البارت السابع

529 72 18
                                    

الساعة التاسعة مساءًا..
وهو التوقيت المحبب لدى الجميع، حيث يتخلص كل فرد مما عليه ويبدأ بالبحث عن رفاهيته الخاصة.

ذهب "ما" سريعًا لمكانهم المفضل بوسط الغابة، وقام بإشعال الحطب؛ ليستمدوا الدفء منه، وبجيب بنطاله ذاك الحجر الزمردي الأخضر الذي وجده بالصدفة ليلة أمس، أنتهي من تحضير وهندمة المكان، وجلس منتظرها علي أحر من الجمر، كمن سيقابل عزيز قلبهُ لأول مرّه، وهكذا هو شعوره بكل مره يلتقي بها، وكأنها أول مره.
بنفس التوقيت خرجت نور من كوخها والذي يقترب كثيرًا من كوخ نيرة، تلفتت حولها بحذر وهي تبحث بعينها عن وجود إلياس الذي يبحث عنها منذ الصباح وهي تتعمد الهرب منه، وعندما اطمأنت من عدم وجوده انطلقت مسرعة لكوخ نيرة وهي تدعو الله بقلبها أن تلحق بها قبل خروجها كالعادة كل ليلة للغابة، وعندما وصلت ودلفت لكوخ نيرة وجدتها بالفعل كانت تتجهز وتثبت خمارها مستعدة للخروج، استقبلتها نيرة وهي تعدل وتهندم من ثيابها وتتأكد أمام المرآة من إخفاء كل خصلات شعرها الأمامي، قائلة باستعجال:
_مرحبًا نور، لماذا تأخرتِ كل هذا؟ انتظرك منذ أكثر من ساعتين

_نور: لقد حاولت المجيء منذ أكثر من ساعة ولكن إلياس كان يتردد على كوخي ويحاول مقابلتي وانتظرت حتي يرحل

_نيرة: ولماذا تتهربي منه بالأساس؟ هل حدث بينكم اي خلاف؟

_نور: لا، لكنه يرفض أن يعرف أي شخص ما سأقوله، حتي انتُ

لم تفهم نيرة حديثها بشكل كلي، وطلبت منها أن يستكملوا حديثهم بالطريق إلي الغابة، في البداية رفضت نور فهي لا تريد الحديث أمام "ما" ولكن بعد محاولات من نيرة وبطريقتها التي تتغلب بها دائمًا علي الطرف الآخر استطاعت إقناع نور أن صديقهم "ما" لن يضرهم بل سيساعدهم ويكون لهم خير الأخ والسند، وبعد هذه المناقشة شعرت نور براحة فربما يكون الإختيار الذي نخاف ونبتعد عنه هو الأصح لما لا!.

وخلال سيرهم كان هناك عدة أعين تتبعهم بصمت...

على الجانب الآخر قد مرت ساعة علي جلوس "ما" وحدهُ حتي مل وبدأ يتخلله شعور أنها لن تأتي اليوم، أو ربما حدث شيء قد غير ميعاد لقائهم، حزن بداخله وقرر أن ينتظرها لنهاية ميعاد نومها، فربما يحظى بدقيقة واحدة معها تحسن نهاية يومه، أخذ يمسك الحطب الذي تحول لكتلة من الرماد الصلب ويقذفه بعيدًا، ويضع قطع حطب اخرى، وفي أحد مرات ألقاءه لقطعة حطب كبيرة وجد من تصيح بالظلام قائلة:

_ مهلًا، ما الذي تفعله ستحرقني

كان هذا صوت نور التي جائت بكتفها قطعة الحطب ولوثت ملابسها، بينما نيرة كانت تنفض عنها أثرها
لم يكن يتوقع "ما" مجيء نور معها فأعتذر منها بحرج:

_ عفوًا، لم أراكم بالظلام

ثم وجه حديثه لنيرة باهتمام وبعض الاندفاع:

_لماذا تأخرتِ هكذا؟ ظننت انكِ لن تأتي، وكنت أطفئ الحطب؛ لارحل الآن

كان بالطبع يكذب عليها وعلى نفسهُ؛ ليوضح لها عدم اهتمامهُ بمجيئها من عدمه، فهو يخاف دومًا أن يظهر كل ما بداخله لاعتقاده بأن الحب يجعل من العاقل مختل

أجابته نيرة عن سبب تأخرها وهو إنتظار نور، ثم بدأت بالحديث عن أزمة نور وهروبها من إلياس صديقهم، فتعجب "ما"  من حديثها وتساءل:

_ ولماذا تهربين من إلياس، أليس هو صديقك المقرب والمفترض أنه المسؤول عنك ويعرف كل شيء يخصك؟

فأجابته نور موضحة وجهة نظرها:
_نعم صديقي المقرب ويعلم كل شيء حتى الذي أريد التكلم عنه الآن، لكنه يرفض أن أتحدث مع أي شخص ويرفض أن أتحدث مع نيرة دون أن يوضح سبب رفضهُ، وذلك ما يزعجني أكثر، بدلاً من منعي، عليه التوضيح وإلا سأفعل من خلفه ما أريد، وسيكون هو من تسبب في ذلك

أجابها صوت إلياس الذي خرج من وسط الأشجار مفاجئهم بوجوده، لأنه كان يتتعبها منذ تحركها أول  خطوة من كوخها قائلًا باعتراف:

_حسنًا انتي محقة، وأدين بإعتذار رسمي لكِ، لم اوضحلك الأسباب لأنني ظننت انكِ صغيرة ولن تفهميني بشكل صحيح، ولكن من الآن ساتعامل معكِ علي إنك نور الناضجة ليست الطفلة التي كنت اعرفها وترعرعت بين يدي

اختفت ملامح الدهشة على ملامح الجميع، وارتسمت البسمة علي ثغر نور التي اطمأنت بعد حديثه لها امامهم، وأنه لم يحزن من قولها منذ قليل عنهُ، وبدأت تشعر بالراحة
عدلت نظارتها علي وجهها بخجل وهي تنظر للاسفل قائلة:
_انا أيضًا ادين لك باعتذار، لأنني تهربت منك طوال اليوم وما كان علي فعل ذلك

بادرها إلياس الاعتذار ليصيح بينهم "ما" قائلًا:
_بعد كل هذا الحديث أنا لم افهم شيء بالأساس، مـــــاذا حـــدث؟

فأجابته نور بثقة:
_لقد اخترتني الجزيرة؛ لاضحي من أجلها..

.......

فوت+كومنت+بحبكوا في الله





ٱشري ما _ الجزء الثاني من العملاق أديل ما Where stories live. Discover now