"هذا اخـتـيارك"

212 10 4
                                    

أحيانًا تُقلب السعادة حزنًا لا مفر منه؛ ولكن قد يكون ذلك الحزن الكبير بداية فرح لا نهاية له، فمن رحم الظلام يأتي النهار.

استيقظت وأخيرًا، اليوم الذي انتظرته كثيرًا، فتحت عيناها مبتسمة تنظر في كل أنحاء الغرفة، هذا آخر يوم لها هنا، لن تأتِ إلا للزيارة فقط، وهل يُعقل؟ ستترك الصغيرة بيت والدها، وتذهب لبناء حياة جديدة، نظرت جانبها وجدت منار تغط في النوم، قد تعبا كثيرًا أمس في التحضيرات، وسمح لها والدها أن تبقى في بيت مي، نظرت لها بحزن تود لو تظل هنا معها، ولا ترحل هي الأخرى، قامت من فراشها براحة، لا تريد إيقاظها، ذهبت إلى المرحاض تتوضأ.
أما منار كانت نائمة بعمق، وكأنها منذ زمن لم تنعم بالنوم.
خرجت من المرحاض إلى غرفتها مرة أخرى، تؤدي فرضها بخشوع تدعو الله أن يمر اليوم بسلام، كما تريد.
استيقظت منار مبتسمة أيضًا، اليوم يوم زواج صديقتها المقربة، وجدتها تُصلي، ظلت جالسة تنظر لها؛ حتى أنهت صلاتها.
نظرت لها مي بحب: كنتي تعبانة أوي كده؟
لتردف الأخرى بسعادة: فرحتك عندي بالدنيا، ومعنديش غيرك أتعب له.
ابتسمت مي بسعادة تقول مشاكسة: واي النوم دا كله، دا أنا محستش بيكي، بقالك سنة منمتيش ولا اي؟
قالت بحزن حاولت ألا يخرج بين كلماتها: لأ، بس أول مرة أنام مطمنة، وأنا متأكدة إن محدش هيقرب لي، ولا هقوم مفزوعة، ولا أي حاجة.
وقفت مي أمامها تقول بحزن: هتوحشيني أوي يا نورا، نفسي أعملك أي حاجة ومتسافريش.
= أنتِ كمان هتوحشيني أوي.
ضمتها "مي" بقوة بين ذراعيها، وانهمرا الإثنان في البكاء.
دخلت "حنان" الغرفة ورأتهم هكذا، بكت هي الأخرى قائلة: يعز عليا فراقكم والله.
ابتعدا الإثنان عن بعضهما، ينظران لها؛ ليختبئا داخل أحضانها، يبكون.
_ هتوحشوني أوي.
= وأنتِ كمان يا ماما، هتوحشيني أوي.
أما منار فدائمًا تعتبر حنان والدتها، أردفت بدموع: أنتو كمان يا حِنة هتوحشوني.
_ حبايبي ربنا يحفظكم، ويفرحكم يارب، وعقبال ما أفرح بيكِ أنتِ كمان يا منورة.
= يارب.
ابتعدت مي عنهما قائلة: خلاص بقى كفاية دموع، يلا نلبس عشان نجيب الفستان، ونوصل القاعة بدري.
قالت حنان وهي لازالت تضم منار: شوفي البت، مصيبة بصحيح.
ضحكت منار عاليًا، وشرعوا جميعًا في ارتداء ملابسهم.
___________________________________________________

هناك في غرفة عمر.
كان يجلس حزينًا بشكل كبير، ينظر للفراغ شاردًا، يحدث نفسه: هل ما فعلته صحيح؟
هل كان يجب عليّ فعل هذا؟، لا فائدة من هذا الآن، سيذهب إلى بيته الجديد، يُحضر ملابسه.
__________________________________________________

على صعيد آخر في شركة 《AHN》.
كان يجلس في مكتبه، متوترًا، ينظر للهاتف أمامه يبدو أنه ينتظر أتصال، مرت بضع دقائق قبل أن يأتي الاتصال الذي يريده.
أمسك الهاتف بلهفة حاول إخفائها قائلًا بجدية: ها حصل اي؟
= تمام يا باشا، وافق.
هنا ابتسم حازم بشر، وكأنه بدأ معركته.
= تؤمر بحاجة تانية يا باشا؟
_ لأ كدا عال أوي سيب الباقي عليا.
أغلق الخط، ينظر أمامه، سيفعل شيء، وجهه لا يبشر بالخير.
___________________________________________________

"لم يعد قلبـي سجيـنًا"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن