البارت الرابع

657 84 34
                                    

انصرفت نيرة لتستكمل مهام اليوم لديها قبل أن تصتدم ب إلياس صديق "ما" المقرب والذي يبلغ عمرهُ ١٧ عام. سألها على عجلة من أمرهُ:
_ أين ما؟
فأشارت له بيدها:
_ أنصرف من هنا قبل قليل.

فتردد إلياس قليلًا من الذهاب خلفه قائلًا:
_ هل رأيتي نور اليوم؟ أو قالت لكِ أي شئ؟

فتعجبت منه نيرة، فكيف يسأل عن نور وهو أكثر من يلازمها يومها ومسؤول عنها بالجزيرة، فطالعته بغرابة من توتر كلامه:
_ هل هناك أزمة أو مشكلة؟

_ لا، لا ابدًا

أجابها بنفس التوتر الجلي علي مظهره، لتحرك نيرة كتفيها بعدم فهم، وتنصرف وهي تتعجب من أسلوب الجميع اليوم، فمرة نور تخبرها أنها تريدها، ومرة أخري ما، وأخيرًا إلياس بحديثه الغريب، نفضت كل الأفكار وتبعت طريقها، وهي تعلم أن كل شئ سيتضح بالمساء أكثر.

................

وبغرفة آخري حيث تقف أيقونة الحنان، تنظر لكل ما يحدث عن بُعد، وتتابع حركة أطفالها الكثير علي الجزيرة بكل حب وانتصار، فهذه الشرفة ذاتها التي قامت بالهروب منها اول مرة، و نُزفت قدمها، الآن تقف بها بكل أريحية وحب، تشاهد عالمها التي صنعتهُ لنفسها ولتلك الصغار
ليٱتي من خلفها من يتسحب علي أنامله، ويستغل شرودها من النافذة؛ ليقف بجانبها دون أن تشعر مردفًا:

_ لم اشتاق إليكِ إطلاقًا

تفاجئت به وبصوتهُ الذي انتظرته كثيرًا، لتنظر له بذهول غير مصدقة:

_ غيثي، جئت متي؟

_ إسمها متي جئت يا معلمة الصغار يا قدوة، اوحشتي قلبي

اخذت تضحك غير مصدقة ذلك المختل الأكبر الذي أنجبت منه نسخة مستنسخة صغيرة، لتنظر له بحب وحنان لم يتغير أبدًا علي مر السنين، محتضناه بخفة:

_ اشتقت لك كثيرًا أيها المشاغب الكبير

ثم أكملت بنبرة حزينة قليلًا:
_ لكني حزينة منك جدًا، قلت انك ستغيب أربعة أيام فقط، وتغيبت اسبوع كامل دون أن أعرف عنك شئ، هل يصح ذلك؟

_ سامحيني عزيزتي، لقد أخذ مني العمل وقت اكبر مما توقعت، وحاولت الوصول لكِ كي أخبرك لكني فشلت كالعادة، فانتي مانعة تمامًا وجود أي هاتف علي الجزيرة

_ أنا لا امانع، فقط هذه رغبة الصغار انت تعلم، ولا أريد مخالفة رغبتهم أبدًا، فجميعهم كلامهم أوامر

_كم هم محظوظين بكل هذا الحنان، ليتني طفل دار مثلهم؛ لأنال كل هذا الحب، أو ليتني مثل الجميع

طالعته بحب مردفة بين خجلها الظاهر علي ملامحها البريئة:
_انت طفلي الأول يا غيثي، واختياري الصحيح بين كل أخطائي، وزوجي الوفي، وأبي الحنون الذي بوجوده أطمئن، انت كل الألقاب وكل الناس بالنسبة لي، ليت الجميع مثلك انت، وليس ليتك مثل الجميع

وضع يده علي صدره قائلا بحب ومشاكسة:
_ ااااه علي قلبي الذي أعتاد النصب والاحتيال منكِ، دومًا انتِ هكذا قادرة علي سلب قلبي مني بكلمة واحدة، ولكن حسنًا ساتقبل هذا النصب هذه المرة ايضًا لانه يروق لي كثيرًا، أخبريني إذًا ما أحوال صغيرنا المشاغب وما الجديد بالجزيرة؟

_ الجزيرة كل شئ علي ما يرام لا انحراف أو تغيير، فقط الانحراف كله يكمن بصغيرك المشاغب هذا

ضحك بشدة علي حديثها؛ فهو يعلم أن ذلك الصغير حقًا مستنسخ من طفولتهُ؛ ليقول متنمرًا:
_ ماذا فعل ملاكي اللطيف؟

_قل ماذا لم يفعله، حقًا لقد ربيت أطفال كثيرة، لكنني لم أري مثله ابدًا، وكل أفعاله شئ، وأفعاله مع نيرة شئ آخر

انتبه غيث جيدًا عندما جائت سيرة نيرة متسائلًا:
_هل اشتكت منه أو حدث شئ؟

تحدثت بقليل من القلق والتوتر:

_ المشكلة انها لا تشتكي، هذه الصغيرة رقيقة جدًا واعتادت جنون صغيرك عليها، ولكن المقلق حقًا أنه بعُمر المراهقة، ولا اريد مثل تلك المشاعر تسيطر عليه، ف بالنهاية نيرة طفلة، ولا يجب فتح عيناهم علي مثل هذه الأشياء مبكرًا، وإن حدث ذلك؛ سيكون من أولى العقبات التي ستظهر دومًا بين الأطفال علي الجزيرة، وربما يحدث مشكلات وتتناثر الأقاويل عن الدار

وضع كفه علي يدها المسنودة علي النافذة محاول طمئنتها:

_معكِ حق بالطبع يا عزيزتي، اعدك سأتحدث معه، وأعرف إلي أين مشاعره تسوقه تجاه نيرة، وإذا كان هناك أي انجذاب من اي نوع سنفصل بينهم بأي شكل، لا تقلقي فقط هذا السن يحتاج العقل والتصرف بحكمة، أنا بجانبك ولا شي يدعو للقلق ابدًا

وضعت يدها الثانية علي يده الحنونة، قائلة بامتنان

_شكرًا لك يا غيثي، شكرًا أنك هنا

قبل رأسها بحب وقبل أن يتحدث ويقول ما كان ينوي فتحه من البداية، دق باب الغرفة عليهم بشدة وكأن هناك من يكسر الباب عليهم ويقتحم؛ ليأتي صوت صراخ ونحيب لطفل مذعور بالخارج قائلًا.. تقي ماتت...

........

فوت+كومنت+بحبكوا ف الله🦋

ٱشري ما _ الجزء الثاني من العملاق أديل ما حيث تعيش القصص. اكتشف الآن