الشطرُ الثامن و الأربعون.

2.7K 450 363
                                    


نزل بعض السلالم حيث عرف أنها قد اتجهت إلى مكتبه لجلب ما طلبه، رفع رأسه ليلقيَ نظرةً على الممر فوجدها في نهايته حيث عليها أن تنعطف هنا لتذهب إلى مكتبه، لمح ظلًا لأحد واقفٍ في الطرف الآخر لذلك المنعطف .. هناك خطبٌ ما بالتأكيد!

نادى اسمها بصوتٍ طبيعيٍ كي لا يُقلقها إلا أنها لم تستمع له، صرخ باسمها عاليًا بعد أن نال منه القلق : ڨيا!

التفتت إليه أخيرًا فتعجبت من حاله و هو يسير بسرعةٍ نحوها، نطقت موضحة و هي تلوح له : انتظرني سأحضره الآن، عاودت الالتفاف لتسير إلا أنه بات يركض أسرع حتى أمسك يدها بعنفٍ قبل أن تخطو خطوتها الأخيرة لتنعطف.

نطق ببعض الحنق و هو ينظر إليها بعد أن ارتعدت من إمساكه لها : ألم يبدو علي أنني أريد منكِ أن تتوقفي أم ماذا؟

عبر هو للطرف الآخر بيرتا و هي تتراجع بهدوء، أمسكها من كتفها كي تلتفت إليه و يرى ما تحمله حيث كان إناءً حوى ماءً مغليًا كما اعتقد!

حدّثها بغضبٍ لم يتمكن من كبته عندما أدرك ما كانوا يحاولون فعله : لا تعتقدوا للحظةٍ أنني سأترك هذا يمضي دون عقابٍ مثل تلك المرة!

تذكر ما حل بمريضةٍ كان يحدثها كثيرًا حتى شعرن بالغيرة منها و تسببن بكسرٍ لها في إحدى أقدامها، تمكنّ من النجاة بفعلتهن لأنهن دفعن لها مبلغًا من المال لتبقى صامتة.

ارتعدت بيرتا ثم استرقت نظرةً إلى فولڨيا التي كانت تتفقد ذراعها حيث أن إمساك وايت لها آلمها فعلًا.

نطقت فولڨيا أخيرًا بدهشةٍ و هي تنظر إلى هذا الموقف الغريب : هل أنتن مجنوناتٌ إلى هذا الحد؟

نالت غصة البكاء من تلك القابعة تحت أنظار وايت الغاضبة ثم نطقت باستسلام : أنا لا أفهمك سيد والكر، أنت لطيفٌ مع المرضى بلا استثناء إلا أنك لا تضحك مع أحدهم إلا نادرًا، تبدو مغرورًا لبقية الأطباء الموجودين هنا، تحتقر الممرضات جميعهن حتى أن وجهك يصبح مخيفًا معهن، لكن هي .. تلك السوداء الحقيرة لا تستحق أن تراك تبتسم حتى!

لم تتمكن من إكمال جملتها حيث تلقت صفعةً منه على كلماتها الأخيرة، لقد ضاق ذرعًا بذلك حقًا و كان ذلك رده عليها!

وضح لها بعد ذلك و هو يحاول أن يمنع لسانه من أن يزل بشيءٍ قد يندم عليه : أنا لا آبَه بما تظنونه، و ليس أمرًا مهمًا أن تفهموني من الأساس .. نحن هنا لنعمل و لا شيء آخر!

بدأت فولڨيا تستوعب أكثر الموقف الذي هي فيه، الماء المغلي الذي كانت تحمله و لهفة وايت لإمساكها قبل أن تعبر .. كانت على وشك أن تحرق من قبل أولئك المجانين!

تابع وايت حديثه بهدوءٍ أكبر و هو يشير إلى فولڨيا المذهولة : لربما عليكن أن تبدأن بالتصرف مثلها كي أنظر إليكن حتى، إنها لا تهتم بالمظاهر المبهرجة مثلكن.

شطرٌ من نور.Where stories live. Discover now