٣

550 99 53
                                    

.

.

.

.

كنت جالسا وسط غابةٍ عزلاء مقفرة تكاد تخلو الحياة منها،
  برد قارصٌ يخيّم على المكان ولا علم لي بكيف وصلت إلى هنا، أشجارها باسقة ولكنها يابسة خالية من أوراقها وكأنها قد إستعدت لإستقبال الشتاء أخيرا،
ضباب كثيف يملؤها و مازادها ذلك سوى رهبة في نظري، كنت أنظر في كل إتجاه لمعرفة مكاني أو أي طريق أسلك للخروج من هنا ولكنني للاسف  كنت تائها فقط،

حاولت المشي ولكن الضباب منعني وألبسني خوفا ورهبة من أن أصطدم بأي شيء دون قصد مني او أن أقع في واد سحيق فتسحق عظامي البالية دفعة واحدة، حاولت الصراخ طالبا النجدة وانا كلي علم بأنني أبكم لا فائدة ترجى منه! ولكن المفاجأة كانت بأن خرج صوتي واضحا جليا لي،

وللعجب  وكأني كنت على علم بذلك ولم أتفاجأ قط! فرحت أعاود إستغاثتي طالبا النجدة من أي أحد كان مرارا وتكرارا، كنت خائفا مرعوبا ولا أعرف لما،

المكان مقفر موحش و ضربات قلبي تكاد تصم أذني من شدة الرهبة، حاولت المشي مرة اخرى بكل هدوء أملكه للعثور على وجهة أهتدي بها نحو طريق الخلاص من هذا المكان الأعزل،

عندها كان قد سرق أنتباهي صوتا رقيقا محببا إلى قلبي السقيم، يخاطبني من بعيد ولا دراية لي أين مصدره بالتحديد فرحت أتقصى عنه بلوعة ولهفة تكاد تفتك بي:

"لوكاس!...لوكا يا حبيب أمك لتنظر هنا!...أنا هنا صغيري!“

إستدرت بسرعة ناحية الصوت وإذا بي ألمح طيف أمي بعيدا عنّي يلتحف الاسود لباسا! ما جعلها تبرز من بين الضباب الكثيف... أكثر فأكثر!

بينما بانت ملامح وجهها البهي وكأنه بدر منير في ليلة حالكة السواد، دنوت منها طالبا بذلك حضنا دافءا أستمد منه بعض القوة، حضنا أستشعر فيه أنني كائن حي يستحق ولو أدنى درجات السعادة وإن فرت منه بلا رجعة!

إلا أنها رفعت يدها بيني وبينها كحاجز منيع...حاجز جعلني أتسمر مكاني وعيوني الممتلئة أمطارا راحت تطلب منها تفسيرا لما فعلت، ألا تشتاق لي كما أفعل انا! هذا أنا يا غالية إني صغيرك لوكا كما تلقبينني!.

"لا تفعل!... لاتقترب مني، يداك لوكاس!....يداك ملطخة بالأحمر لترى ذلك! إنه كثير“

قالت أمي ذلك في حين إستحالت ملامحها إلى أخرى وجلة تكاد مقلتيها تخرج من محاجرها فرطاً من الخوف الذي تبديه ناحي، بدّلتُ نظري نحو يداي حيثما أشارت هي فاذا بي أجدها قرمزية دامية، ولا أعرف كيف حصل ذلك حتى!، هالني مارأيت ورحت أتخبط وأوزع نظراتي عليهما وعلى ثيابي البيضاء التي لم ألمحها سوى الان و التي استحال لونها أحمر قاني هي الاخرى، رفعت نظراتي الخائفة نحوها ثم أعقبت حروفي المرتعشة.

عَـــــائِدٌ إليــــكَ...Tahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon