن جرَّب تسألها لمّا تبقي عرُوسة هتعملي إيه؟ هترُد بِـنظرتها الطفولية وتقول لَك هلبِس فستان أبيض كبير وأحُط روچ ومانيكير وأفرِد شَعري! عارف هيَّ في السؤال الأول مكنش عندها إجابة زي مَ سرحِت بِـخيالها وجاوبِت على السؤال التاني ليه ؟!
آدم: ليه!
- عشان الغالبيَّة العُظمىٰ من الأهالي بيرَسخُوا في عقول بناتهُم فكرة العرُوسة والفرح من وهُما صُغيرين ..بيتعاملُوا مع فكرة الجواز على إنها حقيقة مُسلَّمة زي المُوت كده كده هتحصل وكده كده لازم هَتتجوِّزي، مش عارفة يقينهُم التام وثقتهم الكاملة دي بيكُون إيه مصدرها بصراحة.. لكن أعتقد إنُه شيء مُتوارث زي الأفكار والكلام اللِ بيرددُوه عن بكرة أمُهاتهم.
نادرًا لمّا تلاقي أسرة مزرعتش في العقل اللاوعي لِـ البنت الفكرة دي، فَ تلاقي مُعظم البنات بدايةً من سِن المُراهقة فيما فوق ..بيفكرُوا في الحُب والجواز والدِبلة والفُستان، تلاقيهُم بيقولوا لما أتجوِّز هعمل كذا، وقبل الفرح هرُوح هِناك، والفرح هعملُه هِنا، وفكرُوني أشغَّل الأغنية دي في فَرحي، وألبِس اللُون ده في خطُوبتي، وأعمِل زي الفستان ده لِـكتب كتابِي ..كل ده وهُما ولا في relationship ولا في وقت وسِن يسمح ليهُم لِـتكوِّين علاقات من النُوع ده ولا حتَّى مُؤهلين فكريًا وعاطفيًا لِـدخُولهَا !

وقليل أوي لمّا تلاقي بيت بيربِّي بناتُه على فكرة الشُغل والاستقلاليَّة والإعتماد على النفس أولًا، لو ربيناهُم على مبدأ لمّا تخلصي تعليمِك إبقي إعملي كذا، لما تشتغلِي إبقي هاتِ ده، لما تعتمدِي على نفسِك وتبقي مسؤولة منها إبقي فكري في كذا ..هنلاقي البنات بتبدِل الأفكار والجُمل اللِ فوق دي بِـ لما أبقىٰ دكتورة هعمل كذا، لما أبقىٰ مُحامية هاجِي هِنا، لما أشتغل في الـ marketing هسافِر هناك، لما أتخصص في مجالي هشتغل في الشركة دي، هفتح مكتب، هنزل وهطلع وهرُوح وهاجي .. الحياة وقتها مش هتقتصر على البيت اللِ لازم تختار كل حاجة فِيه بِـعناية شديدة وتنظمُه وتشكِّلُه على ذُوقهَا بس!

في حين إن الولد المتربِّي تربية صَح بيتأسس على الإستقلاليَّة وبيترسخ في عقلُه مباديء مُضادة لِـ الكلام اللِ بيتقال لِـ البنات تمامًا، نتيجة لِـ الافكار اللِ إتزرعت جُواه من أول لما تكبر هتشتغل إيه! عايز تبقىٰ إيه؟ فَ بينمو وهوَّ مسستِم نفسُه إنُه لازم يشتغل ويتعب ويرُوح ويجِي، لازم يعتمد على نفسُه ويصرف عليها ..فَ تلاقيه بيفكر يعمِل إيه ويجيب الفلُوس منين وإزاي، على عكس البنت اللِ إتربِّت على الإعتماديَّة اللِ هتبقى قاعدة مستنيَّه الثري العربي يجي بِـعربيتُه اللامبورجيني يحقق لهَا أحلامها.
"خلصت كلامِي وتنهّدت وشربت مَيه، فَ كسر سكُوته الطويل طول مُدة حديثي، وقال لي.."
= واللهِ حتَّى لو كُنت ناوِّي أعترض فَ بعد البحث اللِ قولتيه ده أنا مش هتكلِم كلمة واحدة.
"بصيتلُه بِـطرف عيني كده وأنا بقول لُه.."
- لأ واللهِ كُنت إعترض!
