٤

562 85 55
                                    

.

.

.

وصلتُ أخيرا إلى الحيِّ القذر الذي كنت أقطن فيه مع الزّوجين روبنز، كان حيًا يحوي ذوي الطبقة المعدّمة في هذه البلاد واِن صحّ التّعبير، حياً مليئا بكل الاشكال البشرية التي لن تتمنى أبدا الالتقاء بها...أمثال روبنز وزوجته طبعا!!

خطواتي البطيئة توقّفت أمام المنزل عندما لمحتْ مقلتاي سيارة سوداء كبيرة مركونة أمامهُ واضواءها النفاذة مسلطة نحوي فأغشت نظري، فرحتُ أبعد رأسي نحو اليسار بينما أرفعُ يمناي أمام عيناي هربا من ذلك الضوء المزعج،

تقدمت قليلا نحو زجاج نافذتها أتقصى عن صاحبها بينما يكاد سعالي ينهش قفصي الصدري من شدة قوته بأظافره الطويلة، جسدي يرتعش بردا بينما حبات العرق كانت في سباق مرثوني فيما بينها هازئة بي وبحالي،

عندها لمحته يجلسُ هناك و غماماتٌ كثيفةٌ من الدّخان يحتضن جسده من كل جهة و بكل قوة، بينما سجارته محبوسة بين شفتيه طالبة النجدة لاحتراقها،

لا يزالُ كما إعتدته وكما تركني قبل أربعة سنوات مضت،

شكلهُ لم يتغير وإن كان شعره الاسود قد إزداد طولا عن ذي قبل، أكل السّقم تقاسيم وجهه فأصبح جليا على محياه التعب ولو لم يكن ظاهرا للعيان...فأنا وحدي من كنتُ يراه لأنني أحفظ تقاسيمه بحذافيرها،

شاردا نحو الامام كان عندما أشار لي برأسه أن أصعد بجانبه في السيارة، بعدما التقطت أذناي صوت انفتاح بابها الاخر، كنت قد صعدت بينما أحاول السيطرة على جسدي من ارتجافه الذي اتعبني، كان لا يزال على نفس حاله الذي أربكني فلا هو يتكلم فيزيحُ عني هذا التوتر، ولا هو يتركني أخرج كي أستطيع إلتقاط انفاسي الهاربة من رئتاي كسجين فارٍ من سجنه الأبدي،

أنفاسي التي بالكاد أستطيع أخذها بسبب غمامات السيجارة التي يتنفسها وتكاد تخنقني بدلا عنه،

نظرتُ نحوه بهدوئي دون أخذ المبادرة في بدأ حديثنا! أناظرهُ وكأني أحفظ تفاصيله أكثر حتى الصغيرة منها والتي غفلتُ عنها سابقا! داخلي بسمة لطيفةْ أجاهد نفسي على إخفائها كي لاتفضح أمري..كي لا تخونني!

وإني اشتاقهُ كثيرا ولكن لشدة خوفي المستكين فيني لا أستطيعُ إخباره بذلك، أخاف أن يفهمني خطأ ويترجم شوقي هذا ضُعفًا مني فأدفع ثمن ذلك غاليا، فعقل أخي يعشق المشاكل معي بل ويختلقها أحيانا، فاكتفيت بمشاهدته كطبيعتي المتجذرة فيني،

"مابال تلك النظرات! ومنذ متى تبقى خارجا إلى هذا الوقت المتأخر!“

كان هو أول من إفتتح حديثنا الذي بدى لي غريبا نوعا ما، فأنا ولأول مرة أجلس أمامه بهدوء ودون أن يستشيط غضبا مني...أو هذا ما بدا لي!، وأما عن كلماته فكانت فاترة ولا أشعر بالخوف يحتوي ربوعها حتى...

عَـــــائِدٌ إليــــكَ...Where stories live. Discover now