الشطرُ الثامن و العشرون.

3.4K 540 407
                                    


- هيا برايلين .. ما رأيك أن تساعدني في صنع باقةٍ من الزهور بدلًا من هذهِ الفروض المملة؟

هكذا تحدث ريموند والد برايلين بينما يخرج مقصًا للزهور من أحد الأدراج.

فور سماعهِ لطلبه فقد لبى برايلين تلك الدعوة بكل لهفةٍ طالما أنه سيتهرب من الفروض المنزلية، كان يحب العمل مع والدهِ كثيرًا .. عملٌ مربَحهُ قليل لكنهُ مريح.

شعر بأن اختياره لإنجاز فروضهِ في مشتل الزهور قد آتى ثماره كما تمنى.

وقف بالقرب منه ثم أخذ ريموند يشير إلى بعض الأزهار و هو يقول : هذهِ الزهور ستعطيها طولًا أكبر و هذهِ ستزيد من تلونها، تابع برايلين من بعده : و هذهِ ستعطيها رائحةً زكية.

عبث بشعرهِ البني الداكن بيديهِ ثم هتف مادحًا إياه : يبدو أنك حفظت درسك بسرعةٍ يا فتى.

كان شابًا في الثانوية إلا أنه لم يكبر أبدًا على تلك الحركات من قبل والده، لا يكبر الفتى على اهتمام أبيه به .. أو كان الأمر هكذا بالنسبة له على الأقل.

بعد ربع ساعةٍ من العمل تمكن فيها برايلين من صناعة باقة الورد تلك رغم أنه كان على وشك إفسادها، بعد عدة ثوانٍ من تأملهما للنتيجةِ النهائية سمعا صوت نايلي و هي تنادي ابنها : براي .. هل أنهيت فروضك؟ لا تنسَ أن لديك امتحانًا أيضًا.

تمتم والدهُ مع ملامح مضحكةٍ على وجهه : اختبئ برايلين .. ستقتلنا!

دخلت إلى المكان لتجد زوجها ينظر إلى أرجاء المكان و هو يصفّر كما لو أنه يريد أن يتجنب الحديث إليها، لم تفهم سبب فعله هذا فسألت : ما بك ريموند؟ أين برايلين؟

ظهر برايلين فجأةً من خلف الباب حاملًا باقة الورد التي صنعها فارتعدت نايلي للحظةٍ و هي تضع يدها على صدرها من هول المفاجأة.

تأملتهُ و هو يجلس على ركبةٍ واحدة ثم رفع تلك الباقة نحوها كما لو أنه فارسٌ ما و هو ينطق بابتسامةٍ فاتنة : أميرتي، شكرًا لكِ لتقبّلكِ هذا الفارس الميؤوس منه، أقسم بأنني سأحميكِ بحياتي البائسة.

أخذت تتأمل تلك الباقة البسيطة، ورودٌ مخمليةٌ بيضاء قد تناسقت مع بضعةِ زهورٍ من الورد الجوري الأحمر، تناثرت أزهار الإستر الضئيلة بين تلك الورود الكبيرة مع عددٍ من الأوراق الخضراء مُكسِبةً إياها رونقًا بسيطًا و آسرًا.

أظهرت ابتسامةً مُرهفةً لفعلِ ابنها حيث أنها علمت ما يخفيه وراءها، ردت عليهِ بنبرةٍ حنونة و هي تتأمل جمال قسمات وجهه : هذا الفارس سيعاقب إن استمر بالتهرب من فروضه، و لن تنقذهُ الورود كما تفعل كل مرة.

رفعت رأسها نحو زوجها ثم تابعت حديثها الذي يفترض به أن يكون محاضرةً أو شيئًا من هذا القبيل إلا أنها شعرت كما لو أنهما لا يسمعان ما تقوله، لم تعرف أن أماراتِ وجهها الفاتنة كانت تسلبهما القدرة على التركيز فيما حولهما.

شطرٌ من نور.Donde viven las historias. Descúbrelo ahora