= مِتعصَّبه علينا ليه يَـ لُولي؟
"كُوني شخص هادِي ومُسالِم بِـطبيعتُه وملهُوش أوي في الجدال والنقاشات الحادَّة من النُوع ده، سبب كافي يخلِّيه يجيب ورا ويحاوِّل يسأل ويفهم بِـهدُوء الدافِع ورا كُل الإنفعال المُفاجيء ده إيه!"
- وإنتَ فين أصلًا عشان أتعصَّب عليك ولا أبقىٰ هاديه معاك!
= إيه ده مش شايفانِي؟ أنا هِنا أهو.
- ...
= إتحوِّلت لِـشبح ولا إيه! سامعاني طيِّب؟
"بيستظرف يَـ جماعة عشان عارف إنُه جاب لِـنفسُه الكلام فوق إنُه غلطان كمان."
= أنتِ يَـ بنتي!
- ها؟
= متعصبة ولا متضايقة ولا مالِك كده من إيه؟
- مش متضايقة ولا حاجة، عندي إمتحان الصُبح فَ متوترة وخايفة شويَّة.
= إيه يعني عندِك امتحان الصُبح هي أول مرة! مش مُبرر.
- مادة رخمة ومعرفش فيها غير كام معلُومة بسيطة وبحاوِّل ألِمها من إمبارح.
= أنتِ شاطرة يَـ غزل هتخلصيها وتجيبِي تقدير فيها كمان زي كُل إمتحان.
- يارب إن شاءاللّٰه.
"عارفة إنُه مش مُقتنع بِـتبريراتِي، والدليل إنُه عمَّال يتفحصنِي وأنا قاعدة بذاكِر والكتُب قدامي، بيحاوِّل يخمِّن ده بسبب المادة بس ولا في شيء آخر مخفِي، عشان كده حطيت كُل قلم في لباستُه وقفلت الكُتب وأخدت الشال والتليفون إستعدادًا لِـ الدخُول، فَ لقيتُه بيقول.."
= داخلة ليه؟
- عشان أذاكِر.
= أومال هِنا كنتِ بتعملي إيه؟
- بذاكِر.
= وجُوه هَتعملي إيه؟
- إنتَ عايز إيه!
= أنتِ في إيه، هو أنا كُل مَ أغيب يُومين أرجع ألاقِي حوار حصل زعلانة بِـسببُه!!
- أهو ..يعني إنتَ بتعترف إنَّك بقيت بتختفِي وتغيب!
= إيه بقيت دي! دُول هُما يُومين يا غزل.
- شايفهُم قُليلين؟
= أنتِ شايفاهُم كتير!
- أنا شايفة إنك فاضِي وأنا مش رايقة لِـشُغل السؤال بِـسؤال ده ومش فاضية أصلًا وورايا حاجات كتير، رُوح كمِّل غياب وإختفاء وزوِّد اليُومين القُليلين عشان أنا مـ...
= حقِك عليا يَـ غزل إني غِبت كل ده، أنا آسف.
- اا ....
= خلاص؟
"يارب ثبات على المبدأ وإصرار على الموقف من عندك يارب، ده يخرب بيت كده بجد."
- هو مش خلاص أوي يعني بس خلاص.
"فَ ضحك وأنا إبتسمت من تحت لِـتحت كده."
= حُطي بقىٰ الكُتب اللِ في إيدك دي وإقعدي جمبهُم وقوليلي في إيه!
"حطيت الكُتب بس مقعدتش جمبهُم آه ..قعدت قدامهُم على الكُرسي، وبصيتلُه وأنا بقول لُه.."
- يَـ عم مفيش واللهِ، شوية لخبطة هرمُونات على زنقة إمتحانات على توتُر وإسترس من المادة بتاعة بُـكرة دي، على كام حاجة هبله كده فوقيهُم إني مكُنتش عارفة أنتَ مُختفي فيـ ...آه صحيح إنتَ كُنت فين اليُومين اللِ فاتُوا دول وبتعمِل إيه؟
= أنا موجُود، أنتِ اللِ كنتِ بتيجِي من الجامعة تنامِي وتقومي في مواعيد غريبة النَّاس نايمة فيهَا.
- مش بذاكِر! ولا مذاكرش يعني؟
= لأ يَـ ستي ذاكري ربنا معاكِ وتخلصِي مِن السَحلة دي.
- أنا بردو معرفتِش ..كنت بتعمل إيه يَـ آدم؟
"فَ سكت سكُوت مُريب لِـمدة ثانيتين وقال لي.."
= كُل خِير.
- حاسّاك بتعمِل مُصيبة واللّٰه.
= تعرفِي عنِّي كده!
