شطرٌ من نور.

الشطرُ الخامس و العشرون.

فتح المدير الغرفة ثم دلف إليها وايت ليجدهُ جالسًا يحدق في اللاشيء.

أغلق ذلك الأشيب الباب من خلفهِ ثم وقف وايت مترددًا لعدة لحظات، لم يعرف ما الذي يجب أن يفعله منذ الآن.

قرر أن يختار مقعدًا قريبًا منه فأهانه قبل أن يجلس : ابتعد من هنا أيها المعتوه .. مكانك ليس إلى جواري.

تنهد و هو يرى الصعوبات التي سيواجهها للحديث معه مستقبلًا، بدا كشخصٍ صعب المِراس و عرف أن استخلاص تلك المعلومة لن يكون سهلًا، حدثهُ ببعض الجدية و هو يدخل في صلب الموضوع : سأكون واضحًا، إن لم تخبرني سبب شجاركم فسأتورط في الأمر .. ألا تعتقد أنه بإمكانك مساعدتي؟

أشاح بوجههِ بعيدًا عنه ثم تمتم ببرود : أخبرتك أنك ستتورط، هذا ليس من شأني.

حاول أن يغير مجرى الحديث الذي بدا أنه سيءٌ من البداية فسأل : هل كنت تتمتم ساعة دخولنا؟

استهزأ بهِ كردٍ على سؤاله الأحمق : و هل ترى أنني مجنونٌ أم ماذا؟

زفر بضيقٍ و هو يرى استحالة الحديث معه أو الحصول على ما يفيد، لمَ يتحفظ على سبب شجارٍ عنيفٍ كهذا؟ لم يرَ شيئًا مماثلًا من قبل.

تمتم هازئًا بهِ و هو يعلم ضيق حيلته و سوء موقفه : لن يخبرك أولئك الجبناء أي شيء، و ذلك لصالحهم بالطبع.

شعر بأن استدراجهُ في الحديث قد نجح بعض الشيء فنطق : إذًا هم كانوا المخطئين؟

عاد ليسخر و هو يحمل على وجهه ملامح قد تستفز كل من يراها : من يدري؟

حدّق فيه وايت مطوّلًا ثم تنهد بعنفٍ بعد أن تأكد من استحالة معرفة ما حصل هناك.

أخذ يتأمل المكان من حوله و هو يحاول ترتيب أفكاره، لربما لديهِ سببٌ لا يعرفه؟ سببٌ قد يسبب متاعب أكبر من مجرد مخالفةٍ لعينةٍ في ملفٍ أبله!

ربما شيءٌ قد يؤذيه على الصعيد الشخصي قبل المدرسي؟ حاول أن يختلق حجةً ما من أجل هذا الجالس أمامه إلا أن تصرفاته و نظراته لم تساعده أبدًا.

لن يُرفَض من الجامعة بسبب مخالفةٍ واحدة، لا بأس بواحدةٍ فقط لحماية سر أحدهم .. فقد كان واثقًا أن هذا الهادئ هنا لا يرتكب الحماقات .. لابد أن لديه سببًا حتى و إن لم يعلمه لذلك فقد قرر أن يحترمه و يتماشى معه!

عاد إليهما المديرُ بعد بعضٍ من الوقت حيث ارتدى كل منهما حلة الصمت خلال تلك المدة، كان وايت قد حسم أمره و عرف ما سيقوله للمدير عندما يدخل.

أخبره بأنه لا يعرف شيئًا، و لا أحد منهم سيقول أي شيء، و ليفعل ما يشاء.

بعد تلك المحادثة الصغيرة تم تثبيت ما حدث في محضرٍ ضُمِّن في ملفاتهم المدرسية و قد جرى فصل برايلين لثلاثة أيامٍ من أجل الأذى الذي سببه لأولئك الثلاثة.