[ الفصل السادس عشر ]

3.4K 231 142
                                    



إحساس خانقْ يحيط بقلبه ويأس عميق تأصل بداخله , لم تسعفه الأيام الماضية في معالجة ما يشعرُ به ولم يرحمهُ الفؤاد من سلاسلُ الندم التي تقيدهُ بإحكام .

ترك مسافة شاسعة بينه وبين من يحيطون به من كل جانبِ .. وانغلق داخل زاوية ظلماء خانقه !
كان كمن نزعت روحه من جسده ! فأصبح خالياً من كل شيء .. فقط ما جعله يعيشُ هو قلبه النابض ورئتيه التي تتنفس !
لم يعدْ للطعامِ لذةٌ ولا نكهة .. ولم يرويّ الماء عطشَه !! ..
في كل يومِ ينطوي يختنقُ أكثر ورؤيا مأساةِ قلبه تعادُ مراراً وتكراراً .
انتهى كل شيء بالنسبة له ولم تعدْ تعني له هذه الحياةُ شيئاً . ..
فكانَ آخر قرار ليتحرر من بئسِ مصيره هو أن ينهي صفحة حياته التعيسة تلك .


أغلقَ الكتاب سريعاً دونَ أن يكمل الصفحة الأخيرة التي تنهيّ فيه الرواية التي بين متناولِ يده .. قطبّ حاجبيه بانزعاج شديد ولوى شفتيه كطفلِ صغيرِ يخفي بكاءَ يريدُ إطلاقه.
ـ لا تستحقُ أن تنهي حياتك بالموت بعدَ أن خضتَ فيها الكثير .. كانَ بإمكانك الصمودَ قليلاً أنتَ حقاً أحمق بقرارك هذا .
فُتحَ البابَ وصدرت ضجة أخرجته من انغماسه في سطورِ الكتاب الذي يحتضنه فكان أول ما سمعه هو صوتها الذي يحملُ الكثير من اللوم والذي قطعَ عليه الشعورُ العميق الذي كان يعيشه.
ـ بل أنتَ الاحمق الذي زلتْ قدمه عندما أراد النزول وانتهى بالكسرِ !! .

وضعت بعض المياه المعدنية والوجبات الخفيفة التي أشترتها بكل فوضوية على إحدى الطاولاتِ الصغيرة التي بجانبِ سريرِ أخيها الأبيض .
لمعت عيني ألفريدو بفرح وهو يرى بعض قطع الشكولاتة التي يحبها فلطما كانت هوايته بأن يأكل بعضاً منهما عندما يقرأ أي كتاب .. مدّ يده ليلتقطها متجاهلاً جملتها التي تؤنبه فيها فامتدت يدها لتمنعه من الوصول إليها قائلة بنبرة واثقة .
ـ يجب عليك أن تأكل وجباتِ صحية... أنت مريض الآن .

وضع كتابه بجانبه واعتدل في جلسته أخذَ نفساً عميقاً ونطق بجزع قد تأصل بداخله من كلمة مريض التي أصبح يكرهها بسببها .
ـ أولا لستُ بمريض فقط قدمي كسرت !.. ثانياً ما دخلُ قطعة الشوكولا إن أنا أكلتها ستذهبُ لمعدتي ولن تذهب إلى قدمي !.. .

قال جملته في محاولة واهنة لإقناعها .. ومدّ كلتا يديه كالأطفال عندما يريدونَ بعض الحلوى وحاولَ مرة أخرى أن يستلطفها .
ـ دعيني اتذوقُ قليلاً لعلّ لذاذة الشوكولا وذوبانها في فمي تعطي شجاعة لأكمل آخر صفحة في الرواية حيثُ كيفَ انتحر البطل .

خادمي كانَ صديقي !!Unde poveștirile trăiesc. Descoperă acum