١٧

591 47 163
                                    

...

..

.

لماذَا خُلِق الإنساَن هَلوعًا كَـكَومَةٍ من المَشاعِر! مشَاعر تَستنْزفُ روحَه، تَمتَّصُ جَوفَه، ثم تُنقِضُ مَضجِعهُ، خيُوطٌ متشَعبَة متشَابكَة من النغزَاتِ الحادّة التي تستَهدِف نياَط القلْب...تُشعِل نيِراناً فتَتآكلُ كحزْمَة الحطَب، فلا ترَى سِوى دُخانهَا يفُوح و يفُوح ثم يَخنُق الجَسد فالرُوح...

بَل و إنّي مهْما حاولتُ فهم كنْههَا أجِدنِي أجوبُ دروُبا تعصِفُ بي، فَلا أكادُ أنقِذنِي إلّا و أكُون مضَرجًا بالمزِيدِ من قرُوح الوِحدَة و جرُوحٌ باتَت تتَكدّسُ على روحِي الرّثةِ،

خاوِي هذا الجسَد الذِي أَمتلِك... لكِن هذَا الخُواءُ باتَ يُزعزِع ثباتِي لِـكَمِّ حشُودِ المشَاعرِ التِي راحَت تَخسِفُ بهِ كريِحٍ وَطرٍ، تضْربُ جذُوريِ المنْغرسَة في تُربَة بورٍ لن تُغنيِني مِن جُوعِ الخَوفِ و لا تُسمنُني حتِى! تربةٌ هَشّة أعرِف تمامَ المعرِفةِ بأنّها ستَخُون عهْدهَا مع بتلَاتِي اليانعَة فأهْويِ نحْو قاعٍ سحيِقٍ لن تُرمَّم عظامِي بعْدهُ حَتى.

تفكيِر بات يَستَحلُّ عقلِي و شعُور بغيِضٌ يجْبِرنِي على التّخلّي! أن أتَخلَى عنْ كُل شَيء هُنا و الذّهابَ مع شَقيِقي... لرُبّما أجدُ ما يُرمِّمُ داخلِي من حُطامٍ.

لكنْ سُؤالُ وحيِدٌ نهَشَ باَطنَ عقْلي جعَلني مهتزّ المشَاعر... هل يُمكننِي المُغادَرة و تَركَه وحِيدًا مرّة أخرَى؟

لاَ هو ليْسَ وحيِدا...لدَيه عائلةً تحِبه! عَكسِي أنَا.
وجُودي معَه كان خطَأ منذُ البِدايَة و من الأسَاس!

إنَّه خَطئِي! أنا من جَعلْتهُ يتَعلّق فينِي ثُم ها أنذا سَـأهجرُه تاَركًا قَلبهُ ينْزفُ مُجددًا! كنتُ أنانِيًا و أردتُه معيِ فقطْ... إلا أننِي كنتُ أوّل من فلَت حبلَ قُربنَا و لن يسْقُط غيْرهُ ليتحطّم ما بَقيّ منه.

آسِفٌ يا رفِيقيِ... فأنا لرُبّما سأكُون أنَانِيا و لو لمرّة واحدَة في حيَاتي...و لستُ أتهَرّب من قدَريِ فأنا أودنيِ الهروُب من براثيِن والدِي الذيِ لطالَما تحكّم في قدَريِ...شكّل شخْصيِ كيفَما يشَاءَ فوَجدتُنيِ مجرّدُ تمثَالٍ أجوفٍ لاَ تخلُوهُ الخطَايَا، تسكنُه أشبَاحُ الشجُون.

"مالِي أراكَ ساكنًا شَاردًا لوكَا! أولَم يُعجبْك الأكْل؟ سأطلُب غيْره حالًا إن كنتَ كذلِك عزيِزيِ."

نبَسَ الذي يُجاورنِي يُخرِجنِي من شرُوديِ خارجًا، كنتُ حينَها أتغَذىَ علَى أفكَارٍ ذاتَ عَلقمٍ فلمْ أستَسِغ طعمًا للشطِيرةِ التي كانَت تتوَسَط يُمنَاي.

عَـــــائِدٌ إليــــكَ...Where stories live. Discover now