الفصل الثالث والعشرون | محطَّمة

10.1K 535 106
                                    

من المحتمل ان يشعر الشخص بالكثير من المشاعر حتى يأبى التفرقة بينهم، ولا يعرف بماذا يشعر بالضبط في نهاية اليوم، وهذا كان حال ليتيزيا الآن.
كانت مستلقية على سريرها الملكي اللذي يبدو كالغيمة، صحيحٌ انها لم تجرب شعور 'الغيمة' بالتحديد من قبل؛ لكن يمكنها أن تؤكد كونها ستكون مريحة فقط مثل سريرها الجديد.
كل شيء يبدو غير منطقي. لو اتضح الآن كون كل هذا تمثيل من قبل دانيال من أجل ايقاعها بالفخ، فن تستغرب.

المشاعر اللتي تلقتها ليتيزيا طوال حياتها كانت قليلة ومحدودة، اقتصرت على الكره، الحقد، الألم، العِتاب والذُل. هي لم تجرب مشاعرًا أخرى لكنها كانت تجرؤ ان تحلم بالحرية.
وهذا ما ارادته. قررت افلات قبضتها عن السلاح اللذي كان موجها إلى رأسها بحثًا عن ذاك الشعور. قررت اتباع اول وآخر خيط امل قد يدلها للنفاذ من السجن اللذي كانت تسميه منزلًا.

لكن الحياة لا تسري حسب مخططاتنا، وقررت وقتها تغيير دفة سفينة ليتيزيا وقتها لإتجاهٍ آخر.
اثناء رحلتها في سيارة الأجرة من روم إلى ميلان حتى تقابل لويجي، كانت تفكر بماذا سيحدث حين تنجح خطتها. كانت ترى نفسها تهرب لمكانٍ آخر بعيدًا عن براثن عائلتها المزعومة. ستكون محطمة لشتات غير قابل للتصليح، لكنها ستكون حرّة.
لن تجرب الحب ابدًا. كانت قد تصالحت مع تلك الحقيقة. من سحب فتاة مكسورة هي نفسها غير قادرة على حب ذاتها؟ من سيوفر لها مشاعرًا عجزتْ عائلتها اللتي كبرت عندهم من توفيرها لها؟
لم تكن تنتظر الحب من اي كائن. لا صديق ولا حبيب ولا هي بذاتها.

كانت مقتنعة كونها تهرب لكي تحظى ببعض الهدوء قبل وفاتها. كانت تعلم انها ستموت. ان حالفها الحظ وتمكنت بطريقةٍ ما من معالجة جروحها واضلعها ولم تمت من الألم، كانت ستأخذ حياتها بنفسها.
هي كانت تعرف انها مكسورة نفسيًا وجسديًا ومهمَّشة بالقدر اللذي لن يستطيع احد ان يعالجه.
لذا، كانت غايتها من الهرب هي ان تحظى بعدة ايام هادئة قبل ان تفارق روحها هذا العالم.
فقط بضعة ايام لا يصرخ فيها أحد ما عليها، لا يتم تذكيرها كم هي غلطة وعبى، لا تتنقل من ألم جروح معينة إلى أخرى جديدة حتى صار الألم هو عنوان ايامها. كانت تريد أن تشعر بالسيطرة والتحكم على شيء ما. وبما انها منذ ولادتها لم تمتلك فرصة لتجرب ذلك الشعور، قررت انها ستجربه في انهاء حياتها.

الأمر حقًا كان مشوِّشًا لها. في دقيقة، تكون متحمسة للحرية والحياة. وفي دقيقة اخرى، تجد نفسها تتوق للموت.
كانت هذه المعضلة مجرد دليل آخر يوّضح كم الدمار اللذي حصل لها.
لم يكن هناك شيء من الممكن أن يسعفها.

لكن كل شيء تغير في لحظة. وجدت نفسها ابنة من جاءته تعمل معه صفقة. وجدت نفسها اختًا لخمسة اشخاص، ثلاثة منهم يستلطفونها ولا يعاملونها على انها الشخصية الدخيلة على حياتهم واللتي كانت مقتنعة كونها هي. وجدت نفسها مُنِحت فرصة أخرى لتجرب شعور العائلة.
بدأت تتلقى مشاعر جديدة لأول مرة في حياتها. القلق والإهتمام كانا جد غريبين وجديدين عليها.
بدت كالطفل اللذي امسك لعبة جديدة بين يديه وبدأ يُعاينها بقلق وخوف وفضول.

أميرة وحش المشرط | Princess of the Scalple's BeastWhere stories live. Discover now