[ الفصل الخامس عشر ]

3.6K 221 73
                                    



الفجوة بين الماضي والحاضر كانت ذا أثر كبير وعميق في قلبه , فشتّان ما بينَ نفسه الآن وما كان عليه قبلاً .
لقد جاهد نفسه على التغيير ! حاولَ إصلاح ما قد كان عليه قلبه , بحثَ ونبشَ عن مصدر ما يبقيّ الابتسامة دائمة على شفتيه, أرادَ أن يكونَ مثلَه ! , أن يزرع بعضاً مما فيه في قلبه ويرويها حتى تتأصل فيه وتكونَ من سماته .

لقد كانَ بحق فضيعاً في تلك الأيام .. عندما كان يصرخُ في وجهه, يعانده , يسببَ الأذى له , ينسب كلّ المشاكلِ بإصبعه نحوه , يحرضَ الجميع عليه , يُحذرُ أخته منه !
وفي المقابل
هوَ يبتسمُ.. يتقبل.. يضحي .. يلينُ معه .. ويمسكُ بيديه ! .
لذا هو اختارَ بقراره الابتعاد عنهما عندما سنحت الفرصة التي اختلقها هوَ لهم للهروب من ذلك الجحيم العفن ! .
وقرر أن يبدأ بنفسه رحلة التغيير ..

ـــــــ

شعرَ بنسائم الصباح الزكية تلطف الجوَ من حوله وتتخلل إلى أعماقه وكأنما هي تريد الولوج لنفسه لتستمع لما يفكر فيه .. فهوَ لا يزالُ يسترجعُ تلك اللحظة عندما تبادلا الحديث سويةً وأخرجَ فيها شيئاً من مكنون قلبه , لقد ذكره ذلك بما كانَ يريده وأعادَ له ذلك الشعور.
ـ صباحُ الخير إيفان ! .
رمشت عيناه عندما تهادى ذلك الصوت لسمعه واستخرجه من أعماق تفكيره , التفت ليرى من يلقي عليه التحية .. فانعكست صورة كبيرِ خدم قصر ماليان في عينيه ..
هو حقاً كاد أن ينسى ما حدث ! لا تزالُ تلك الليلة التي دعاه إلى مائدة العشاء مختزنة في جزء من ذاكرته .
الفتاة التي تعمل معه في نفسِ المطعم و من دلته إلى هذا المكان وأصبحُ يسكنُ بالقرب منها .. من يقفُ أمامه هو والدها ! ..

جلسا سوية خارجَ المبنى على كرسي قديم يطلَ على جدار متهالك .. كان إيفان يختلسُ النظر في كل مرة إلى شيمون بتردد واضح فلم تكن تلك الليلة هي المرة الأولى التي تقابلا فيها !..
فلسانه الآن يريدُ السؤال ومعرفة الحقيقة ولكن بذرة الاحترام والوقار التي زرعها في قلبه تمنعه من إلقائه دونِ أي مقدمات .
ـ جولي إنها ابنتي وثمرةُ فؤادي ! .
هذا ما نطق به شيمون ليبدد من تساؤلاتِ من بجانبه , فحتى ولو لم ينطق إيفان ويسأله فقد عرفَ من بريق عينيه التي تستجدي كشفَ الفضول .
لم يتوقف شيمون عند تلك الجملة فقط بل تابع يسردُ عليه بصوتِ صادق ينبعُ من أعماقِ قلبه .
ـ عندما بدأ المرض يأكل جسد زوجتي العزيزة شيئاً فشيئاً .. لم ترضى أن تفارقَ جنينها آنذاك بل أرادت أن يتذوقَ طعم الحياة في الخارج مثلها ولو على حسابِ مرضها وتألمها .
وقفتُ عاجزاً .. تمنيتُ لو أنّها تستطيع أن تقاسمني ولو القليل مما تشعرُ به ...
أردت حقاً أن ينسكبَ كله بداخلِ جسدي بدلَ جسدها الذي ينبضُ بداخله حياةً أخرى .

خادمي كانَ صديقي !!Nơi câu chuyện tồn tại. Hãy khám phá bây giờ