١٣

691 57 232
                                    

.

..

...

أندرياس:

رياحٌ قويّةٌ كانت تَضرِب شَوارعُ المدينة؛ بينما راحَت تُراقصُ ندفاتِ الثّلج في فسيِحِ السّماء الكئيبة؛

غيومٌ رماديّة طفقَت تكتَسحُ السّماء فَوقنا تنثرُ ندْفاتهَا باستمْرار منذُ ليلة أمسْ، جاعلةً من ثلوجِها تتكدّسُ على سُطوح المنازِل... في أرصفةِ الشّوارع الباردة و على قارعة الطرقاتِ الرّطبة،

كانتِ الطرقات المتَجمّدة أسفلاً تتزاحمُ بِـ سَياراتها و ضجيج أبواقِها المتعالِية، فَـ برغم سوء الجوّ لم يتوقف الآخرين عن أعمالهم بمعاطفهم الثقال رفقَة مظلاّتهم المَنيعةِ،

بل راحوا يَدئبُون بكل حَيويّة تتعجّبُ لها العُيون،

"حضْرة الطّبيبْ أندريَاس! لقد أفاَق مَريضُ الغرفة مِئتينِ و سبعَة قبل قليل."

أخرجَني من سلْسَلة نَظراتِي المسَلّطة خارجَ مبنى المشفىَ حديثَ المُمرّضة التي أمرْتها بتَفقدِه سابِقا، واقِفا و بين أناملِي كوبَ سودائي الورقي بِـ بُخارها المُتصاعِد،

كنتُ قد إنتهَيتُ من فحص آخر مريضٍ لهذا اليَوم قبل لحظَات فقَط، و كَـ مكافأةٍ صغيرةٍ لي عَلى ذلكَ هَـ أنَذَا أستريحُ قليلًا مع سودائي المرّة التي أحبّ! نتشَاركُ بناتَ أفكَاري...

بينما عقلي شاردًا في ذاكَ الذي أفاق أخيِرا؛
لوكاس!

الصّغير الذي كلّما ناظرتُهُ وجدتُ مُقلتَاه تفيضُ كلامًا قد صَاحبَ لمعة عيناَه النّاعسَة...هدوءُه و ردّاتُ أفعاله غير المُتوقّعة،

يُقال بأن الهادئُون جميعُ أحاديثِهم في أعيُنهمْ لذلكَ كان هذا الصّغير مثالاً حيًّا على هذه المقولة... فَـ بِرغم معرفتي السّطحيّة به،

كان و كَـ أوّل إنطباعٍ لي عنهُ حالما رأيتُه؛ مجرّدُ فتًى لم تكْتملْ شَخصِيّته الضّعيفَة بعد، يخافُ لأتفهِ الأسبابِ،
ناسِيًا بأنّ أحد الأسباَب كان صديقَ دربي.... ألكسندر،

بل ظنَنتهُ مجرّد صغيرٍ آخر يحاربُ ما تَرشقُه الحَياة به من مِطبَّاتٍ و صِعابٍ جمّة، فتًى بشَخصِية هشّة وَجدَ نفسَه وَسط كومَة مِن المَهام الضّخْمة التي ما زادتْه سِوى إحناءاً لظهرِه الرّفيع،

لكن كل تلكَ الإنطباعات قد إضْمحَلّتْ أمسًا حالمَا لمَحَتُه مقلتَاي كيْف إستسْلم لبراثيِن المَوت بكلّ بسَاطةٍ دون محاربَةٍ حتى...

عَـــــائِدٌ إليــــكَ...Où les histoires vivent. Découvrez maintenant