١٦

486 46 142
                                    


.

..

...

لطالَما آمنتُ بالقَدر، أن يُكتَب لي الشّقاءُ في هذِه الحياة أَمرٌ يفُوق طاقَة رفضِي،
فَوجدْتُنِي أتحَمل و أتحمّل حتَى باتَ هذا الشّقاء يتَضاعفُ، و في مقَابلِ ذلك طاقَة تحَملِي أضْحت تَتقهْقَر إلى قَاع الحضِيض.

أُحاول مُدارَات كل بؤسِي خلفَ قِناعٍ لايُشبهنِي، فداخِلي يغرَق رغْم كمّ الصّلابَة التي أبديِها،  و هأنذا أكبَر خاسِر! خسرتُ كلّ شَيء...عَائلتِي، أشخاصِي الذِين أحبّ، و الأهَم منْ كل هَذا خسِرت نَفسِي! نفسِي التي لنْ تعُود كمَا كانَت مهْما طَال الزّمنُ بي.

حقِيقةً، التفْكيِر فيِ أننيِ لرُبما سأخْسَر أكثرَ مِمّا فعلتُ سَابقًا لم تعُدْ تُخيفنِي البتّة كَما كانَت تفعَل...فَلم يَبقَى لديّ ما أخسره حتى!

حياتي؟
أراها تنْسابَ من بيْن أناملِي الشّاحِبة كجُرعَة مِياه مُلوثَة، مياه لم تزدني سِوى لطخات لوثت روحي السقيمة! فأضحَيتُ مجرّدُ كائنٍ خاوِي تسْكنَه رياحُ الخَطايَا فتحدث صفيِراً خنيقٌ و الكثِيرُ من العثَراتْ، و أمّا عن السّفالَة فلنْ تقلَّ عنهُما مهمَا تُبتُ عن أفْعالِي الشّنِيعة.

أنا كائِن موسُوم بالعدَم! و العدمُ أناَ...وجودِي لايشَكلُ أيّ فارقْ...و هذا مَا أرادَه القدَر فقَررَ سلبِي هذا الجَسدَ الذِي لم أتَوانَى عن نثْر كلّ ما هو بغيِضٍ علَيه،
هذه الروُح التي أمتلكُ... آثمَة!
...

أنفاسِي المُلتهِبة تتسَابقُ بقُوّة عَجزْتُ عنْ مُوازَات فِعلتِها... فأصْبحَت تَتعثَّر في مجْرىَ تَنفسِي و قدْ كونَت كومَة كبيِرة من الألَم في حلقِي الجّاف، و كأنّ أشْواكًا قد زُرعَت هناك بِسبَب القحْط الذيِ أصَابنِي،

كان نفسُ الكَابوسِ الذِي أراهُ في كلّ مَرّة...عائلةٌ جاهِلٌ نسَبهَا...ليلةُ عيدِ المِيلاَد...هَدايَا و ثلوجٌ تَتساقَط...قَهقهَاتٌ و أخيرًا هيئَةٌ لا تتَوضّحُ مَعالمُها تُنهِي ذاك الإحتِفالَ بأفظَع طَريقَة.

هل رؤيتِي لذاكَ الكابُوس المتكَرّر باتَ شَيئًا عاديًا! قطْعا لا!
فرُؤيتِي لتلكَ الهيْئات تُحرَق حيّة أمرٌ سيجْعلنِي أجنُّ في يومٍ ما، إن لمْ يتَوقّف عقلِي البَاطنِيِ عن إرسالِه لِي كل ليْلة.

نهَضتُ بجِذعِي حِينمَا أردتُ تبليِل حلقِي الجّاف و لو قَليِلا، عِظامُ جسدِي تكادُ تُكسرُ لأتفَه حَركةٍ أجُدنِي بِصدَد فِعلِها، بينماَ رجفَاتيِ بسبَبِ ما رأيتُه لم تتوقّف، و ذلِك جعَل من الكَأس على الطّاولَة قُربِي يفرُّ من بنَان أناَملِي... فهوَى مُحدِثًا ضَجّة إثرَ تراشُق أطلاَله فِي كلّ مكَان قربَ السرِير،

عَـــــائِدٌ إليــــكَ...Où les histoires vivent. Découvrez maintenant