الحلقة الحادية عشر

30 2 17
                                    

الساعة الثالثة فجرا..

ترقد في العناية المركزة..تتنفس إصطناعيا..

أسلاك المحاليل تخترق جسدها الضئيل الملئ بالجروح..

رقبتها محاطة بالطوق الطبي وهناك قبعة طبية زرقاء تخفي رأسها الذي أصبح أصلع من جراء العملية..
قدمها مجبسة و مرفوعة لأعلى...
لقد إختارت إختيار و هاهي نتيجته..
نائمة في غيبوبة ترى الماضي...

flash back/عودة بالزمن

''ممكن ألعب معاكم"...تتحدث ببرأة أمام بقية الاطفال لترد واحدة منهم بدلال طفولي:
-معلش مش بنلعب مع حد بليد

بدأت عيناها الواسعتان تدمعان و هي تعبث بضفائرها لكي لا تظهر دموعها

قالت بحزن طفولي:
-أنا مش بليدة..(سليم) بيعلمني القراية والكتابة وواحد اتنين تلاتة

ضحكوا جميعا..قال أحدهم بسخرية:
-مين (سليم) ده

ردت بلهفة طفولية:
-أخويا

-أخوكي بليد زيك؟

ردت مدافعة بشراسة:
-لأ..مش بليد ده أشطر واحد..

عادوا للعبهم وعادت لبكائها..
تذهب للمنزل حزينة ودموعها تسيل على خدها..عندما سألها والداها عن السبب إنفجرت و صرخت بهم..لكن والدها لم يرحم عفويتها وصغر سنها..لقد تلقت ضربا مبرحا ووحشيا..لم تنسى هذا اليوم أبدا...

فلنتقدم عشر سنوات....
يذهبون لمنزل عمها (كمال)..لقد أصبحت مراهقة..تصمت كثيرا..تشرد كثيرا..لا تعيرها ولاء -التي في نفس عمرها تقريبا- أي إهتمام..ولو كلمتها لأنهت الموضوع سريعا..لا تتحدث سوى عن (حافظ) و فخرها به..تتباهى و تريد إغاظتها..ثم من (حافظ)؟إنها لا تشعر أنه شاب ك(سليم)..إنه رجل متجهم...يبدوا عليه عدم الرحمة..ربما لأنه ضابط؟ لا تعرف لكنها لا تحبه ولا ترتاح له...تشعر أنه بارد و قاس من ملامحه..وهي ملت من القسوة..إن والدتها اليوم أحرجتها أمام الجميع بمن فيهم (حافظ) هذا...عندما قارنت بينها وبين ولاء...لماذا تكرهها لهذه الدرجة؟
والدها لا يهتم بأي شئ سوى مشاريعه وثروته...وهو لا يسمح لها بالاعتراض على أي شئ...تذكر عندما إنهارت من البكاء الاسبوع الماضي وذكرتهم بكل ظلمهم لها..لقد ضربها بوحشية لا مثيل لها...وكأنه يقول:أنا ظالم أيتها الوقحة؟! لا تريد أي شئ سوى أن تبتعد عنه قدر المستطاع..

فلنتقدم أربع سنوات...
صراخ يخرق الاذن...نعم إنها (سمر)...والدتها تشد شعرها وتقصه..لماذا؟
لأنها لا تثق بها..و تقول عنها أنها تريد لفت أنظار الجيران..لماذا؟..لأنها كانت تنشر الغسيل بلا غطاء للرأس..لم تعلم أن أحدا ينظر إليها..كانت مستمتعة بنسمة الهواء التي تكسر حرارة الصيف..لكنها فوجئت بوالدتها وهي تجرها من شعرها و تنعتها بأبشع الألفاظ...عندما عاد والدها للمنزل لم يصدق حكاية (إحسان)..لكنه أيضا لم يعاقبها على ما فعلته بإبنتها..
هو أيضا إذا كان مكانها لربما فعل أسوأ من ذلك لكن القصة أنه لا يصدقها ويشعر أنها تكرهها..
(إحسان) هي من طلبت منه أن يرتكبوا بحقها تلك الجريمة التي تسمى الخت*ان...لكنه لم يفعل ليس لأنه غير مقتنع..ولكن لأن أحد أصدقاؤه أكد له أن تلك العمليات يمكن أن تنتهي بالموت...هو يثق به كثيرا..(سمر) لن تنسى تلك المكالمة التي أنقذتها بعد أن كانت تعيش ألم وقلق.. ألم من عدم معرفة ما سيحدث لها...وقلق من القادم..فوالدتها تفننت حقا في تخويفها و أخبرتها عن العملية المشؤمة..كانت تسمع من بعيد ذلك الصوت المميز الذي يشد على الكلمات:
-خطر جدا يا (صبحي) إنت عارف؟ أنا لسة حاضر عزا بنت واحد صاحبي..ماتت بسبب العملية دي...على فكرة القانون بيجرمها..
-يعني أحسن متتعملش؟ أنا خايف على البنت برضه
-طبعا لازم تخاف..و على فكرة ده دينيا مش صح..البنت بتتأذي جامد أوي

الروح المصرية (الجيل الجديد من الفراعنة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن