المحاولـة التاسعــة والعشــرين

4.1K 270 148
                                    

بقلم bovardia
أتمنى لكم قراءة ممتعة.

* * * * * * * * * * * * * * * * * * *

كانت جالسة في غرفة الجلوس، بعدما نام محمود، وماريا في حضنها ترضعها، من التعب لم تكن تستطيع مقاومة النوم، لكن كلما ابعدت ماريا عنها تبدأ في البكاء بصراخ، فتعاود إرضاعها، عينيها على شاشة التلفاز بشرود، لكن تفكيرها لم يكن هناك، كان عقلها يتعبها، رغم محاولاتها التجاهل ما يحدث بينها وبينه لكنها لا تستطيع.

إنه يتعمد تعذيبها بهذهِ الطريقة المؤلمة، يتعمد أن تنام في غرفتهم وعلى السرير، لكنه يهجرها، جفاءه مؤلم جدًا، صمته المطوّل، كلماته المقتضبة، بل لا يسألها شيء أبدًا، إذا ما أراد شيء ما يحضرها بنفسه، حتّى الطعام لا يطلبه منها، يعد لنفسه وينظف المكان وراءه.

عضّت شفّتها من القهر الذي تكتمه بقلبها ويزيد من عذابها أكثر كلما كتمت، ونظرت لباب المنزل عندما رأت ظله من الزجاج المزركش، فأغمضت عينيها، كانت تشعر بالنعاس قبل قليل، لكن فقط حضوره جعل منها متيقظة وقد تلاشى كل النعاس، والدماء في عروقها تضخ بعنف لصوت تحركاته حين فتح الباب ودخل.

كانت ماريا في حضنها ترفع يديها وتلاعب نفسها، لكن حين اقترب جواد، بدأت الصغيرة ترفس بقدميها وتحرك يديها للأعلى، شعرت حفصة بيديه حين سحب ماريا من حضنها بهدوء، لكنها لم تستطع أن تبقى مغمضة العينين، إنها غير معتادة على تلك الحركات، ففتحت عينيها تنظر إليه بينما يرفع ماريا لحضنه.

تكلم لأول مرّة منذُ يومين، حيثُ كان لا يتحدث معها.
:- أكملي نومك، سآخذ ماريّا عنكِ.

عضّت شفّتها من الداخل، ثمّ قالت بضيق لم تستطع منعه من نبرة صوتها.
:- هل يمكننا التحدث؟.

التفت لها، وأحد يديه تمسح على ظهر ماريّا التي بدأت تغفو، وتساءل والسخرية لا تترك نبرته، ليجعل من حفصة تود لو تحطم ما حولها من القهر.
:- نحنُ تحدثنا بالكثير، لا أظن أن هناك شيء نتحدث به بعد الآن.

رمشت عدّة مرات تمنع الدموع الحبيسة من السقوط بينما تقول وغصة أُحكمت داخل حلقها والمرارة ترتفع.
:- لماذا تفعل كل هذا!؟، إذا كنتَ لا تريدني لما أعدتني!.

اقترب، وطوله الشامخ أمامها وعرض منكبيه جعلها تتراجع بخطوتين للخلف، بينما يقول ونبرته لا تزال منخفضة من أجل ماريا التي نامت على الفور في حضن أبيها، لكن عينيه نار وكأنها الجحيم.
:- أنا هكذا، هذا عقلي، لم تأتي إلي بتهديد السلاح، عدتِ بملئ إرادتكِ.

هزت رأسها وشعرها الأسود الناعم يتساقط كشلال حول وجهها الأبيض الرفيع.
:- لم تعطني خيارًا.

ابتسم بمرارة.
:- أعطيتكِ، لكن الذهاب لأجل رجل آخر ليس من ضمنها، أدفنكِ ولا أتركك تذهبين لرجل.

:- أذهب لرجل!!.

تصلب فمها المحمر من ضغط أسنانها، واحمرت عينيها الواسعتين، برموشها الطويلة، الخيبة في ملامحها وهي تردد.
:- هذا ما تظنه عنّي!، في كل مرّة أبرر لك سبب الزواج، في كل مرّة أخبرك عمّا مررتُ به وعن إجبار أبيك لزواجي بعـ... ، بـ أخيك لكنك لا تصدقني، تُفضّل تصديق العالم أجمع وتكذبني!!، وانت تعرف أنني ما أحببتُ غيرك، لم أنظر لغيرك لأنك وحدك الذي عرفني.

محاولات لقتل إمرأة لا تُقتلTahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon