"نَـصـيـب!"

181 11 6
                                    

يبدو أن بعض المِحن تكون منح، لإصلاح ما أفسده الآخرون، وبعض الأحيان توضع بمكان تظن أنه خاطئ، وإذ به لقلبك السكون، قد تكن سبب إحياء قلب، أو إصلاح نفس أفسدتها الظنون.
في مرسى مطروح.
في مساء اليوم التالي بعد غروب الشمس، في بيت راشد عزيز، داخل الشرفة.
تلك الوتين كانت تجلس في الشرفة، تحتسي الشاي بكوبها المفضل، تنظر للسماء اللامعة بالنجوم، تتذكر تلك الأعين العسلية التي نظرت لها ببريق يأسر، لم يكن قد نظر إليها أحد هكذا من قبل، تتذكر تلك النظرة التي تعلقت بذهنها، وتبتسم رغمًا عنها، دخلت "وجدان" إلى الشرفة وجدتها شاردة تبتسم، حاولت إيقاظها من شرودها فقالت: اي اللي واخد عقلك ومخليكي مبسوطة كده؟
قالت دون وعي منها: عينه كانت حلوة أوي.
أردفت "وجدان" بصدمة: مين ده!
أدركت "وتين" ما فعلته لتقل متوترة: هو اي اللي مين؟
أردفت "وجدان" وهي تغمز لها بطرف عينيها: اللي عينه حلوة.
أردفت متوترة: ها؟ لا مفيش حد، آه صح ده الممثل التركي.
_ تؤتؤ عنيكي كانت بتلمع لمعة غريبة كده.
= وجدان! قولت لك ده الممثل التركي.
_ خلاص يا ستي ماشي متزعليش، بس شكله جامد الممثل ده.
= وجدان!
ضحكت عليها ثم قالت: خلاص خلاص.
____________________________________________
في الفيلا الرصاصية.
بعد أن قررت ألا تترك نفسها للحزن، قررت أيضًا أن تُنهي تلك العلاقة، لتعود إلى حياتها الطبيعية مع أنها على يقين أن ذلك الجرح لن يلتئم بسهولة، إلا أنها تود كثيرًا أن تنسى وتعود كما كانت، تجلس تنتظر حازم ليعود من عمله.
بعد قليل من الوقت عاد "حازم" إلى البيت ملامحه متوترة، كأنه ينتظر شيئًا ما، جلس على الأريكة يتصفح هاتفه.
نزلت إليه ترتدي ملابس الصلاة، وقفت أمامه تقول: ممكن نتكلم شوية؟
أومأ برأسه موافقًا، لتجلس بعيد قليلًا عنه، تنظر أمامها تقول: خلاص يا حازم كفاية كده ياريت نتطلق بأسرع وقت بقى، ويرجع كل واحد فينا لحياته الطبيعية، وشكرًا ليك على كل حاجة.
ابتسم ساخرًا يقول: ويا ترى بقى هترجعي لأهلك ولا هتروحي لخالتك؟
_ مش هعرف أروح لأهلي دلوقتي على الأقل لما يعدي شهر، ولو روحت قبل كده هتكون مجرد زيارة، لأن أنا مش هستحمل نظرات الناس لبابا، وعشان كده مضطرة أروح لخالتي.
= اللي ابنها ياسر بيحبك صح؟
_ هعمل اي يعني، مفيش حل تاني، يمكن ياسر يتجوزني ونسافر.
= ده على أساس إنك متجوزة سوسن ها؟ أطلق مراتي عشان تروح تعيش مع واحد بيحبها، نكتة صح؟ مش هطلقك يا مي دلوقتي، على الأقل قضي الشهر ده هنا ده عشان خاطر باباكِ، لو بتحبيه بجد زي ما بتقولي خليكِ هنا، هو أكيد مش هيكون مرتاح وأنتِ قاعدة مع واحد بيحبك صح؟ وبعدين متقلقيش وجودك مش تاعبني ولا حاجة، وحياتي طبيعية وزي الفل.
_ بس أنا حياتي مش طبيعية، ونفسي أرجع أعيش حياتي زي ما كانت.
= خلاص يبقى تسمعي كلامي وتستحملي هنا شهر ولا شهرين، وقتها لما أطلقك محدش هيتكلم، وياريت الموضوع ده ميتفتحش تاني.
تركها ودخل المكتب غاضبًا.
جلس على الكرسي يفتح حاسوبه ينظر لبعض الملفات به، صدح صوت رسالة من هاتفه من رقم مجهول لكنها مشفرة، فتح الكاميرا من الحاسوب ينظر خارج المكتب، ثم اتصل باسماعيل ليُمارس مهمته، أما هو حاول فكّ هذا التشفير، أخذ بعض الوقت حتى استطاع أن يقرأ الرسالة، نظر بسعادة إلى الشاشة أمامه قائلًا: كده فل أوي وريني نفسك بقى.
على صعيد آخر بغرفة "مي"، جلست بضيق تنفخ وجنتيها تقول: شكلك دخلتي سجن وصعب تطلعي منه يا مي، بس برضو عنده حق يمكن كده أفضل فعلًا.
نظرت أمامها وجدت حقائبها كما هي، قالت في نفسها: بما أننا قاعدين شوية ف ممكن نحط الحاجة اللي فيكم مكانها، ونعمل شوية تغييرات.
خطرت ببالها فكرة وعزمت على تنفيذها.
__________________________________________

"لم يعد قلبـي سجيـنًا"Opowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz