الفصل السادس عشر | ابنتي

10K 502 42
                                    

هناك مشاعر عدّة يشعر بها الإنسان طوال حياته.
والمضحك والغريب في شأن هذه المشاعر؛ انها تُكتَسب في لحظة وتتبخر في لحظة.
ربما يتغير حال الشخص من أسعد مخلوق في الكوكب إلى اتعَس من رأته الخليقة.
ولكن حين ننظر للعامِل اللذي يسيِّر هذه المشاعر ويجعلها تتدفق فهو الوقت. وحينها، من الإستغراب والحيرة نصل للإدراك.
الوقت عامل خطير ومخيف جدا.. يمكنه ان يجعلك تخسر كل شيء تارة ثم تكسب كل شيء واي شيء تارة أخرى، فقط في رمشة عين.

وهذا بالضبط ما ظنَّت ليتيزيا انه يحدث لها في ذلك الحين. قبل اربعة ايام فقط؛ كانت خالية من اي رغبة للعيش ممسكةً بالسلاح على رأسها مستعدة بكل ما اوتيَت من قدرة على ضغط الزناد.
كانت متعبة، مستنزفة ولم تجد للحياة معنى.
ما يجعل ليتيزيا فتاة مميزة هو اضافةً لكونها ذكية، كانت عاطفية للغاية.
شيء مثل الحب كان مقدسًا بالنسبة لها. شيء مثل الإهتمام والرعاية والطمأنينة كلها مشاعر رغِبت بإعطائها وتلقّيها.
لكنها لم تملك احدًا لذلك.
كانت وحيدة بكل ما حوته الكلمة من معاني ومرادفات. كانت يائسة وبدأت تسأل نفسها ما ان كان تصديقها وإيمانها بالحب والإهتمام والأمان مجرد وهم؟
ما ان كانت فقط فتاة صغيرة ساذجة لم يكن مكتوبًا لها سوا الشقاء ثم الموت اتِّباعًا لخُطى والدتها؟

لكنها الآن تفعل، هي الآن تعيش المشاعر اللتي سعَت لمجرد اعطائها وظنَّت ان تلقيها كانت رفاهية لها.
شيء بسيط وممل للكثيرين مثل لعب الشطرنج كان من أجمل ما فعلته ليتيزيا في حياتها.
والأمر لا يتمحور حول اللوح والمجسّمات في حد ذاته؛ بل على من كانت تلعب معه تلك اللعبة.
رؤية لويجي يعلمها بصبر وهدوء كيفية اللعب بالضبط كانت تلُف قلبها بوشاحٍ دافئ في وسط ليلة مثلجة.
تساهله معها في البداية وجعلها تكسب عدة مرات عمدًا جعلها تشعر انها مهمّة.
مراقبة ريكاردو لهما بتعابير مسترخية وعيون مستمتعة جلَبها نوعًا من السكينة.

هي ليست مضطرة ان تشعر بالقلق والتوتر بين كل ثانية واخرى خوفًا من صراخ احدهما عليها.
حين يخبرها احدهما شيئًا؛ لن تكون قلقة من كونه يخدعها ويقصد شيئًا آخر فقط لمعاقبتها وضربها.
اذنيها تشعران بالإستغراب كونهما لم تتلقيا أصوات صراخٍ عالية منذ اكثر من يومين.
العيون اللتي تنظر لها لا تحتوي على الحقد والكره اللذي جعلها تشعر كونها اقل من حشرة.
هي، ولأول مرة منذ عشر سنوات، لا تشعر وكأنها تمشي على قشور البيض وبأقل خطأ قد لا ترى ضوء النهار مجددا.

"مات الشاه".
أنهى لويجي الجولة السادسة من لعبتهم معلنًا فوزه للمرة الرابعة.
كان قد سمح لها بالفوز مرتين بالفعل غير راغبٍ بجعلها تحزن.
دمعة دافئة نزلت من عين ليتيزيا وهي تحدق في لوحة الشطرنج اللتي امامها.
لقد اخطأت. لقد سمحتْ لنفسها بالشعور بالإهتمام والراحة. الآن إن تم سلب كل هذا منها، لن تنجو.
عذابها النفسي سيقضي عليها ببطئ.
دخل الرجلين في إنذار حالما رأوها تبكي.
"ليتيزيا؟" قال لويجي بقلق وهو ينهض ببطئ.
ريكاردو اللذي كان قد عاد قبل نصف ساعة، جلس في وضعية تأهب غير عالمٍ بما يجب عليه فعله.

أميرة وحش المشرط | Princess of the Scalple's BeastWhere stories live. Discover now