[ الفصل الحادي والعشرون ]

7K 341 313
                                    



فجر أخاذ مزينٌ بغيم منتشرْ ..
ورائحة مطر تنعشُ النسمات والأنفاس ..
تتحركُ وريقات الشجر سروراً بمرور الرياحِ الخفيفة ..
وتهتزُ بعدها راقصة لإيقاع قطرات الماء التي تلامسها .
هو بداية فصل ماطرٍ سَيُظْهِرُ حُوبَة .. ويَكشفُ سراً ! .
•••

وضعَ أصابعَ يده على نافذة غرفته الزجاجية فتلمسَ برودتها التي انسلت إليه وعيناه تنظرُ لقطرات الماء الباردة التي تسيل بخطوط متعرجة عليها .
إنه ولنادرُ الحدوث أن يستيقظ في هذا الوقت بعد يومِ الأمس المرهق وصداعِ الرأس الذي لم يفارقه إلا عندما غرقَ في لجة النوم .
غمرت نفسه طمأنينة وهو يحرك قدميه الحافيتين توقاً لتعانق أنفاسه فجراً جميلاً فكم سيفوتهُ روعةَ هذه اللحظة إن بقي نائماً .
ما إن أصبح بالخارج تحت الغيم حتى هبت نسمة هواء عليلة أنعشت جسده وروحه ,

هوَ يحبُ المطر بجميعِ حالاته سواء كانَ قوياً أم خفيفاً , فهوَ ليسَ ممن يرسمُ الشجنَ على إيقاعِ قطراته .. ولا يفسرُ صوتَ الرعود بغضبِ السماء .. برسوخ تام هوَ يراه مفتاحاً للفرج كيفَ لا وهو أنْقذَ في يومِ ماطرِ شديد أخفاه عن أعين من كانوا يتبعونه .

لم يظهرْ محيط عينيه له الشخص الآخر ونفسه التواقة لعبيرِ من الهدوء أيضاً حيثُ رولند الذي كعادته يستيقظُ باكراً وإن لم ينل كفايته , فإن اعتاد الجسد على شيء كان مأموراً عليه وأشد إلزاماً فسيبرمجُ على ذلك خصوصاً إن بنيّ على عدمِ الأمان .

ولا يخالف تلك القاعدة إلا عندما يصبحُ في حالةِ لا واعية أو أرهق تماما من غيرِ حول ولا قوة كما قد حصل معه هوَ قبلاً عندما نامَ في السيارة بغيرِ وعي منه .

رغمَ ملاحظته لشخصِ سيده الذي ركنَ إلى إحدى جلسات قصره الخارجية إلا أنّه فضل عدمِ القيام بأيّ خطوة أو المضيّ نحوه .. فهوَ يعلم تماماً أنّه ما إن يتصادما حتى يبدآ كلعبة شدّ الحبل .. والذي كثيرُ ما يتنازلُ عن شدة .
لينعم كلاهما الآن بالهدوء والسكينة في ظلِ إيقاع المطرِ الهادئ فلازالَ الوقت مبكراً جداً .

ـــــــــــــــ

انقشعت الغيوم ونشرت الشمس ضياءها بعد أن غادرً الفجرُ وحلَّ البكور , أصوات العصافير التي انهلت على سمعه .. ورائحة حبيبات القهوة المحمصة التي اختلطت مع بقايا رائحة العشبِ المبتلة وصلت إلى أنفه .
فتحَ عينيه التي نامت دونَ أدنى شعور منه وأول ما استقبله هوَ إحساسٌ بألم غزير في رقبته وضعَ يده عليها يدلكها بلطف وقوّم ظهره .
ـ صباحُ الخير .
صوتٌ هادئ وصل إلى مسامعه فعرفَ صاحبه سريعاً .. فها هو قد أقبلَ إليه وفيه يديه كوبُ مزخرف يتصاعد منه الأبخرة ..
وكعادته دائماً في التعامل , أظهر عبوساً صباحياً و تنهيدة عميقة تثير السخط .
- أسوء شيء أن ترى وجهاً تبغضه فورَ استيقاظك فكيفِ يكونُ صباحَ خير ! .
تجاهل رولند ما قاله , وضعَ كوبَ القهوة أمامه ثمّ استدارَ عائداً بصمت متمنياً من كلّ قلبه أن يمتدّ نعيم الهدوء إلى آخر اليوم .
قُطعتْ أمنيته سريعاً وفي وقتِ قياسي جداً .. حينَ نطقَ أمراً إياه بصوته الناعس وهو يمدد كلا ذراعيه .
ـ لنتحدثْ قليلاً .
ولم يعلم وهو عائدٌ إليه بخطواته الهادئة أنّه سيخضع لتحقيق ستثيرُ مجرياته عدمَ رضاه و غضبَ من أمامه .

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Sep 08, 2018 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

خادمي كانَ صديقي !!Where stories live. Discover now