[ الفصل العاشر]

4.5K 264 70
                                    


وضعَ رأسه تحت الماء البارد المنصب بغزارة ليبعدَ قطرات العرق التي كانت تملأ جبينه ووجه المتعب بالكامل .. بقيّ على حالته تلك بضعُ دقائق فلعلّ ذلك الماء يتدفقُ لقلبه ويشعرهُ بالقليل من الراحة بداخله ...
أغلقَ صنبورَ المياه بيده اليسرى.. فلا بدّ أن يبدأ عمله كما هوَ المعتاد ..
رغمَ أنّه قد اغتسل إلا أنّه لا زالَ يشعرُ بأثارِ الأمس الناجمة عن ارتفاعِ درجة حرارته ..
أمسكَ منشفته الصغيرة وأخذَ يحركها في رأسه بخفة ليجفّ شعره من الماء الذي بلله به ..
عدّل تسريحَ شعره لتكونَ مرتبةً قليلاً .. رغمَ أنّه يفضلُ بقاءَ شعره كما هو إلا أنّ موضعه الذي هوَ فيه يتحتمُ عليه اتخاذ الرسمية ..

نظرَ لنفسه البائسة في المرآه والتي اتضحت معالمها في عينيه المتورمتين التي لم يستطع بها النوم براحة ليلة الأمس ..
فذلك الألم كانَ كافياً بأنْ يجعله في وعييه بما أنّه تخالطه ذكرياتِ سيئة كُتبت أن تكونَ فيه .
صعدَ الدرجات للأعلى.. لم يكنْ يتألم ولكنّ كل ما كانَ به هو شعورٌ بالتعب ينتشرُ كلياً في كلِّ أنحاء جسده وذلك لقلّة نومه وعدمِ أخذه قسطاً كافي من الراحة .

أغلقَ البابَ خلفه بكلِ هدوء .. فلا أحدَ يعلمُ بمكوثه ليلة الأمس هنا .. وبداخله يفضلَ أن لا يعلمَ بذلك أحد وهذا ما قد عزمَ عليه
ولكن سيرَ شيمون المفاجئ الذي ظهرَ أمامَ ناظريه من بعيد وملامحه التي تظهرُ فيها جرعة كبيرة من القلق جعلته يدركُ سريعا أنّه قد يكونُ هوَ سببُ الحالة التي هو فيها .
حركَ قدميه متجهاً نحوه .. وما لبثَ أن استطاع ان يمسك بكتفه برفق من الخلف .. وبصوته العذب الذي يريدُ فيها أن يزيحَ بها قلقَ من يمسكُ به .
ـ صباح الخير .

التفت شيمون ما إن سمعَ ذلك الصوت الذيَ يعرفه جيداً .. والذي ما إن انسابت إلى سمعه حتى تَبدد قلقه الثقيل.. ونطقَ بانفعال..
ـ أنتَ هنا ... انتظرتكَ طيلة الفجر .
علمَ رولند صدقَ ما قاله شيمون .. فيبدو أنّه كانَ يظنَ بأنّه لن يأتي .. .. لذا قالَ له ليجعله يطمأن رغمَ أنّه لم يرد إخباره بذلك .
ـ لا تقلق لقد كنتُ هنا منذُ منتصفِ الليل .

اندهشَ من إجابته ! فكيفَ هو هنا منذُ الليل ولم يعلم هوَ بذلك , نظرَ جيداً له يريدُ أن يسأله إن كانَ ذلك حقاً ! ولكنّه أطبقَ على شفتيه ما إن رأت عيناه تلكَ العينان المتعبتان التي تنظرُ إليه فأدركَ سريعاً بأنّ الشاب الذي أمامه لن يكذبَ في نظرته تلك .  عندما علمَ رولند أنَّ حدقة عيني من امامه تنظرُ له بإمعان ..
حتى قالَ سريعاً بابتسامة ليتهربَ من أيَ استفهام يريدُ توجيهه .
ـ إذاً سأذهبْ لأبدأ عملي ... .

أبعدَ يده عنه .. وأفسح له الطريق... أخذَ ينظرُ إليه من الخلف وهو يذهب باتجاه غرفة سيده, لقد كانَ حقاً يريدُ أن يسأله عن سببِ بقائه ليلة الامس هنا ! بل لماذا بدت عينيه هكذا !؟
كلُّ تلكَ التساؤلات أخذت تراوده فبرغمِ من أنّه يبدوا أنّه يرهقُ نفسه إلا تلك الابتسامة التي يرسمها على شفتيه دائماً
تجعلُ من يراها لا يقلقُ على شيء ..هذا ما شعرَ به وهو يراقبه حتى اختفى من أمامِ بصره.

خادمي كانَ صديقي !!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن