[ الفصل الحادي عشر ]

3.9K 255 42
                                    


وقف في منتصفِ ساحةِ القصر الذي يعرفُ كلُّ شبرِ منه .. أخذَ ينظرُ إليه بصمت متأملاً إياه فمنذُ مدة ليست ببعيدة كانَ يعملُ هنا وقد كانت فترة هادئة بالنسبة له .
رفعَ رأسه للسماء فانعكسَ لونُ الفجر في عينيه , رغمَ أنّ الوقتَ لا زالَ مبكراً على زيارة من بداخله .. إلا أنّه يشعرُ بأنّه لن يطمئنَ قلبه إلا عندما يطلبُ منه ما جاء لأجله .. فذكرى ليلةِ الأمس لا زالت تتراءى على مسامع قلبه وبصره ..

رفعَ يده ولمسَ بها خدّه الأيمن الذي تورمّ جزءٌ منه واتخذَ لوناً أحمرَ شفاف .. والسبب هو لكمةٌ قوية تلقاها ولازالَ أثرها لم يختفيّ بعد ..

أبعدَ يده فلمسةُ أصابعه هذه لن تجعلها تختفي أمامَ الناظرين إليه ,
فُتحَ الباب .. وكانَ أول ما ظهرَ له هو بِيْن الذي تملكته الدهشة ما إن رأى الزائرَ في هذا الوقت .
تحدثَ بصوتِ رخيم عندما علمَ أنّ من أمامه هوَ كبيرُ خدمِ هذا القصر .
ـ هل بإمكاني التحدث إلى سيدك ؟! .

أمعنَ بِيْن النظرَ إليه .. فهذا الشخص الذي يقفُ أمامه كانَ من قد حمدّ الله أنّه لم يكن في مكانه يعملُ تحتِ إمرةِ سيدِ جاف .
بدى أمامَ ناظريه مختلفاً عما عليه.. فهوَ ليسَ كهيئة خادم بل كأيّ شخصِ عادي .. أدركَ أنّه قد أطالَ إجابته وأنّه قد انغمسَ بعيداً عن سؤاله .
ـ انتظر قليلاً .
قالها ثمّ أسرعَ في خطواته نحوَ سيده الذي كانَ مستيقظاً بالفعل .. وجدَه يخرجُ من غرفةِ نومه بعدَ أن ارتدى ملابسَ عاديه تشابه ملابسَ نومه ,
شعره لا زالَ مبعثراً وها هوَ الآن يتثاءب , اقتربَ منه حتى لاحظه .
ـ سيدي .. خادمُ السيد ميلان في الخارج يطلبُ الحديثَ معك .
أوقفَ ألفريدو تثاؤبه فجأة ووضعَ يده على شعره المبعثر .. .. فما لذي يريده أحدَ خدمِ ميلان في هذه الساعة المبكرة .. بادرَ بسؤاله وهو يدرك أنّه لن يعلم الإجابة إلا بعدَ أن يقابله ..
ـ هل أدخلته !؟ .
أجابه بتردد :
ـ كلا .. أردتُ أن آخذَ الإذن منك .
ابتسم ألفريدو بكل طيبة .. ووضعَ يده على كتفه.
ـ رغمَ أنّك تعلمَ إجابتي ! .
ارتبكَ بيْن فهوَ حقاً يعلمُ بأنّ سيده لا يلزمه دائماً أن يأخذَ الإذن منه .. لكنْه يريدَ أن يكونَ حذراً قليلاً فليسَ كل من قَدم هو صديق .. ولم يملك سوى أن يعتذر له بتهذيب .. وهو واثق بأنّه سوفَ يكرر هذا الأمر .

دخلَ رولند القصر بعدما سمحَ له بيْن بذلك .. وأول ما حطت قدماه عتباته حتى التقت عيناه مع ألفريدو الذي كانَ خلفَ بِيْن .. والذي كانَ كعادته مشرقَ الوجه ,
شعرَ بالحرج بداخله فهوَ يعلم أنّ ذلك الوجه الباسم يحملُ في داخله قلباً كبيراً .. ولم يردِ يوماً أنْ يتسببُ في بعضِ الإزعاج له .. لذلك أخفضَ رأسه وقالَ له بكلِ صدق .
ـ أعتذر عن وقاحتي بمجيئي بمثل هذا الوقت .
علمَ ألفريدو من خلالِ نبرةِ صوته وهيئته هذه أنّه ليسَ عليه القلق على ابن عمه ميلان وأنّه قد جاء إليه في مسألة شخصية .. التفت نحوَ بيْن وقد تفهمّ الأمر قليلاً .
ـ حضّر كوبين من الحليب الساخن بنكهة الكراميل ...
وبنفسِ النبرة تحدث لرولند وهو يشيرُ نحوَ مجموعة من الأرائك داخل قصره ..
ـ لنجلس هنا ريثما يأتي بيْن ..

خادمي كانَ صديقي !!Where stories live. Discover now