[ الفصل التاسع عشر ]

2.8K 233 154
                                    


إن ضربتك الحياة بسوطها المرير من خلالِ مواقفَ مشابهة فلن يشكلَ ذلك فرقاً ,
سيصبحُ اعتيادياً لديك في الظاهر وكأنما هوَ مجردُ روتين قد عايشته من قبل وليسَ غريباً .
سيكون ذلك كذباً إن مر كشيء اعتيادي دونَ أيّ تأثير .. ففي العمق حيثُ النفس والقلب يكمنُ الجرحُ الخفي .

كما الحال مع ما يعيشه وأجبرْ نفسه على الاستسلام .. جُلّ ما يصبرُ به نفسه جراء كل ما يتعرضُ له هو أنه كما يظنّ بسببِ خطيئة ارتكبها .. لذا ليستقبل سمعه كل ما يُقال وليتقبل كل يصير له .

فئات من المال انهمرت عليه واستقرت بقربه في موقفِ لم يتمناهً أبداُ.. و بركان الغضب الذي خلفه لا زال يرمي بحممه الحارقة.
لم يتمنى أن تكونَ عودته على هذا المشهد الذي سيرسم له صورةً
بأنه مجرد شخص لا قيمة له .
بعدما عاشَ فترة عصيبة بسببِ المال هوَ لم يعد يهمه إن كان يمتلكُ بعضاً منه ، ولم يتطلعْ إليه كشجعِ من قد قابلهم .
ولكن من أمامه لن يفهم أبداً  .. و منسوبُ الغضب في دمه قد ارتفع .

ـ  التقط مالك الذي ستجوع مالم تأخذه .
قالها ساخطاً صارخاً .. فما يراه منه يصحصحُ أقواليل الناس وإشاعاتهم  التي تدور حوله ،
يعامل الخدم الذي يعلمونَ تحت يديه بجفاء وقسوة حتى أنّه لا يكفُ عن ضربهم وتذليلهم بل ويحرمهم من الطعام والنوم ! .

صمتٌ مهيب حل بينَ الثلاثة.. لا يسمعُ فيه إلا صوتُ تنفسه الحارق
أعين من بجانبه قد شخصت من توتر المكان حتى أن جبينه بدأ بالتعرق وهوَ يرى لأول عِرقَ من أمامه المشتعل ...
صحيحْ أنه قد زاره مراراً .. قد رأى استياءه وامتعاضه التي تظهر في ملامحه .. ولكن مثل ما يحدث الآن .. هي المرة الأولى .

أسرع بخطواته نحو الباب ليغلقه حتى لا يصلَ إلى مسامع الجميع المشاحنة الرهيبة التي تحدث أمامه ..
ولم يتردد من إظهار ابتسامه قبيحة بيّنتْ كثيراً  خباثةَ نفسه رغم دقات قلبه التي تنبض بتوتر . 

بكلِ صبر وهدوء يخيمُ على رولند أخذ يجمع النقود المتناثرة من حوله أمامَ نظرات من خلفه التي يشعرُ بها .
لن يبرر لن يفسر .. بل ولن يرد عليه ،
يكفي ما فعله في السابق من تبريرات .. لا زالَ أثر ذلك مطبوعاً كجرحِ لا زالَ يلتئم .. فكم من المرات قد صدحَ بصوته حتى يبرر أفعاله , أن يُبيّنَ خلافَ الناظرِ إليه .
ولكن هيهات ..  لم يجني عليه فعله ذاك إلا شدّة البؤس ولو أنّه تعلمَ لغة الصمت آنذاك لسلمَ ورضىَ .
وما الموقف الآن  إلا شيء بسيط من صغائر الحياة ومن مواقفَ عصيبة قد مرتْ به فماذا إن ظنّ به ما يريد !؟ .

خادمي كانَ صديقي !!Where stories live. Discover now