"عـيـنُ الـبـحـر"

171 9 15
                                    

تقفز فوقك المهالك وإذ أنها ملاذك، طريق طويل إن وددت عبوره؛ ستعبر سالمًا وإن لم ترد؛ فلا مفر من القدر.

الجميع منصدم!
ينظر الشابان لوالدهما بصدمة، كيف فعل هذا دون أن يُخبرهم؟
أما هي؛ فـتجمدت مكانها، ما الذي تفوه به هذا الرجل الآن؟ كيف وولده يعلم كل شيء؟ هل وافق على تحمل عبئها، أم أنه يشفق عليها، أم يا تُرى سيفرح قليلًا، ويتركها؟
الكثير من القصص السيئة تدور داخلها الآن، أما "وتين" فهي الأكثر سعادةً على الإطلاق، ستتزوج أختها وأخيرًا، ومن؟ أخُ حبيبها! يا لكِ من دنيا!
قطع كل هذه الأصوات الصامتة داوود وهو يردف بحقد: ويا ترى حضرتك عارف إن وجدان....
قاطعه "كمال" يقول: أنا عارف كل حاجة وراضي بكل حاجة، أنا بدور على سكن وبيت لابني، مش بأجر رحم، وبعدين ده شيء غصب عنها محدش يقدر يلومها عليه.
نظر إليها يقول بفخر: دكتورة وجدان دي ست البنات كلها، والله يا بنتي من أول يوم شفتك فيه وأنا قلبي حبك، أوعِ في يوم تحسي بالنقص، أو إنك فيكِ عيب لا سمح الله، اللي ربنا يختاره يا بنتي عمره ما يبقى عيب، أنا قدامك أهو وبقولك أنا عايزك للغالي، ويشرفني إنك تكوني بنتي.
الآن هي تُحلق في السماء، لقد فعل ما لم يفعله غيره، يتحدث عنها وكأنه جوهرة نادرة لا يُعيبها سوى ندرتها، وكأن الله كتب لها السعادة من جديد.
أردفت بسعادة بالغة وهي تنظر لـ"مُهاب" القَلِق من رد فعلها: أنا موافقة يا عمي.
صوت الزغاريط يرتفع، "وتين"، ووالدتها، قد تحقق ما يريدان حقًا، "وجدان" عروس، تلك "الـوتين" فرحة لأختها أكثر من سعادتها لنفسها.
وقف "كمال" ثم نظر لـ"مُهاب" يقول: مبروك يا حبيب أبوك.
ضمه "مُهاب" بسعادة يقول: الله يبارك فيك يا حج.
أمسك يد "وجدان" يردف: مبروك يا بنتي.
_ الله يبارك فيك يا عمي.
وضع يدها بيد "مهاب" قائلًا: ربنا ما يفرق ايديكم أبدًا طول العمر.
أردف الجميع يؤمنون على دعائه: آمين.
رغم أن "مُهاب" مرتبك، لا يدري ما الذي حدث، لا يستطيع الاستيعاب بعد، جاء ليطلب فتاة لأخيه؛ فطُلبت أختها له أولًا.
كم كانت جميلة جانبه! يليقون وكأنهم خُلقوا فقط؛ ليكونوا معًا.
أما "نادر" فسعادته تخطت السماء، بعد الكثير من المحاولات مع "مهاب" وأخيرًا فجّر والده القنبلة، فعلها ووضعه أمام الأمر الواقع؛ وتنازل قلبه موافقًا.
هنأهما الجميع؛ حتى جاء دور والدتها، ضمتها وهي تبكي قائلة: مبروك يا حبيبتي، ربنا يجعله عوضك وسندك في الدنيا.
جاءت إلى "مُهاب" والدموع تنهمر من عيناها، قائلة: مبروك يا ابني، ألف مبروك، ربنا يسعدكم يارب.
قبّل "مُهاب" يدها ثم ضمها وهو يقول: الله يبارك في حضرتك يا أمّي.
ذهبت "وجدان" إلى أبيها الذي يجلس بعيد قليلًا عنهم، جلست أمامه على ركبتيها، تُقبّل يده تردف: أنا وافقت يا بابا، عملت اللي كان نفسك فيه يا ترى أنا صح؟
رفع يده؛ لتُنزل هي رأسها لأسفل؛ كي يضعها عليها، ربت على رأسها عدة مرات، وكأنه يقول لها: نعم، أنتِ على حق، لا تخافي.
قبّلت يده مرة أخرى؛ لتجد "مُهاب" يقف خلفها.
ابتعدت قليلًا؛ ليجلس هو أمامه قائلًا: أنا طالب إيد وجدان من حضرتك، موافق؟
رفع يده يُربت على رأسه هو الآخر، يبتسم والدموع تملأ حدقتيه، يود عناقه وكأن "مُهاب" سمعه، عانقه بشدة وهو يردف: أنا عارف إنك خايف عليهم، بس وعد مني بناتك هيعيشوا ملكات في بيتنا، وأنا عمري ما هجرح وجدان بكلامي ولا عمري هقول إن ناقصها حاجة، عشان أنا متأكد إنها ست البنات، وكفاية إنها اختيار الحج كمال.
ربت "راشد" على وجهه؛ ليُقبّل "مُهاب" يده.

"لم يعد قلبـي سجيـنًا"Where stories live. Discover now