١٨

618 50 179
                                    

.


..


...

هَلْ أنا وليِد هذَا الكَون أَم أننِي وليِدُ العَثراَت!

صِدقًا... سُؤاليِ هذا يَبعَث فيِني الضّحِك! ضحِكًا مَريراً صَعبَ الاسْتسَاغ... فَـهل ياتُرىَ أُعتَبَر كائِنا حيًا منَ الأساسِ حتّى أكونَ وليدًا للكَون!

مهْما بَحثْت فان كيْنُونتِي مُنعدِمةَ الوُجود وسَط هَذا الكَون الذِي لطالَما فرّط بِي، حَياتِي لمْ تكُن صحِيحَة من الأسَاس، فكَما أسلَفتُ... أسُسُ حياتِي الأوُلى لم تُبنَى على ركـائِزَ صلبَة مَتينَة منْذ البدايَة!

لِذا كَـحصيِلة مُدمرَة لما تبقَى ليِ من فُتاتِ روحٍ وَجدْتُ بأنهُ لم يَكن علَيّ الوجُود، لَم يَكن عليّ وَطئَ أرضَ هذهِ الحيَاة... لكنّنِي فعَلتْ! عاكسْتُ قَوانِين الكَون و ولِدتُ رُغمًا عنهُ، إلاّ أن فِعلتِي تلكَ جعَلتنِي أدْفعُ ثَمنهَا غالِيا!
ثمَنها كانَ روحِي للأسَف!

لربّما لم أكُن سوَى كيَانا ظلَاميًا مُذْنبا وُجبَت إباَدتَه، أم أننِي مجَرّد دُميَة! دمْيَة خَرّقتْهَا سِهامُ الشّجُون مع الكثِير من الخَطايَا، لأُصبحَ بذلِك أسْوءَ تجْربَة فاَشِلة قد حضَت بهَا الحَيَاة، و ها أنَـذَا وجَدتنِي مرْميًا على قَارعَة طريِق الخُذلاَن بعد إنْتهَاء صَلاحيّتِي.

لِذَا ماذَا بَعد! 

أمشِي بِعقلٍ إلتهَمتْه الظّنُون ثُم راحَت ترمِيه في غياَهبِ الشّجُون، أحاوِل ردْعَ مَا طفِقَ يغزُونِي منْ أفكَارٍ كرهْتُ ذكْرهَا، و جَعَلتُ أنشُر نَوعًا من الثّباتِ الذِي لَن ينْطلِي علَى طِفلٍ صَغيِر حتّى!

أحْملُ مَا مدّني بِه تُوماسْ قبْل قليِل بيُمنايَ بينَما يسْرايَ إسْتقَرّت علىَ البَاب الخَشبِي تَطرُقُ طرَقاتٌ ثَلاثٌ بالكَاد تسْمَع،

صوْتٌ خفيِضٍ أَمرنِي بالدّخوُل فَـفعلْتُ قبلَ إغلاَقهِ مُجدّداً بحرْصٍ شَديِد... و قدْ هاجَمتنيِ أحاديِثٌ كثِيرة تصْدر منْ أفواهِ الحَاضريِن هناكَ.

كنْت لا أزاَلُ وَاقفًا فِي مَكانِي الأوّل... جِوارَ البَاب، حيِنَما رفَعْت مُقلتَايَ أُمشِّطُ المكَان، فَـبَصُرتُ هَيئَة السيّد سيِدرِيكْ قُربَ المكْتبَة،
واقِفاً هُناك بمَلامِح جِديّة يَحمِل بيْن يدَيهِ كِتابيْن يتَصفّح أحَدهُما، و قَد رُفعَت أكماَم قميِصِه الأبيَضَ قليِلاً لتَظهرَ سواِعدُه.

في حيِن أن السَيّد ألكسنْدرْ قدْ إتّخذَ مكاَنهُ كَعادَتهِ خَلفَ المَكتَب، بِملاَمحٍ لا مُباليّة علىَ غيرِ العَادة يَقرَأ الاوْراقَ التِي إستَقرّت بيْن أنَاملِ يدَيهِ،
يَستَمع لحَديِث ذَاك الضّاحِكِ الذِي أخذَ مَجلسًا لَه علَى الأرِيكَة يُقابلُه... يُعطيِني ظهْرَه،

عَـــــائِدٌ إليــــكَ...Where stories live. Discover now