"سَندت إيدي على سور البلكُونة وأنا ببصلُه وأقول لُه بِـطريقة هو فاهِم مغزاهَا.."
- آدم يَـ ابن طنط إيمان ..إنتَ فيك إيه متغيَّر؟
= متغيَّر إزاي مَ أنا عادي أهو.
- مش عارفة ..بس رايِّق كده وعمَّال تهزر وتتكلِم بِـهدُوء ولطافة ومزاجك حِلو على غير العادة، بتصحىٰ بدري لوحدَك وترُوح الشُغل كل يُّوم من غير زَن ومُفاوضات، سِمعت إنك بقيت بتخلَّص كل التاسكات اللِ وراك ومبتسوِّفش حاجة وإنتاجيتَك عالية اليُومين دُول ومبترفُضش لِـحد طلَب.
= أنتِ عرفتِ كل ده وأخدتِ بالِك منُه وأنتِ مسحُوله في إمتحاناتِك؟ أومال لو كنتِ فاضية يَـ غزل!
- آدم!! متحوَّرش ..مخبِي إيه؟ إعترف.
= مش فكرة مخبِي بس ...
- أيوه؟
= أنا بايِّن حبِّيت يَـ غزل!
"ضحكت جامد، فِضلت أضحك شوية بجد."
= مكُنتش أعرف إنها نُكتة بتضحك أوي كده!
- احم احم ..خلاص.
"سكتت كام ثانية وضحكت تاني، فَ بصِلي كده ومَتكلمش، حاولت أوقّف ضحك عشان الوضع مبقاش لطيف."
- مش قصدي حاجة بس .. في يُومين يا آدم؟
= إذا كانت وردة بِـنفسها قالت إنها خلصت الحُب كلُّه في يُوم وليلة، مِستغربه إني دخلت على أعراض الحُب في يُومين ليه!
- اممممم، وردة كمان! ده شكلُه موضُوع لذيذ خالص.
"مزاجُه حِلو فَ ملُوش مزاج يرُد على نبرة السُخرية اللِ بتكلِّم بيها."
- طيِّب مش هتعرّفنِي عليها؟
= مَ أنتِ عارفاهَا.
- أنا أعرفها؟
= أيوه.
- مين؟
= فكري كده.
"موصلتِش لِـنتيجة .. مش علشان معرفتِش لكن أنا أصلًا مفكرتِش لِـ إدراكِي إن الموضُوع كلُه هزار هياخُد يُومين ويخلص زي قبلُه."
- مين بجد!
=....
- مَ تقول يا آدم!
= مش دلوقتِ، لسَّه شويَّة.
- يَـ سلام؟ بتقول لي أنا كده!
= أوعدِك إنك هتكُوني أول واحدة تعرف وهقول لِك قبل أي حد، بس إستنِي.
"الحوار بدأ يبقىٰ غريب ويجذب إنتباهِي."
- طَب قول هيَّ مين!
= مش دلوقتِ بقىٰ قلت.
- خلاص متقولش هيَّ مين بس قول اسمها.
= يَـ بنتي!
"ضحك وهوَّ بيقول لي كده، سكتت دقيقة وعقلي مسكِتش وعمّال يُفكِر ثم يُفكِر."
- طَب بُص ..متقولش اسمها بس قول أول حرف منُّه.
= قومي ذاكري يا غزل.
- قول وهقوم.
= الساعة داخله على 12 قومي عشان تلحقِي تخلصي وتنامِي، عشان تعرفي تصحِي الصُبح.
- آدم إنتَ رخِم على فكرة.
"قلتلُه كده ووقفت وأنا باخُد أشيائي عشان أدخُل وأقوم لإني كده مش هلحق فعلًا."
= إمتحانِك إمتى؟
- بُـكرة.
= أيوه مَ أنا عارف إنُه بُـكرة، بُـكرة إمتى؟
- الصُبح.
= معلُومة خطيرة من غيرها كنت هفضل فاكِر إنِك بتمتحنِي في جامعة ليليَّة.
"كمِّل وقال.."
= مَ تقولي يا غزل إمتحانِك الساعة كام، هو سِر حربِي!!
- مش هقول دلوقتِ، لسَّه شوية.
= وتقوليلي أنا اللِ رخم؟
- آه طبعًا أومال أنا!
"وكمِّلت وأنا بفتح باب البلكُونة.."
- تصبَح على خِير يا رخِم.
= وأنتِ من أهلُه يا لطيفة.

"أهرَب مِن قلبِـي أرُوح علىٰ فِيـن!"Where stories live. Discover now