.16.

108 8 3
                                    

علي أثرِ حَركتهِ، جَثي عَقل المسكينة هيدا علي رُكبتيه وطالبَ
بإستراحة مُحارب، أو احدي معاهدات السلام المؤقتة فقط ليعاود العمل!

وأثناء تنحي عقلها عن منصبه ساد الهرج وصاب المرج باقي أعضائها،
فكانت جامدة، تَتوسط حِجره بقلبٍ يضرب بقوة لعله يوقظها مِن غفلتها،

وانفاس ضائعة ثقيلة لا تَجِدَ مَنفَذ للدلوفِ أو التَحرُر!، وما زاد خَرفّ حواسها
هو لفِّه لذراعيه حول جسمها الضئيل، مُنذ لحظة سقوطها وقَد تهاوت جفونها
وآبت إبصار ما يحدث، هي لا تفهم ما يحدث!

أما عنه؛ فكان يُتابع ما يُخلّفه من خرابٍ بروحِها بتأنٌ، يُثيره ارتباكها اللطيف في حضرتهِ!،
ومهما حاولت هي إخفاء أية شعور يجوب قلبها عنه كانت تَفشل، فهو لمّاحٌ إن كان الأمر
يخصها وبشكل دقيق، هي فقط.

" ريكاردو.. " نَبست هي في محاولة عقيمة لتَجميع اي جملة مفيدة لقولها،
ولَكنه فقط هَمهم مُبتسمًا نَاظرًا لإنكماشة جفونها الرقيقة، فَتحتْ عيناها أخيرًا

ولكنها كانت تَنظر نَحو السجّاد الرمادي الأنيق وقالت بنبرة مهزوزة: أريدُ الرحيل!
كانت تقصد الرحيل عن حضنِه، ولكنه اراح جذعه إلي الخلف وراحَت يده نَحو

رأسها الصغير تجذبه ليستريح فوق صدره العريض بوضعية مريحة،
ثم قال بهدوء وكأنه غير متأثرًا بإحتجازها إليه: أعرفُ سنيورينا، أعرفُ.

كان يطبطب بأحدِ كفيّه فوق شعرها وكأنه يهدهدها، وذراعه الأخري كانت محكومة
حول وسطها، ليستأنف حديثه قائلًا بمراوغة : ولذلكَ أنا اجلسُ معكِ لنُناقش الأمر،
تُريدين الرحيل؟، أوافق ولكن ليس قَبل أن آخذَ رَد المعروف منكِ.

جَسدها تَخدر بشدة تحت تأثير الدفئ المُنبعث منه، وحركته الرتيبة
فوق شعرها أثقلت جفونها بالوسن، مالها لا تستطيع التَحرك عن حضنه!

جزء منها كان يريد التشبث بِذلك الحنين الذي يستوطن صدره،
والجزء الأخر كان يذمّها بشدة لسكونها بذلك الشَكل، كيف سيفسر سكوتها؟

" ريكاردو..أنا ارجوكَ " ناجته وهي تحاول التحرر مِن اغلاله ولكنه حرر خصلاتها
مِن ربطة شعرها ثم أخذ يمشط خصلاتها القصيرة نسيبًا بين أصابعه الطويلة

وتسائل بمراوغة قائلًا: ماذا؟، هل تريدين مُناقشة شيء آخر غير رحيلكِ؟

ابتلعت ريقها بصعوبة ثم نَظرت لعينيه اخيرًا وقالت: لمَ تتصرف علي هذا النَحو؟!
كانت نظراته ثابتة وواثقة، عَكس خاصتها التي ودت لو تهرب منه ولكن لا مفرّ.

Warmer| حتـي النهايـةWhere stories live. Discover now